المجالس المحلية في تونس.. بداية باهتة للحملة الانتخابية

المجالس المحلية في تونس.. بداية باهتة للحملة الانتخابية

08 ديسمبر 2023
من الانتخابات النيابية بتونس في ديسمبر 2022 (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

انطلقت يوم السبت الماضي، 2 ديسمبر /كانون الأول، الحملة الانتخابية للمجالس المحلية في تونس والتي ستستمر لـ 3 أسابيع، حيث يتوجه الناخبون لصناديق الاقتراع في 24 ديسمبر، ويرى خبراء ومراقبون أن هذه الانطلاقة ما زالت باهتة وهزيلة.

ويشارك في الحملة، المستمرة حتى 22 ديسمبر، 7205 مترشحين من بينهم 1028 مترشحاً من ذوي الإعاقة وسيتنافسون في 2155 دائرة انتخابية، وستتوقف الدعايات الانتخابية في 23 ديسمبر، يوم الصمت الانتخابي، حيث تمنع فيه جميع أشكال الدعاية الانتخابية.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد دعا إلى انتخابات محلية في دورة أولى في 24 ديسمبر/كانون الأول الحالي وإلى دورة انتخابية ثانية، بحال لم يتم الحسم في الدورة الأولى، في شهر يناير/كانون الثاني.

وتدور الانتخابات المحلية على مستوى العمادات (أصغر منطقة إدارية) التي تنتخب ممثلاً واحداً عنها، ثم يتم اختيار المجلس الجهوي (على مستوى المحافظة) عبر القرعة بين أعضاء المجلس المحلي، والمجلس المحلي هو مجلس منتخب في كل معتمدية لمدة نيابية محددة بـ 5 سنوات يضم على الأقل 5 أعضاء منتخبين في كل عمادة مع نائب يمثل ذوي الاحتياجات الخاصة من حاملي الإعاقة يتم اختياره عن طريق القرعة بالمعتمدية التي ينتمي إليها.

وتمهد هذه الانتخابات لاختيار أعضاء مجلس الجهات والأقاليم، عددهم 77 عضواً، ويمثل هذا المجلس الغرفة الثانية المنصوص عليها في الدستور الجديد الذي صاغه الرئيس سعيّد بمفرده وعرضه على استفتاء شعبي في 25 يوليو/تموز 2022. 

وبيّن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فاروق بوعسكر، في تصريح صحافي، أن "هذه الحملة لن تكون خافتة كما قالت بعض الجمعيات الملاحظة للانتخابات" مستدركاً بالقول إنها "ستكون ذات خصوصية، حيث لن تكون هناك حملة ضخمة في وسائل الإعلام أو تمويلات ضخمة باعتبار أنها ستكون في العمادات والمعتمديات ومباشرة بين المترشحين والناخبين".

واعتبر رئيس المنظمة التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات (عتيد)، بسام معطر، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "نسق الحملة الانتخابية المحلية في أسبوعها الأول ضعيف جداً، ولم تنطلق تقريباً في عدد من الدوائر الانتخابية، وتعليق الصور والبرامج غائب في مجمل الدوائر، وبعض المترشحين قاموا فقط ببعض اللقاءات المباشرة. وما دون ذلك لا وجود لملامح حملة انتخابية والأمر محتشم جداً، وكذلك على المستوى الإعلامي حيث تبث بعض الإذاعات خطابات المترشحين بينما ألغت هيئة الانتخابات برامج التعبير المباشر في التلفزيون الرسمي".

وشدد معطر على أن "المشهد عموماً لا يوحي بوجود موعد انتخابي فالحملة لم تحرك الحوار والشارع، وضعف الحملة انعكس على المواطن"، مضيفاً أن ذلك يعود إلى "عدم اهتمام المواطنين بتغيير نظام الحكم إلى النظام الرئاسي حيث لم يعد لديه تقدير للانتخابات ما عدا الرئاسية، كما أن تأخر قرار تحديد سقف الإنفاق الانتخابي من قبل الهيئة وضعف هذا السقف المالي ساهما في ضعف الحملة، وهناك عدد كبير من المترشحين يخوضون الانتخابات لأول مرة".

من جانبه وصف المدير التنفيذي لمرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية، ناصر الهرابي، في تصريح لـ"العربي الجديد" بداية الحملة الانتخابية بـ"الباهتة والهزيلة"، مشيراً إلى أن "غياب الحملة يؤثر بشكل مباشر على اهتمام الناخبين ومتابعتهم للاستحقاق الانتخابي بالإضافة إلى تأثيره على الإقبال يوم الموعد الانتخابي".

وأشار الهرابي إلى أن "العديد من العوامل تفسر هذه البداية المتعثرة للحملة الانتخابية، من بينها المرسوم الانتخابي الذي تم وضعه بشكل فردي دون مشاركة الأطراف في العملية الانتخابية ولم يتم عرضه على البرلمان الجديد ولم يساهم الخبراء والمختصون فيه".

وأضاف الهرابي أنه من العوامل أيضاً "التمويل العمومي وسقف الإنفاق المالي، مما يؤثر على التنافسية وتكافؤ الفرص بين الناخبين" مبيناً أن "نسق الحملة ربما يرتفع في نهايتها باعتبار حصر المصاريف في ختام الحملة قبل موعد الاقتراع".

ولاحظ الهرابي "أن عدم فهم المترشحين، وحتى الناخبين، بالقدر الكافي لهذا الاستحقاق الانتخابي يفسر البداية الضعيفة باعتبار أن صلاحيات وأدوار المحليات لم تصدر في قانون كما لم يتم تنقيح المرسوم لتوضيحها".

وأشار المتحدث إلى أن "غياب الأحزاب عن الحملة الانتخابية باعتبار نظام الاقتراع يقوم على الأفراد، وكذلك بسبب مقاطعة طيف حزبي واسع لهذه الانتخابات، قلص من التنافسية والحراك الانتخابي الذي كنا نشهده في محطات انتخابية سابقة".

وأعاد الهرابي ضعف اهتمام المواطنين بالحملة الانتخابية إلى "انشغال الشارع التونسي بالصعوبات الاجتماعية اليوم، والأزمة التي يعرفها العديد من القطاعات التي تمس حياته اليومية، بالإضافة إلى تواصل الأزمة السياسية والاقتصادية التي تلقي بظلالها على البلاد".

ومن جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم الهيئة، محمد التليلي المنصري، في تصريح صحافي، عن النسق البطيء للحملة الانتخابيّة، إنه "ككلّ انتخابات، الحملات تأخذ شكلاً تصاعدياً مع اقتراب الأيام الأخيرة لموعد الاقتراع" مبيناً أنّ "هذه الانتخابات تُجرى في دوائر ضيّقة وأغلب المترشحين يعتمدون الاتصال المباشر بالمواطنين".