الكاميرون... تحالف الانفصال وكورونا الذي يهدد كأس أمم أفريقيا

الكاميرون... تحالف الانفصال وكورونا الذي يهدد كأس أمم أفريقيا

23 ديسمبر 2021
أنصار الرئيس الكاميروني بول بيا يحتفلون بفوزه لولاية رئاسية سابعة في عام 2018 (فرانس برس)
+ الخط -

لم تشهد أي نسخة سابقة لكأس الأمم الأفريقية 2022 ما تشهده الأجواء السابقة للنسخة الـ33، تحديداً لجهة الضجيج المرافق لاستضافة الكاميرون للحدث الأهم كروياً في القارّة.

وقبل أسابيع قليلة من انطلاق صافرة المباراة الافتتاحية بين الكاميرون وبوركينا فاسو، لا يبدو المجتمع الرياضي والسياسي واثقاً من قدرة ياوندي على تأمين استضافة ناجحة وآمنة، على الصعيدين الصحّي، بسبب تفشي وباء كورونا ومتحوّر "أوميكرون"، والأمني، بسبب تزايد الدعوات من الحركات الانفصالية لمهاجمة ملاعب البطولة.

كما أن المخاوف بشأن جاهزية البلاد، تحديداً ملاءمة الملاعب والمنشآت المرافقة لمعايير البطولة، لم تتبدّد بعد.

أسابيع حاسمة قبل تنظيم كأس الأمم الأفريقية 2022

 

وما زاد من الشكوك هو سفر رئيس الاتحاد الأفريقي (الكاف)، الجنوب أفريقي، باتريس موتسيبي إلى ياوندي لإجراء محادثات، حول آخر التحضيرات الكاميرونية.

لكن أرفع مسؤول كروي في أفريقيا، حسم أمر اتحاده، بإقامة كأس الأمم الأفريقية 2022 في الكاميرون، بين 9 يناير/كانون الثاني و6 فبراير/المقبلين.

وأعلن موتسيبي من ياوندي لصحافيين بعد لقاء الرئيس الكاميروني بول بيا، أول من أمس الثلاثاء، أن "في 9 يناير، سأحضر لمشاهدة المباراة بين الكاميرون وبوركينا فاسو" في افتتاح البطولة.

وقال موتسيبي إن متحور "أوميكرون يمثل تحدياً كبيراً"، مؤكداً أنه "لن يتم السماح لأي شخص بدخول الملاعب من دون فحص بي سي آر نتيجته سالبة"، بعدما أعلن المنظمون إلزامية اللقاح والفحوصات للمشجعين.

وأدلى موتسيبي بهذا التصريح إلى جانب الرئيس الجديد للاتحاد الكاميروني لكرة القدم المهاجم الدولي السابق صامويل إيتو. وأضاف موتسيبي "سأكون هناك أيضاً عندما يسلّم إيتو الكأس" في نهاية البطولة.


يخوض انفصاليو أمبازونيا حرباً للانفصال عن الكاميرون

ولم يسبق للكاميرون، الفائزة باللقب الأفريقي خمس مرات، أن بدت بهذا الموقف الضعيف في مسألة استضافة حدث رياضي، فقد سبق لها أن استضافت النسخة الثامنة من البطولة في عام 1972.

كما استضافت العديد من بطولات الرياضات الأخرى، في السنوات الأخيرة. لكن الأوضاع الصحية والأمنية، خصوصاً، بدأت تطغى على الواقع المحلي في البلاد.

انفصاليو أمبازونيا واللجوء الأفريقي

 

وفي عام 2017، أدت حملة أمنية شنتها الحكومة على محتجين سلميين إلى اشتعال صراع شامل بين الجيش التابع للحكومة الناطقة بالفرنسية ومليشيات ناطقة بالإنكليزية.

على الأثر أعلن الانفصاليون على الحدود بين الكاميرون ونيجيريا، تنظيمهم استفتاءً من جانب واحد، رفضته الحكومة المركزية، يدعو للانفصال عن الكاميرون، وإعلان "جمهورية أمبازونيا"، ما أدى إلى نشوب حرب الانفصال، المستمرة للعام الرابع على التوالي.

وأسفر الصراع عن مقتل 4 آلاف شخص ونزوح 700 ألف آخرين. وتعود أسباب الانفصال إلى أن أمبازونيا، كانت خاضعة للاستعمار البريطاني، وسكانها يتحدثون بالانكليزية، فيما باقي الكاميرون كانت واقعة تحت السيطرة الفرنسية ولغتها الرسمية في البلاد.

وأمبازونيا، المعتبرة إقليماً في الكاميرون، طلبت الانضمام إلى الدولة الوليدة مع استقلالها عام 1961 عن فرنسا.

لكن ياوندي تحكّمت بمقدرات الإقليم، مساهمة في تهميش الناطقين بالإنكليزية فيه، وهو ما سبّب الحرب.

بعيدا عن الملاعب
التحديثات الحية

وهدد الانفصاليون أخيراً، بمهاجمة بعثات المنتخبات المشاركة في البطولة، مع توجيههم تهديداً مباشراً للفرق التي تخوض مبارياتها في مناطق أمبازونيا، كونهم يعتبرون أن نجاح البطولة نجاحاً للحكومة الكاميرونية التي تحاربهم.

ووجّهت مجموعة انفصالية تهديداً باستهداف منتخبات المجموعة السادسة من البطولة، تحديداً منتخبات تونس وموريتانيا ومالي وغامبيا، التي ستخوض مبارياتها في مدينة ليمبي، الواقعة في أمبازونيا.

وبحسب موقع "أكتو كاميرون"، فإن وزير الدفاع الكاميروني جوزيف بيتي أسومو، أكد في وقت سابق أن السلطات الكاميرونية تتخذو التهديد على محمل الجد وستتخذ الإجراء المناسب.

والأسبوع الماضي، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الانفصاليين باستهداف المدارس والطلاب والمدرسين.

وأفادت المنظمة في تقرير لها بأن الاعتداءات دفعت ثلثي المدارس في الأقاليم الناطقة بالإنكليزية في البلاد لإغلاق أبوابها، مما حرم أكثر من 700 ألف طالب من التعليم.

ووثّق التقرير هجمات على 70 مدرسة على الأقل منذ عام 2017. وفي ردود تضمنها التقرير لم يعلق قادة الانفصاليين مباشرة على الاتهامات، لكنهم قالوا إن الناس في المناطق الناطقة بالإنكليزية رفضوا نظام التعليم الرسمي طوعاً، وفضّلوا عليه منهجاً دراسياً محلياً يرتكز على اللغة الإنكليزية.

كما وثقت "هيومن رايتس ووتش" 268 عملية اختطاف لطلاب ومهنيين في مجال التعليم منذ عام 2017. وقد استخدم المقاتلون الانفصاليون أيضاً المباني المدرسية كقواعد لتخزين الأسلحة والذخيرة وكذلك احتجاز وتعذيب الرهائن.

ورداً على الانفصاليين، أعادت الكاميرون تطبيق عقوبة الإعدام بعد 20 عاماً من التجميد، في سبتمبر/أيلول الماضي، مع تنفيذه على انفصاليين مشتبه فيهم، على خلفية مقتل سبعة تلاميذ في عام 2020.


هدّد الانفصاليون بمهاجمة منتخبات عدة ومنها تونس

وعلى الرغم من حصول محاولات للتفاوض بين الحكومة والانفصاليين برعاية الأمم المتحدة، في العامين الماضيين، إلا أنها باءت بالفشل.

مع العلم أن الحكومة تفاوض رئيس "الحكومة الانتقالية لأمبازونيا"، جوليوس أيوك تابي وثمانية من رفاقه، المعتقلين في السجن المركزي في ياوندي، حيث يمضون عقوبات بالسجن مدى الحياة صدرت في حقهم في أغسطس/آب 2019 بتهمة "الإرهاب".

في موازاة ذلك تواجه الكاميرون حرباً من نوع آخر ضد جماعة "بوكو حرام" في أقصى الشمال.

ومع أن خطر الجماعة بالنسبة لياوندي ضئيل قياساً بخطرها على دول الجوار الكاميروني، مثل تشاد والنيجر ونيجيريا، إلا أن تعدد الساحات الأمنية يؤثر سلباً على قدرة القوى الأمنية الكاميرونية على التعامل معها.

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت السلطات في الكاميرون، عن مقتل 6 مدنيين وإصابة عدد آخر بجروح جراء هجوم "بوكو حرام". وأكدت السلطات أن المسلحين دهموا قرى واقعة بالقرب من الحدود مع نيجيريا.

كما تواجه الكاميرون تحدياً آخر، يتمثل في لجوء العديد من الهاربين من الصراعات في البلدان المجاورة. ويبلغ عدد اللاجئين في الكاميرون، نحو 500 ألف شخص، أكثر من نصفهم من جمهورية أفريقيا الوسطى.

ولا يشبه تدهور الأوضاع في الكاميرون أي بلد أفريقي آخر، فمرفأ دوالا أساسي للتوريد إلى العمق الأفريقي، خصوصاً نحو جنوب السودان وإثيوبيا، وأي تعطّل للحركة فيه، سيوقف إمدادات إنسانية وطبية إلى نقاط الصراع، خصوصاً في إقليم تيغراي، الذي يواجهة أزمة غذائية وصحية عميقة، بسبب القتال بين القوات الحكومة الإثيوبية و"الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي".
(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)