العراق: تحالفات انتخابية أولية قبيل إغلاق باب التسجيل

05 فبراير 2021
قد تتكرر تحالفات 2018 في الانتخابات المقبلة (الأناضول)
+ الخط -

تغلق المفوضية العليا للانتخابات في العراق، في 10 فبراير/شباط الحالي، الباب أمام تسجيل الأحزاب والتحالفات السياسية الراغبة في خوض الانتخابات المبكرة المقررة في 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وتشهد الكتل الرئيسية في البلاد فوضى كبيرة حيال شكل التحالفات المقبلة وعملية اختيار المرشحين، إذ يتجه أكثرها لجذب وجوه جديدة غير مجرّبة سابقاً، للترشح عنها في الدوائر الانتخابية التي ستخوض فيها السباق الانتخابي. وفي هذا الإطار، يجري التصويب على الجامعات والمهن المهمة في المجتمع، إضافة إلى الزعامات العشائرية والعائلات البارزة في المدن، خصوصاً الجنوبية منها، في تطور لافت على مستوى التنافس، يعكس قلق الأحزاب من خسارة نفوذها في حال رهانها على نفس الوجوه الحالية. ويؤكد نواب وسياسيون لـ"العربي الجديد"، أن التحالفات المسجلة في مفوضية الانتخابات أولية وهشة، وبعضها تمّ بشكل سريع لضمان التسجيل قبل إغلاق الباب من قبل مفوضية الانتخابات.


يمكن لأي حزب خوض الانتخابات بعيداً عن التحالف الذي أدرج اسمه فيه

وكشفت مصادر من داخل مفوضية الانتخابات لـ"العربي الجديد"، أنه تم تسجيل 235 حزباً سياسياً، و28 تحالفاً انتخابياً، وهناك 25 حزباً قيد التسجيل يتوقع أن تمنح إجازة المشاركة في الأيام القليلة المتبقية. وقال قاض في المفوضية لـ"العربي الجديد"، إن المرحلة الثانية من التسجيل في المفوضية ستكون للمرشحين في تلك الأحزاب. وستكون هناك مهلة لتقديمها لغاية الأول من الشهر المقبل أو منتصفه، في حال قرر مجلس الأمناء التمديد. وتحدث عن "تجاوز عدد البطاقات البيومترية المحدثة للناخبين العراقيين عتبة الـ 13 مليون بطاقة، مع استمرار عملية التحديث والتدقيق التي تتم تحت دعم من حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي".

وكشف القاضي عن انتظار وصول أوروبي معني بشؤون الانتخابات إلى بغداد قريباً، لمناقشة ما تحتاجه المفوضية من جوانب فنية تضمن انتخابات عالية المستوى وتظهر النتائج سريعاً فيها، لتجنب تكرار حالة الفرز والعد التي تستمر عدة أيام، وعادة ما تكون فيها أغلب شبهات التلاعب داخل مراكز التدقيق الرئيسية والفرعية.

في المقابل، ذكرت مصادر سياسية في بغداد، أن التحالفات التي سجلت فعلياً في مفوضية الانتخابات، لا يمكن اعتبارها نهائية، إذ سُجّل الكثير منها من دون التوصل إلى اتفاق نهائي أو إعلان عنه، والهدف هو مجرد الحصول على رقم وتسلسل في الانتخابات المقبلة.

والمقصود بالتحالفات الانتخابية هو دخول أكثر من حزب وتكتل سياسي في قائمة انتخابية واحدة تحصل على رقم واسم معينين، ولا يمكن المصادقة على تسجيل التحالف، إلا في حال منح جميع الأحزاب المنضوية إجازة المشاركة في الانتخابات. ويعني هذا أن الحزب، أو الكتلة، سيمكنه تغيير رأيه وخوض الانتخابات بعيداً عن التحالف الذي سجّل اسمه فيه، في حال لم يتحقق الاتفاق النهائي. كما يُسمح فيما بعد بالدخول في التحالفات مع احتفاظ صاحب الامتياز الذي تقدم بطلب التسجيل الحق في تمثيله.

وقال نائب في البرلمان العراقي لـ"العربي الجديد"، إن "التحالفات الانتخابية، التي حسم أمرها بخوض الانتخابات البرلمانية بشكل تحالفات هي تحالفات القوائم الصغيرة من القوى المدنية والأحزاب وبعض الحركات الجديدة. لكن القوى السياسية المتنفذة، لغاية الآن، لم تحسم أمر التحالفات الانتخابية، خصوصاً أن هناك رغبة في أن تكون التحالفات بين هذه القوى تحالفات سياسية ما بعد الانتخابات".

وكُشف عن حراك واسع لتثبيت اتفاق أولي في الأيام المقبلة لتحالف يوصف بأنه "عابر للطائفية"، يقوده عمار الحكيم ويضم كتلاً سنية وشيعية وكردية قد يرى النور قريباً. في المقابل، سيخوض كل من حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر الانتخابات بقوائم منفردة. وفي المجمل، أغلب الكتل ستؤجل تحالفاتها ما بعد الانتخابات البرلمانية، حتى تكون تحالفات سياسية لا انتخابية".

من جهته، ذكر القيادي في "تيار الحكمة" علي الجوراني، أن الحوارات لغاية الآن مستمرة لغرض تشكيل التحالفات الانتخابية، قبل إغلاق باب التسجيل في 10 فبراير الحالي. ونوّه، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "قبل إغلاق الموعد المحدد لتشكيل التحالفات الانتخابية، سيكون هناك إعلان تشكيل تحالف كبير يضم قوى سياسية بارزة ولها ثقلها (شيعية – سنية – كردية)، وربما هناك تحالفات عدة سوف تعلن، خصوصاً أن هكذا قضايا دائماً ما تُحسم وتُعلن في الساعات واللحظات الأخيرة". وأضاف "نعمل على تشكيل تحالف انتخابي كبير يستطيع أن يشكل الحكومة العراقية الجديدة المقبلة، ويكون مقابلة تحالف يكون عمله المعارضة، حتى يكون هناك بناء حقيقي للدولة العراقية، وهناك قوى بارزة داعمة لهذا التوجه، وربما يكون هو الأقرب في المرحلة المقبلة".

قانون الانتخاب الجديد فرض على بعض القوى السياسية خوض الانتخابات البرلمانية بشكل منفرد

من جهته، قال عضو في الحزب الشيوعي العراقي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الحزب لن يكرر تجربته السابقة وسيدخل الانتخابات بثوبه وفكره وأهدافه التي يعرفها الناس". وكشف عن وجود عروض من جهات عدة للدخول معها في تحالف، بعضها كتل سياسية ذات صبغة طائفية، لكن الحزب لا يريد تكرار تجربة "سائرون" وتحالفه مع الصدر، ورغم وجود انقسامات حادة في الحزب حول ذلك، لكن الأقرب له عملياً "هم المدنيون الذين ولدوا من ساحات التظاهرات".

واعتبر أن "التحالفات الحالية مرتبكة ولا يتوقع أن تستمر، وإن استمرت فلن تكون أكثر من مجرد غطاء لاتفاقات غير معلنة حول الحكومة الجديدة وحصص كل طرف، بمعنى أن كل حزب سيكون نصيبه داخل التحالف بعدد المقاعد التي يحصل عليها في البرلمان. بالتالي، فإن الإعلان عن تسجيل تحالفات هذه المرة يختلف كثيرا عن التحالفات في الانتخابات السابقة (2018)، والسبب هو الدوائر المتعددة والقانون الجديد للانتخابات الذي لا يمكن الجزم بنتائجه بالنسبة للأحزاب".

بدوره، رأى المحلل أحمد الشريفي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "قانون الانتخابات الجديد فرض على بعض القوى السياسية خوض الانتخابات البرلمانية بشكل منفرد، وليس عبر تحالفات انتخابية كبيرة، حتى لا تخسر هذه القوى من مقاعدها البرلمانية لصالح الكتل المتحالفة معها". وأضاف أن "غالبية القوى السياسية الكبيرة والبارزة، ستخوض الانتخابات بشكل منفرد، لكنها تخوض الآن حوارات تشكيل التحالفات السياسية لمرحلة ما بعد الانتخابات. ومن الآن، تعمل هذه القوى على أن تكون هي المحرك الرئيسي لاختيار الحكومة الجديدة". ورأى أنه "حسب المعطيات والمؤشرات، فإن خريطة التحالفات الانتخابية وحتى السياسية، ستكون مشابهة لشكل التحالفات التي جرت في انتخابات 2018. وستكون هناك عدة محاور وجبهات، وتقابل هذه المحاور والجبهات جهات تعارضها في الرؤى والأهداف".

مع العلم أن 25 مليون عراقي سيشاركون في الانتخابات المقبلة في 83 دائرة، لانتخاب 329 نائباً. وتتم الانتخابات تحت قانون جديد قائم على مبدأ الفوز لأعلى الأصوات، وليس على القانون السابق الذي نُظّمت 4 نسخ انتخابية سابقة على أساسه، والقائم على احتساب متوسط القاسم الانتخابي لكل حزب أو كتلة سياسية، وفقاً لطريقة "سانت ليغو". واعتُبرت منحازة للكتل السياسية الرئيسية ضد الكتل الصغيرة أو المستقلين الذين لا يملكون أحزاباً.