الشهيد الفلسطيني فوزي مخالفة.. إعدام ميداني عن سبق إصرار واستسهال للقتل

23 يوليو 2023
56 رصاصة على الفتى مخالفة تكشف تعطش الاحتلال للقتل (Getty)
+ الخط -

ست وخمسون رصاصة أطلقها جنود الاحتلال الإسرائيلي ليل أول أمس الجمعة، على المركبة التي كان يستقلها الشهيد فوزي مخالفة، ابن التسعة عشر ربيعاً، وهو يقود مركبته في مسقط رأسه في بلدة سبسطية شمال نابلس شماليّ الضفة الغربية، أصابت خمس منها على الأقل رأسه وصدره، فقتلته على الفور.

الحادثة التي وقعت في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية، على أطراف بلدة سبسطية التاريخية شمال مدينة نابلس، لا يمكن وصفها إلا أنها عملية إعدام عن سبق الإصرار، نفذها جنود الاحتلال دون أن تشكل المركبة ومن فيها أي خطر عليهم، كما يقول قسام الشاعر، شاهد العيان الوحيد على الجريمة.

يقول الشاعر في حديث لـ"العربي الجديد": "كنت أقف على سطح بيتنا، وشاهدت نحو أربعة عشر جندياً إسرائيلياً يسيرون مشياً على الأقدام وتمركزوا على جانبي الطريق غير المضاءة التي تسلكها المركبات الفلسطينية وصولاً إلى قرية دير شرف المجاورة".

ويلفت الشاعر إلى أن سيارة الشهيد مخالفة، الذي كان معه صديقه محمد عمر مخيمر، فوجئت بجنود الاحتلال، فهم نادراً ما يحضرون في ذلك المكان، وحاول التوقف تماماً، لكن الجنود عاجلوه بصلية من الرصاص من مسافة قصيرة جداً، ففقد السيطرة عليها، لتصطدم بجدار إسمنتي قريب.

جنود جيش الاحتلال لم يكتفوا بذلك، بل أطلقوا وابلاً من زخات الرصاص تجاه السيارة من الخلف، اختبأ الشاعر خشية من الإصابة بالشظايا التي كانت تتطاير كالشرار، وفق وصفه، لكنه بقي يراقب كيف هجم الجنود على المركبة، وسحبوا الشاب الثاني الذي تبين أنه انبطح على أرضية المركبة ولم يصب إلا برصاصة واحدة في يده، وأجروا معه تحقيقياً ميدانياً، وهو في حالة من الذهول.

ويؤكد رئيس بلدية سبسطية محمد عازم لـ"العربي الجديد" تلك الرواية، موضحاً أن ما جرى هو "إعدام بكل ما تحمله الكلمة من معنى". ويلفت عازم إلى أن الشهيد وصديقه كانا في طريقهما لتفقد المصنع الذي يملكه والد الشهيد، فخرج عليهما جنود الاحتلال من بين الأشجار وأمطروا المركبة بأكثر من خمسين رصاصة.

"يد خفية على الزناد"

ويفند عازم ادعاءات الاحتلال بأن الشهيد ينوي تنفيذ عملية دهس لأنه لم يكن يعلم بوجود الجنود، ولم يكن هناك أي إطلاق نار تجاه حاجز للاحتلال قريب من المكان، "بل هي تطبيق عملي لتعليمات قيادة جيش الاحتلال للجنود في الميدان بوضع رصاصة دوما في "بيت النار"، أي في وضعية دائمة لإطلاق الذخيرة، وهي ما تعرف أيضاً بسياسة اليد الخفية على الزناد".

ويتابع عازم: "هذا استسهال للقتل، ودعوة للمزيد منه، دون أي رادع أو ملاحقة، وتشجيع الجنود على ارتكاب الجرائم دون أن يرفّ لهم جفن".

ويؤكد عازم ضرورة ملاحقة الاحتلال على هذه الجريمة، قائلاً: "سنعمل مع العائلة والمؤسسات الحقوقية على توثيق دقيق لكل ما جرى، وبشهادة الشهود الثقات، ورفع الملف للجهات المختصة لملاحقة الاحتلال قانونياً وقضائياً في المحافل كافة".

إعدام ميداني

وأعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي رفضها تكراراً كل الضغوط لتغيير سياستها بخصوص "قواعد الاشتباك" في الضفة الغربية، من منطلق القناعة الإسرائيلية الكاملة، بأن من حق الجندي الإسرائيلي أن يضغط على الزناد متى استشعر الخطر، وأن يقتل بلا تردد، ومن دون أن يرفّ له جفن.

 وهذه السياسة الإسرائيلية في الضغط السريع على الزناد ليست وليدة مرحلة سياسية معينة، فهي قائمة في زمن حكم مختلف الأحزاب اليمينية واليسارية، وقبل توقيع اتفاقية أوسلو وبعدها، وفق المختص في الشؤون الإسرائيلية عزام أبو العدس.

ويلفت أبو العدس في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن قيادة جيش الاحتلال أصدرت في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تعليماتها لجيشها، وتقضي بإطلاق النار المباشر على الشبان الفلسطينيين الذين يلقون الحجارة والزجاجات الحارقة، سواء خلال إلقاء الحجارة، أو بعد إلقائهم الحجارة، وحتى بعد انسحابهم من المكان، بل سمح بإطلاق النار باتجاه أشخاصٍ يدخلون إلى قواعد عسكرية أو مناطق إطلاق نار.

ويوضح أبو العدس أن هذه التعليمات تعطي للجنود الإسرائيليين الحق الكامل في استخدام الذخيرة الحية، في حال شعورهم بخطرٍ يهدّد حياتهم، ما يعني، بوضوح، القيام بعمليات إعدام ميداني ضد الفلسطينيين، بذريعة حماية الجنود أنفسهم، في أثناء اقتحاماتهم مدن الضفة الغربية، وقد تكون هذه الأوامر وراء ارتفاع عدد الشهداء في الضفة الغربية إلى أكثر من 190 شهيداً منذ مطلع العام الحالي، خلافاً لمئات الجرحى، وفق المختص أبو العدس.