السفير الإيراني ببغداد: "تلاعب أميركي بالألفاظ" في مفاوضات الانسحاب

12 مايو 2024
السفير الإيراني في العراق محمد كاظم آل صادق (إكس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- السفير الإيراني في بغداد ينتقد الولايات المتحدة لتلاعبها في خطاب المفاوضات حول الوجود العسكري الأمريكي في العراق، مشيرًا إلى استياء العراقيين والفصائل المسلحة من هذا الوجود.
- عضو تحالف "الإطار التنسيقي" يدعم تصريحات السفير، مؤكدًا على رفض الحكومة والقوى السياسية العراقية لأي محاولة أمريكية لإطالة فترة وجودها العسكري دون جدول زمني للانسحاب.
- السفير آل صادق يكشف عن تفاصيل الاتفاقية الأمنية بين بغداد وطهران، تشمل مراقبة الحدود ونزع سلاح المعارضة، ويشير إلى التعاون القضائي بين البلدين في قضية اغتيال قاسم سليماني.

قال السفير الإيراني في بغداد، محمد كاظم آل صادق، اليوم الأحد، إن واشنطن تتلاعب في خطابها مع الحكومة العراقية حول المباحثات الجارية بين الطرفين لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق، لافتا إلى أن المسؤولين والشعب والفصائل المسلحة في البلاد، "منزعجون"، من هذا الوجود.

وقال السفير الإيراني في مقابلة موسعة أجرتها معه وكالة "إيسنا"، إن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يعتزم إنهاء الوجود العسكري الأميركي في بلاده، وحسم هذا الملف خلال فترة رئاسته للحكومة.

وأضاف: "جرت جولتان من المفاوضات بين بغداد وواشنطن في الفترة الأخيرة، لكن وجهة نظري أنه لا توجد وحدة خطابية بين الجانبين في هذا المجال. العراقيون يؤكدون على جدولة الانسحاب، والأميركيون يؤكدون على تغيير مهمة قواتهم العسكرية"، موضحا أن "الأميركيين حولوا في مرحلة مهمة قواتهم العسكرية إلى استشارية، والآن يريدون تغيير المهمة الاستشارية إلى التعاون الثنائي. وفي الواقع هم يتلاعبون بالكلمات، وعلى العراقيين أن يتابعوا هذه المفاوضات بذكاء أكبر حتى يتم خروج هذه القوات في أسرع وقت ممكن".

وسبق أن أحدث بيانان أميركي وعراقي منتصف فبراير/شباط الماضي، لغطا واسعا داخل العراق بسبب الاختلاف في توصيف المباحثات الحالية بين البلدين، حيث ذكر البيان العراقي أن "العراق والولايات المتحدة أجريا محادثات من أجل صياغة جدول زمني لخفض مدروس وتدريجي وصولا إلى إنهاء مهمة قوات التحالف الدولي في العراق". لكن البيان الصادر عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الميجر جنرال بات رايدر، قال تعليقا على المفاوضات إن "القوات الأميركية موجودة في العراق بناء على دعوة من الحكومة العراقية، وإنه ليس على علم بأي طلب رسمي محدد لمغادرة القوات الأميركية"، معتبرا أن "اجتماع اللجنة العسكرية العليا في بغداد خطوة مهمة أخرى على طريق الانتقال من مهمة التحالف العسكري إلى الشكل الذي سيبدو عليه الوجود العسكري الأميركي والعلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة والعراق".

وحول ذلك، قال عضو تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق عائد الهلالي، لـ"العربي الجديد"، إن "تصريحات السفير الإيراني في ما يتعلق بالمفاوضات ملموسة". وأضاف الهلالي أن "الجانب الأميركي يعمل على إبقاء قواته لفترة أطول داخل العراق، ويواصل مساعي إفراغ المفاوضات من مضمونها، رغم جدية الحكومة العراقية في حسم هذه المسألة.

وقال المسؤول العراقي إن "الجانب الأميركي يريد تغيير صفة وجوده في العراق فقط، ويحتفظ بهذا الوجود، وهذا الأمر ترفضه الحكومة والقوى السياسية العراقية" لافتا إلى أن بغداد لن توافق على أقل من جدول زمني ثابت لخروج القوات الأميركية، وسترفض أي محاولة لتغيير صفة وجودها "من خلال التلاعب بالمسميات".

من جانبه، قال الخبير بالشأن السياسي العراقي، أحمد العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إن تصريحات السفير الإيراني حول وجود تباين في توصيف الطرفين للمفاوضات، لم تأت بجديد، لأن ما يجري هو "واقع ملموس من الجميع"، مضيفا أن "ذلك يؤكد حقيقة وجود شيء ترغب الحكومة بألا تكون صريحة فيه مع العراقيين. نعتبر أن المفاوضات الحالية لن تكون من أجل إنهاء الوجود الأميركي، إنما لإحداث تغييرات قد تكون هي أيضا غطاء لكسب مزيد من الوقت".

ويوجد نحو 2500 عسكري أميركي في العراق، ضمن التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده واشنطن منذ سبتمبر/أيلول عام 2014، ويتوزع الجنود على ثلاثة مواقع رئيسية في العراق، هي قاعدة عين الأسد في الأنبار، وقاعدة حرير في أربيل، ومعسكر فيكتوريا الملاصق لمطار بغداد الدولي، ويضاف للقوات الأميركية، قوات فرنسية، وأسترالية، وبريطانية، تعمل ضمن قوات التحالف، وأخرى ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العراق.

الصورة
منظر عام لقاعدة عين الأسد، الأنبار 8 يوليو 2021 (Getty)
منظر عام لقاعدة عين الأسد، الأنبار 8 يوليو 2021 (Getty)

في سياق آخر، كشف آل صادق، عن قبول الحكومة العراقية، بتغيير عنوان عملية قتل رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، في يناير/كانون الثاني 2020، من "عمل ترامب الإجرامي"، إلى "عمل ترامب الإرهابي"، واصفا ذلك بأنه "خطوة مهمة".

وأشار السفير إلى "تبادل قوائم المتهمين بهذه الجريمة (اغتيال سليماني) بين إيران والعراق، وأن هذا الأمر لا يزال قيد المتابعة من قبل السلطات القضائية في البلدين"، وقال: "العملية في هذا المجال بطيئة، ولكن المتابعة مستمرة ونأمل أن نرى النتائج قريبا".

السفير الإيراني: 3 بنود مهمة في الاتفاقية الأمنية

وبشأن الاتفاقية الأمنية بين بغداد وطهران، أشار آل صادق إلى ثلاثة بنود مهمة فيها تتضمن مراقبة الحدود من قبل الحكومة العراقية، ونزع سلاح المعارضة وتبادل "المجرمين"، والتأكيد على نقل القوات المعارضة من الحدود إلى أعماق الأراضي العراقية.

وبين السفير الإيراني أن "ملف النقل جرى بشكل جيد، وجرى تصميم معسكرات بهذا الخصوص، وهناك ثلاثة مخيمات في أربيل ومعسكر واحد في السليمانية لهذا الشأن. وفي منطقة السليمانية حيث تتجمع هذه القوات، تقوم قوات الاتحاد الوطني لإقليم كردستان ببناء جدار لمحاصرة هذه القوات".

وحول نزع سلاح الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة الموجودة في العراق، أوضح آل صادق أيضا أن "نزع السلاح يعني أنه جرى أخذ الأسلحة شبه الثقيلة منهم". وبشأن الملف الأمني قال آل صادق: "حذرنا المسؤولين العراقيين مرارا وتكرارا من أن أمننا القومي هو خطنا الأحمر. وللأسف، في إقليم كردستان العراق، وبسبب وجود القوى الإقليمية هناك، نشهد أحيانا مخططات عدائية ضد إيران".

وأضاف: "قلنا للمسؤولين العراقيين: عندما تتعرض إيران للتهديد من أي جهة فإننا سنرد بحزم وفعلنا ذلك. بعد هذه الحادثة (قصف مواقع في كردستان)، جرى تبادل زيارات ووفود بين مسؤولي البلدين، وجرت المفاوضات في أجواء ودية وأخوية بين البلدين، وجرت تسوية التوتر".

المساهمون