الرئيس الجزائري يصل إلى بكين: قليل من السياسة كثير من الاقتصاد

الرئيس الجزائري يصل إلى بكين: قليل من السياسة كثير من الاقتصاد

17 يوليو 2023
من استقبال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في بكين (فيسبوك)
+ الخط -

وصل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى العاصمة الصينية بكين قادماً من الدوحة، في زيارة تدوم خمسة أيام، يجري خلالها محادثات مع نظيره الصيني شي جين بينغ حول ملفات سياسية ثنائية ودولية ومسائل الاقتصاد والطاقة والتجارة.

 الزيارة التي تعد الأولى لرئيس جزائري إلى الصين منذ 15 عاماً، من المتوقع أن تدفع العلاقات بين البلدين إلى أفق جديد في التعاون والشراكة والاستثمار.

وسيجري الرئيس تبون محادثات سياسية مع نظيره الصيني وعدد من المسؤولين في الحكومة والحزب الشيوعي الصيني، بينما سيأخذ الجانب الاقتصادي الحيز الأكبر من تلك الزيارة التي تترجم عقوداً من العلاقات السياسية المثالية بين الجزائر وبكين منذ ما قبل استقلال الجزائر.

ويرافق الرئيس تبون وفد من تسعة وزراء، على رأسهم وزير الخارجية أحمد عطاف إضافة إلى وزراء المالية والطاقة والمناجم، والبريد والاتصالات، والصناعة والإنتاج الصيدلاني، والتجارة والأشغال العمومية، والسكن، واقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، ما يؤشر إلى الطابع الاقتصادي للزيارة التي من المقرر أن تبحث عدداً من مشاريع البنية التحتية واستثمارات حيوية كان قد تم الاتفاق عليها في السابق ويجري تنفيذها في الجزائر.

ومن أبرز هذه المشاريع الحيوية الممولة من الصين وتراهن عليها الجزائر لدعم خطة الانتقال إلى اقتصاد لا يعتمد على المحروقات، مشروع استغلال منجم الحديد بغار جبيلات، جنوبي الجزائر، بدعم صيني (ظفرت به ثلاث شركات صينية لاستخراج مليوني طن من خام الحديد سنوياً)، ومشروع الفوسفات المدمج ببلاد الهدبة بتبسة قرب الحدود بين الجزائر وتونس (استثمار صيني بقيمة سبعة مليارات دولار في قطاع الفوسفات لإنتاج 5.4 ملايين طن من الأسمدة بمختلف أنواعها سنوياً)، ومشروع استغلال منجم الزنك والرصاص بواد أميزور ببجاية، شرقي البلاد، وتطوير حقل نفطي، جنوبي الجزائر، ومحطات للطاقة الشمسية.

كما يرافق تبون خلال الزيارة التي ستشهد انعقاد مجلس الأعمال الجزائري الصيني مدراء كبرى الشركات الاستراتيجية الحكومية، كشركة سوناطراك للمحروقات وشركة الكهرباء سونالغاز، وأكثر من 120 من رجال الأعمال ومدراء المؤسسات الاقتصادية الحكومية والخاصة في مختلف القطاعات الإنتاجية.

ملفات سياسية

ومن المتوقع أن تناقش الزيارة ملفات سياسية وقضايا دولية، كمسألة انضمام الجزائر إلى مجموعة "بريكس" ومنظمة شنغهاي للتنمية، حيث تأمل الجزائر في مزيد من الدعم الصيني نحو هذه الخطوة.

كما يتوقع أن تناقش الزيارة ملف الأمن في منطقة الساحل وأفريقيا، والحرب في أوكرانيا ومقترح الوساطة الذي تقدمت به الجزائر، وقضايا التعاون بين البلدين داخل مجلس الأمن الدولي بداية من العام المقبل، حيث تحوز الجزائر على مقعد غير دائم للفترة 2024-2025.

وقالت وزارة الخارجية الصينية إن "الجانب الصيني يتطلع من خلال هذه الزيارة إلى بذل جهود مشتركة مع الجانب الجزائري، لتعميق الثقة المتبادلة وتوسيع التعاون وتعزيز الصداقة، بما يحقق تطوراً أكبر لعلاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، ويقدم مساهمة أكبر في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وتعزيز الوحدة والتعاون بين الدول النامية".

وساعد تطوير المشاريع الصينية في الجزائر منذ عام 2002، والانفتاح التجاري الكبير للجزائر على الصين، في تصدر الصين قائمة الممولين التجاريين للجزائر بقيمة سبعة مليارات دولار.

وترتبط الجزائر والصين باتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي وقعت في العام 2014. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقع البلدان على الخطة الخماسية الثانية للشراكة الاستراتيجية للفترة 2022-2026، فيما كانت الجزائر قد انضمت إلى الخطة التنفيذية للبناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق منذ عام 2018، وأيضاً إلى خطة التعاون في المجالات الرئيسية التي تمتد حتى عام 2024. 

وأشار أستاذ العلوم السياسية الجزائري مولود ولد الصديق إلى ما وصفه تحولاً يمكن أن تحمله هذه الزيارة، بما يتجاوز البعد الاقتصادي والتعاون التجاري والاستثمارات.

ولفت في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الصين تقع في دائرة اهتمام جزائري في مجال حيوي آخر، هو التسلح والصناعات العسكرية، وقال إن "زيارة الرئيس الجزائري إلى الصين كانت موضوعة على أجندة الطرفين منذ أزيد من سنتين، وهي عكس زيارته لروسيا أو تلك التي كانت مرتقبة لفرنسا، تم التحضير لها بهدوء وبسلاسة وبمعالجة شاملة للملفات المرتقب بحثها بين الطرفين".

وأضاف: "تولي الجزائر أهمية بالغة لهذه الزيارة ومن المؤكد أن مخرجاتها ستنعكس إيجاباً في طبيعة العلاقات بين البلدين لتتم تنميتها للجانب العسكري، وهذا ما تعول عليه الجزائر".

وتوقع ولد الصديق أن تحدث زيارة الرئيس الجزائري إلى بكين صدى لدى الغرب، أسوة بزيارته إلى موسكو، وقال: "هناك مخاوف وانزعاج لدى الغرب والاتحاد الأوروبي من تنامي حجم الاستثمارات الصينية وبالتالي استحواذ الصين على صفقات كبرى بمليارات الدولارات في قطاعات استراتيجية في الجزائر، ومن أن تكون الجزائر المرتكز الرئيس للصين لتمدد مشروع الطريق والحزام في منطقة أفريقيا". 

وإضافة للجانب الاقتصادي والسياسي، تبرز مواقف تاريخية في علاقات البلدين، إذ كانت الصين أول دولة غير عربية تعترف بحكومة الثورة الجزائرية عام 1958، بينما قادت الجزائر دعم المجموعة الأفريقية لاستعادة الصين مقعدها في مجلس الأمن في بداية السبعينيات.

وكان الرئيس الجزائري قد توقف في طريقه إلى بكين في العاصمة القطرية الدوحة، حيث أجرى محادثات سياسية مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والتقى رئيس مجمع قطر للاستثمار معتز الخياط، لبحث تسريع وتيرة عدد من المشاريع الاستثمارية القطرية في الجزائر.
 

المساهمون