الحدود العراقية مع سورية: خطوات بطيئة لإكمال السور الأمني

الحدود العراقية مع سورية: خطوات بطيئة لإكمال السور الأمني

29 مايو 2022
يعتمد تأمين الحدود العراقية السورية على الجنود (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من بدء السلطات العراقية مشروع إنشاء السور الأمني على طول الحدود مع سورية، والبالغ نحو 620 كيلومتراً، منذ منتصف عام 2018، إلا أن مسؤولين عسكريين وأمنيين يؤكدون أن ما تم إنجازه من التحصين للحدود لا يتجاوز فعلياً نصف المساحة الحدودية. ويرجعون ذلك لأسباب جغرافية ومالية وتقنية مختلفة.

ونقل العراق خلال السنوات الماضية عشرات الآلاف من العوارض الإسمنتية التي كانت داخل المدن، مستغلاً التحسن الأمني فيها، إلى الشريط الحدودي مع سورية، من ناحية الغرب تحديداً، مع إشراك وحدات الجيش وحرس الحدود في مهام التحصين.

إنجاز 50 % من السور الحدودي مع سورية

إلا أن مسؤولاً رفيع المستوى في قيادة العمليات المشتركة في بغداد يؤكد، لـ"العربي الجديد"، أنه لم ينجز من السور الأمني أكثر من 50 في المائة، فيما يتم الاعتماد على الجهد البشري للقوات العراقية لإغلاق النسبة الباقية، خصوصاً مع توجيهات عليا بعدم الاعتماد على القوات الموجودة في الجانب الآخر من الحدود.


مسؤول عراقي: لم ينجز من السور الأمني أكثر من 50 في المائة
 

ويُقصد بالسور الأمني مجموعة تحصينات، تشمل جدارا إسمنتيا عاليا في مناطق جغرافية، ونفقاً بعرض 4 أمتار وعمق 3 أمتار في أخرى، مع الأسلاك الشائكة وأبراج المراقبة والكاميرات الحرارية الليلية والمراصد الذكية للحركة، التي تعهد التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، مسبقاً بتوفيرها.

وتتنوع الإجراءات المتخذة لتحصين الحدود وفقاً لطبيعة الأرض وتضاريسها. لكن وفقاً للخطة، فإن النفق، أو ما بات يطلق عليه الشق الطولي، والسور الإسمنتي هو ما قررت القوات العراقية أن يكون في أغلب مناطق الحدود، كونه يشكل حماية لها وعامل تقليل للجهد البشري.

تأمين الحدود يعتمد على الجهد البشري

ووفقاً لمسؤول عسكري رفيع في قيادة العمليات المشتركة في بغداد، فإن تأمين الحدود لا يزال يعتمد بالدرجة الأولى على الجهد البشري للجنود وعناصر الأمن العراقيين، وتتم عمليات الرصد بالعين المجردة لكثير من المساحات، ونواجه مشاكل مع تكرار العواصف وانخفاض مستوى الرؤية.

ويقول المسؤول، لـ"العربي الجديد"، إن مشروع السور الأمني لم يكتمل منه أكثر من 50 في المائة من الحدود، وجرى بشكل متقطع في بعض الأحيان بين منطقة حدودية وأخرى، وحالياً نركز على المناطق الهشة منه، أو التي تتكرر عبرها عمليات إرهابية في الجانب السوري.

ويلفت إلى أن قوات النظام السوري ومليشيا "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، "لا يمكن الثقة بها، أو استئمانها على أمن الحدود، بسبب استشراء الفساد في صفوفها".

عراقيل تواجه إكمال السور الأمني

وحول التأخر في الانتهاء من مشروع السور الأمني، يوضح أنه يعود "لأسباب جغرافية، متعلقة بطبيعة الحدود التي تتنوع من صحراوية إلى جبلية، وأخرى أمنية تتعلق بضرورة القيام بعمليات تطهير من الألغام. وهناك عراقيل من مليشيات مسلحة، لديها أجنحة داخل سورية ترفض إغلاق الحدود بشكل كامل، وقامت مؤخراً بهدم بعض القطع الإسمنتية لمرور شاحنات وسيارات تابعة لها".

من جهته، يؤكد قائد قوات حرس الحدود العراقية - المنطقة الثانية المسؤولة عن الحدود مع سورية، العميد حازم إسماعيل هتيمي، لـ"العربي الجديد"، أن مشروع الجدار الأمني على الحدود العراقية السورية يشمل "العديد من المهمات".


حازم هتيمي: العراق تقدم بشكل كبير في حماية أمنه القومي والحدودي مع سورية

ويلفت إلى أن القوات العراقية "أنجزت جزءاً كبيراً منه، فهو إلى جانب وضع الكتل الخراسانية التي تمنع مرور الشاحنات أو السيارات بغير علم الدولة، فإن هناك تجهيزاً لمنظومة دفاعية كبيرة جرى العمل عليها، إضافة إلى نصب الأسلاك الشائكة ومنظومة بي آر سي (الأسلاك المكهربة)، ناهيك عن تهيئة الجنود على الاستعداد القتالي الدائم لمنع أي خرق أمني".

ويشدد هتيمي على أن "العراق تقدم بشكل كبير في حماية أمنه القومي والحدودي مع الجانب السوري، لكن هناك تحديات أمنية مستمرة، تسعى قيادة حرس الحدود للتعامل معها، وإنهاء أي مخاطر تهدد أمن المدن العراقية".

ويمثل ملف الحدود العراقية السورية، البالغة نحو 620 كيلومتراً، وتمتد من محافظة الأنبار غربي العراق التي تقابلها بلدة البوكمال من الجهة السورية، وصولاً إلى محافظة نينوى التي تقابلها من الجانب السوري محافظة الحسكة، أحد أبرز التحديات الأمنية للعراق. ويقدر عدد القوات العراقية التي تنتشر على طول الحدود بأكثر من 50 ألف جندي، موزعين بين قوات حرس الحدود والجيش والشرطة الاتحادية، إضافة إلى فصائل "الحشد الشعبي".

ويؤكد قائد شرطة الأنبار السابق اللواء طارق العسل أن "الأميركيين كانت لديهم رغبة كبيرة لدعم مشروع تأمين الحدود مع سورية، وقد سعوا إلى ذلك، لكنها لم ينجحوا في كل المشروع، لأن أهدافهم في الحقيقة هي حماية قواتهم في الأنبار، في (قاعدة) عين الأسد وقبلها في قاعدة القائم (انسحبت القوات الأميركية منها منتصف مارس/آذار 2020)".

ويشير العسل، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إلى أنه "بعد إغلاق قاعدة القائم، وتراجع عدد قواتها والمستشارين الأجانب ضمن التحالف الدولي بشكل كبير، رفع الأميركيون أيديهم عن الدعم تدريجياً، ولم يعد الاهتمام مثل السابق".

السور الأمني الحدودي يحتاج لإمكانيات مالية

ويلفت إلى أن "مشروع السور الأمني يحتاج إلى إمكانيات مالية هائلة، لكن بطبيعة الحال، فإن نحو 70 في المائة من الحدود العراقية من الجانب الغربي مؤمّنة بشكل جيد بشرياً، لكن هناك حاجة لبناء مزيد من المخافر".

ويوضح العسل أن "الحدود مع الأردن مؤمّنة بشكل كامل، لوجود الإرادة لدى السلطات الأردنية، لكن الوضع مع سورية يختلف جملة وتفصيلاً، لأن سورية مقسمة، وهناك مناطق تحت سيطرة داعش وأخرى بيد قسد، ومناطق مقسمة بين قوات النظام السوري وفصائل مسلحة تتحكم في الملفات السياسية والأمنية فيها، ما يمنع توصل العراق وسورية إلى اتفاق أمني واضح".

ويتخوف مراقبون من عودة حالات تسلل عناصر تنظيم "داعش"، وتغلغلهم في المناطق الصحراوية، التي تمتاز بها محافظتا الأنبار ونينوى، وافدين من الأراضي السورية، لا سيما أنهم عادة ما يسلكون طرقاً نائية على الشريط الحدودي مع سورية، ثم إلى المناطق الصحراوية عبر بادية الجزيرة.

طارق العسل: مشروع السور الأمني يحتاج إلى إمكانيات مالية هائلة

ويقول الخبير بالشأن الأمني والسياسي العراقي أحمد الحمداني، إن القوات العراقية توصلت لقناعة بعدم إمكانية الاعتماد على الجانب الآخر في سورية في ملف تأمين الحدود. ويلفت إلى أن هناك دلائل على وجود فساد كبير ينتج عنه التسلل للعراق من جانب قوات بشار الأسد وكذلك "قسد".

ويشير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن تسلل 10 عناصر من "داعش" للعراق في الشهر الواحد، يعني أن لدينا عددا غير معلوم من الهجمات التي تتم عن طريق الكمائن والعمليات الليلية.