أكد رؤساء كتل البرلمان التونسي سعيهم لاستكمال تركيز الهيئات الدستورية، قبل نهاية الدورة الحالية في يوليو/تموز المقبل.
وأعلن البرلمان، أمس الثلاثاء، شروعه في تجديد تركيبة الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب في جلسة انتخابية، يوم غد الخميس، وهي هيئة وطنية ليست دستورية يتم انتخاب أعضائها وتجديد تركيبتها من قبل البرلمان على غرار هيئة النفاذ للمعلومة أيضاً.
وأعلن رؤساء وممثلو مختلف الكتل النيابية في اجتماعهم، أمس الثلاثاء، بإشراف رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي، وفق بلاغ صادر عن رئاسة المجلس، "حرصهم الكبير على استكمال مسار تركيز الهيئات، واستعدادهم للعمل على إنجاح الجلسات العامة الانتخابية التي يعقدها المجلس غداً الخميس وخلال يوليو/ تموز المقبل"، معبّرين عن تأييدهم لضرورة ضمان ما يلزم من توافق لإنجاح هذه المواعيد الانتخابية "حتى تكون نقطة بارزة ومميّزة للدورة النيابية الحالية".
وشدّد الغنوشي على "الأهمية التي يكتسيها دور المجلس في مسار استكمال إرساء الهيئات"، مؤكّداً على "ضرورة التوصّل قبل انتهاء الدورة النيابية الحالية إلى إنجاح الجلسات الانتخابية في ما يتعلّق بكل من الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، وهيئة النفاذ إلى المعلومة، وهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، والمحكمة الدستورية".
وبيّن أنّ نجاح المجلس في هذه المهمة "سيكون علامة مضيئة في هذه الدورة بالنظر إلى الأهمية التي تكتسيها مختلف هذه الهيئات في دعم أسس البناء الديمقراطي في تونس"، بحسب البلاغ. ويحتاج البرلمان لانتخاب أربع هيئات دستورية وأعضاء المحكمة الدستورية، إجماعاً وتوافقاً كبيرين.
وتنتهي الدورة البرلمانية الحالية نهاية يوليو/ تموز المقبل، أي أنه لا يفصل مجلس نواب الشعب سوى شهر ونصف عن الشروع في عطلته البرلمانية السنوية الثانية منذ بداية العهدة في 2019.
ويقف البرلمان حائراً أمام تحدٍ كبير، فرغم مرور سبع سنوات على المصادقة على الدستور في 2014، لم يتمكن من انتخاب أي هيئة دستورية، وهي هيئة حقوق الإنسان وهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وهيئة التنمية المستدامة وهيئة الاتصال السمعي البصري بالإضافة إلى فشل انتخاب المحكمة الدستورية.
ومن جملة الهيئات الخمس المنصوص عليها في الدستور، تم إحداث هيئة الانتخابات لتكون الهيئة الدستورية الوحيدة القائمة، والتي عطّل البرلمان بدوره عملية تجديد أعضائها وانتخاب رئيس جديد لها منذ سنة تقريباً.
واعتبرت أستاذة القانون الدستوري وخبيرة الشأن البرلماني، منى كريم، في تعليق لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذه المهمة تعد الأصعب حتى لا نقول المستحيلة أمام المجلس التشريعي".
وبيّنت أنّ "صعوبات التوافق والإجماع حول المرشحين للهيئات الدستورية ولعضوية المحكمة الدستورية، عرفها البرلمان السابق أيضاً، غير أنّ الظروف السياسية وتداعيات الأزمة اليوم أشد، مما يزيد من صعوبة المهمة".
ولفتت الخبيرة إلى أنّ التوافق بين ثلثي البرلمان لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية خلال الفترة الوجيزة الحالية "ليس بالأمر الممكن، خصوصاً في غياب توافقات حزبية أو انفراج في المشهد السياسي"، مشيرة كذلك إلى أنّ "التوافقات وظروف العمل داخل البرلمان والصراعات القائمة لا تنبئ بتجاوز الخلافات".
وأوضحت كريم أنّ انتخاب المحكمة الدستورية والهيئات الدستورية في ظل الوضع الراهن "يتجاوز الكتل ويتطلب توافقاً أوسع بين الأحزاب البرلمانية من أجل جمع 145 صوتاً (من أصل 271) لتمرير أي مرشح"، مؤكدة أنّ "الإرادة السياسية هي محرك إنجاح العملية الانتخابية".
ويرى مراقبون أنّه من الإيجابي أن يضع البرلمان لنفسه خارطة طريق انتخابية لإتمام أهم وظيفة دستورية على عاتقه، وهي إرساء الهيئات الدستورية رغم صعوبة المهمة التي تنتظر رئيس البرلمان في جمع التوافقات ودفع المسار الانتخابي وتمهيد الطريق أمام جلسة عامة.