البرلمان التونسي الجديد يحسم مصير الكتل ويسقط البند الخاص بالمعارضة

26 ابريل 2023
هل يكون البرلمان دون معارضين؟ (ياسين غيدي/الأناضول)
+ الخط -

أسقط البرلمانيون التونسيون البند الخاص بتعريف المعارضة وتصنيفها قانونياً داخل مجلس الشعب خلال التصديق على بنود النظام الداخلي الجديد، أمس الثلاثاء، خلافاً للبرلمانات السابقة التي نصت بوضوح على حق المعارضة وحماية حقوقها، فهل يكون البرلمان دون معارضين؟

ورفض النواب، خلال الجلسة العامة، الفصل الـ22 من مشروع النظام الداخلي في صيغته الأصلية، الذي ينص على أنه "يُصنّف ضمن المعارضة النائب غير المنتمي أو الكتلة النيابية الذين يصرحون في بداية الدورة النيابية بانتمائهم للمعارضة"، بعد تصويت 72 نائباً فقط بنعم و11 محتفظاً بصوته و52 رفض، وبالتالي لم يحصل الفصل على عدد الأصوات اللازمة لتمريره، وهي 81 على الأقل، كما رُفضت جميع مقترحات التعديل الخاصة بتعريف المعارضة داخل البرلمان وشكلها ودورها.

وأكد النائب عن حركة الشعب، عبد الرزاق عويدات، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه "تم رفض الفصل الخاص بالمعارضة ورفض جميع التعديلات، حتى المقدم من حركة الشعب، والتي كانت تعطي إمكانية التصريح بالانتماء للمعارضة منذ بداية الدورة البرلمانية أو عند تصويت غالبية الكتلة ضد قانون المالية ومخطط التنمية، فيتم تصنيف الكتلة معارضة" .

وبين عويدات أنه "لا وجود لامتياز للمعارضة في الدستور ولا في عمل البرلمان كما كان سابقاً مثلاً بإسناد رئاسة اللجنة المالية وجوباً للمعارضة، وبالتالي ما دام التصويت موكولاً إلى ضمائر النواب ووجدانهم ولا يوجد التزام حزبي كما كان سابقاً فلا ضير من تحرير التصويت وحرية المعارضة".

وتعد المعارضة البرلمانية في الدساتير المقارنة والتجارب الديمقراطية شكلاً من أشكال المعارضة السياسية للسلطة التنفيذية الحاكمة، وتُعَدّ مكوناً أساسياً في الأنظمة البرلمانية وميزة البرلمانات الديمقراطية التعددية.

وكان دستور 2014، الذي أنهى العمل به الرئيس قيس سعيّد وعُوِّض بدستور 25 تموز/ يوليو 2022 ينص على حق المعارضة ويحميها، حيث ينص في البند الـ60 منه على أن "المعارضة مكوّن أساسي في مجلس نواب الشعب، لها حقوقها التي تمكنها من النهوض بمهامها في العمل النيابي وتضمن لها تمثيلية مناسبة وفاعلة في كل هياكل المجلس وأنشطته الداخلية والخارجية".

وينص الدستور السابق أيضاً على أن تسند للمعارضة "وجوباً رئاسة اللجنة المكلفة بالمالية وخطة مقرر باللجنة المكلفة بالعلاقات الخارجية، كما لها الحق في تكوين لجنة تحقيق كل سنة وترؤسها. ومن واجباتها الإسهام النشيط والبناء في العمل النيابي"، وكان النظام الداخلي للبرلمان السابق قد نص على كيفية تصنيف المعارضين وحقوقهم.

وأكد النائب بالبرلمان المنحل، منذر بن عطية في تعليق لـ"العربي الجديد" أن "ما بني على باطل فهو باطل فالبرلمان ودستور سعيد وكامل المسار منطلقه الانقلاب وأسسه رفض شعبي ومقاطعة للانتخابات والاستفتاء، وهو بالتالي فاقد للشرعية والمشروعية والأهلية".

وأفاد بأنه "كان متوقعاً أن يكون البرلمان بلا معارضة، فهو تشكيلة من المؤيدين والمناصرين والمساندين للانقلاب، وبالتالي يخشى الجميع المعارضة أو مقومات الديمقراطية بل لا يجرؤ أي منهم على معارضة السلطة أو مخالفتها الرأي بل ربما يتم تجريم المعارضين أو الاختلاف" بحسب قوله.

التصديق على 41 بنداً

وتمكن البرلمان التونسي من التصديق على 41 بنداً من النظام الداخلي الجديد من بين 171 فصلاً، ليحسم مسألة فترة رئاسة مجلس الشعب لمدة نيابية كاملة بخمس سنوات، ما يثبت ولاية إبراهيم بودربالة ونائبيه الأول والثاني حتى عام 2028، ما لم تُسحَب الثقة من أحدهم أو كلهم حيث صُدِّق على إمكانية تقديم لائحة سحب الثقة من قبل ثلث النواب والتصويت عليها يكون في جلسة عامة بالأغلبية المطلقة 81 صوتاً من 161 عضواً.

وصدّق البرلمان على إجراءات رفع الحصانة من نواب حيث جاءت هذه الفصول مطابقة لما نص عليه دستور 2022، فلا يتمتع النواب بحصانة في حالات العنف والتعدي والقذف داخل المجلس أو تعطيل جلساته وأعماله، بينما يتمتع بحصانة في الأعمال التي تدخل في مجال وظيفته، ولا يمكن محاكمته من أجل آرائه داخل البرلمان.

كذلك لا يمكن تتبع النواب جزائياً إلا إذا رُفعت الحصانة عنهم من قبل الجلسة العامة عبر التصويت بأغلبية الحاضرين، وبالتالي فإن مجموعة نواب المجلس الجديد الملاحقين قضائياً ومن صدرت في حقهم أحكام، لا يتم تنفيذها إلا إذا رفعت عنهم الحصانة.

وصدّق البرلمان كذلك على بنود تضبط تركيبة الكتل وكيفية تكوينها ومنع السياحة الحزبية، وذلك في تناغم مع الفصول التي جاء بها دستور 2022. واشترط القانون الداخلي أن تتكون الكتل من 15 عضواً أو أكثر مع إمكانية حل الكتل إذا نزل عددها عن 10 نواب، ولا يجوز لذات الحزب أو الائتلاف أن يكون له أكثر من كتلة نيابية واحدة.

كذلك منع النظام الداخلي النواب من السياحة البرلمانية، أي التنقل من كتلة إلى أخرى داخل مجلس الشعب، فلا يمكن الانتماء إلى كتلة إلا مرة واحدة خلال كامل المدة البرلمانية، وإذا حصلت الاستقالة من كتلة، يبقى النائب لبقية المدة غير منتمٍ إلى أي كتلة.