الاحتلال الإسرائيلي يحاصر خانيونس وسط اشتباكات عنيفة مع المقاومة الفلسطينية

06 ديسمبر 2023
بقيت رفح المنطقة الوحيدة التي توزّع فيها المساعدات الإنسانية بكميات محدودة (الأناضول)
+ الخط -

تجدد قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي الدموي، الأربعاء، على مدينة خانيونس المحاصرة في جنوب قطاع غزة، حيث تدور اشتباكات هي الأعنف منذ بدء الحرب بين جنود الاحتلال وعناصر المقاومة.

وقالت مصادر في حركتَي حماس والجهاد الإسلامي لوكالة فرانس برس، الأربعاء، إن مقاتليهما يواجهون القوات الإسرائيلية في محاولة لمنعهم من دخول خانيونس والمناطق الواقعة في شرق المدينة وكذلك إلى مخيمات اللاجئين القريبة.

وفي بيان لها، قالت كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، إن مقاتليها "خاضوا اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال في جميع محاور التوغل في قطاع غزة"، وأضافت أنها أحصت "تدمير  23 آلية عسكرية كلياً أو جزئياً فقط في محاور القتال بمدينة خانيونس وبيت لاهيا وأوقع قناصة القسام 6 جنود بين قتيل وجريح".

وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء، قالت الكتائب، على قناتها في "تليغرام"، إنها نسفت منزلاً تحصن فيه جنود الاحتلال شرقي خانيونس بعد تفخيخه بعبوة برميلية، إضافة إلى استهداف آليات وتحشدات في محاور التقدم حول المدينة.

كما ذكرت أنها قصفت بئر السبع وقاعدة رعيم العسكرية، واستهدفت تحشدات الاحتلال شرق مستوطنة "ماجين" برشقة صاروخية.

من جهتها قالت "سرايا القدس" الذراع لعسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين إنه ومنذ فجر اليوم تمكن مقاتلوها "من استهداف 5 آليات عسكرية بالعبوات وقذائف "التاندوم" والـ RPG، وخاضوا اشتباكات مع جنود العدو من مسافة صفر"، وأكدت "وقوع قتلى وجرحى في محاور التقدم بحي الشجاعية شرق غزة".

كما قالت إنها قصفت تحشدات الاحتلال في محيط مسجد الظلال ومقبرة الشيخ ناصر شرقي خانيونس بوابل من قذائف الهاون العيار الثقيل، واستهدفت آليتين عسكريتين بقذائف "التاندوم"، واشتبكوا مع قوات الاحتلال بقذائف الهاون النظامي عيار 60 في حي الشيخ رضوان. وأكدت أن مقاتليها خاضوا اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال، وتمكنوا من تدمير 3 آليات عسكرية بعدد من قذائف "التاندوم" في حي التفاح شرق غزة.

وقالت "ألوية الناصر صلاح الدين" إنها تخوض "معركة ملحمية مع جيش الاحتلال في محاور مخيم جباليا، تل الزعتر، كمال عدوان، والفالوجا شمال قطاع غزة، بتنسيق مع كتائب القسام وباقي فصائل المقاومة. وإن مقاتليها يخوضون اشتباكات ضارية في جميع محاور تقدم جيش العدو في محافظة خانيونس.

ودوت صفارات الإنذار في إيلات في الطرف الجنوبي من فلسطين المحتلة، للتحذير من عمليات إطلاق صواريخ أرض-أرض اعترضتها الدفاعات الجوية بحسب جيش الاحتلال.

لا مكان آمنا

وبحسب حكومة حماس، أسفر قصف مدفعي عن سقوط "عشرات القتلى والجرحى"، ليل الثلاثاء الأربعاء، في العديد من القرى في شرق خانيونس. من جهتها، قالت وزارة الصحة التابعة للحركة إن غارات دامية أخرى استهدفت مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة وفي جباليا إلى الشمال، فيما نقلت 73 جثة خلال 24 ساعة إلى مستشفى الأقصى في دير البلح في وسط القطاع.

ويحاول السكان الاحتماء من القصف والاشتباكات على الأرض. وقال المفوّض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، في مؤتمر صحافي في جنيف، الأربعاء، إن الفلسطينيين في قطاع غزة يعيشون في "رعب مطلق يتفاقم". وأضاف أنه بعد شهرين "ما زال المدنيون في غزة يتعرّضون لقصف إسرائيلي متواصل ولعقاب جماعي". ودعا إلى وقف فوري للأعمال العسكرية وإطلاق سراح جميع الرهائن.

وكانت شوارع مدينة خانيونس التي قال الجيش الإسرائيلي إنه يحاصرها شبه خالية، الأربعاء، بينما كان يمكن سماع أصوات الاشتباكات العنيفة بين مقاتلي المقاومة وجنود الاحتلال، وفق ما أفاد صحافيون في وكالة فرانس برس في المنطقة. وتواصل تدفّق القتلى والجرحى إلى المستشفيات، لا سيما الى مستشفى ناصر، المستشفى الأكبر في جنوب قطاع غزة.

وشوهد آلاف المدنيين يفرّون من المنطقة مشيا أو على دراجات نارية أو على عربات محمّلة بأمتعتهم. وهم باتوا محاصرين في منطقة تتقلص مساحتها يوما بعد يوم قرب الحدود مع مصر ويواجهون وضعا إنسانيا كارثيا.

وقال حسن القاضي لفرانس برس "نحن في وسط منطقة خانيونس. هذه المنطقة كلّها مدنيون وليس فيها مسلحون. هناك أطفال تائهون يبحثون عن عائلاتهم".

وأضاف "نحن نريد أن نفهم، إذا كانوا يريدون قتلنا، فليجمعونا في مكان ويبيدونا (...) نحن لسنا مجرد أرقام نحن بشر". ووصل فادي أشي وهو من سكان مدينة غزة إلى رفح بعد رحلة شاقة سيرا على الأقدام. وقال الرجل "لم تتوافر سيارات أو أي وسيلة نقل أخرى"، "لجأنا إلى ثمانية أو تسعة منازل قبل الوصول إلى هنا".

واستشهد في القصف الإسرائيلي في قطاع غزة 16248 شخصا منذ بدء الحرب، أكثر من 70% منهم من النساء والأطفال، وفق حكومة حماس.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية (أوتشا) إن مدينة رفح باتت المنطقة الوحيدة في قطاع غزة التي توزّع فيها المساعدات الإنسانية بكميات محدودة، فيما لم تعد تصل بشكل شبه كامل تقريبا إلى خانيونس والوصول إلى المناطق الواقعة شمالا غير ممكن.

ويلقي الجيش الإسرائيلي يوميا على خانيونس منشورات تحذّر من قصف وشيك وتطلب من السكان مغادرة مناطق سكنهم. إلا أن الأمم المتحدة التي قدّرت أن 28% من أراضي قطاع غزة مشمولة بهذه الأوامر، تعتبر أنه "من المستحيل" إقامة مناطق آمنة لاستقبال المدنيين كما حددتها إسرائيل.

وتفيد الأمم المتحدة أن 1.9 مليون شخص أي 85% من سكان القطاع نزحوا جراء الحرب في قطاع غزة حيث تعرّض أكثر من نصف المساكن للدمار أو لأضرار.

وقال منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتّحدة مارتن غريفيث في بيان "لا مكان آمنا في قطاع غزة، لا المستشفيات ولا الملاجئ ولا مخيمات اللاجئين. ولا الأطفال ولا الطواقم الطبية ولا الطواقم الإنسانية. هذا الاستهزاء الصارخ بأسس الإنسانية يجب أن يتوقف".

(فرانس برس، العربي الجديد)