اقتحام منزل ترامب: ماذا حمل محققو "أف بي آي" معهم وكيف يخفي الوثائق؟

اقتحام منزل ترامب: ماذا حمل محققو "أف بي آي" معهم وكيف يُخفي الوثائق؟

10 اغسطس 2022
أساء ترامب التعامل مع الوثائق لسنوات (Rueters)
+ الخط -

أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يوم الاثنين الماضي مداهمة قوات من الـ"إف بي آي" لمنزله في ولاية فلوريدا، ولم تظهر وقتها أي تفاصيل إضافية عن الحادثة. لكن تقريراً نشرته صحيفة وول ستريت جورنال كشف لاحقاً أن قوات من الـ "أف بي آي" خرجت من منزل ترامب، وبحوزتها 10 صناديق من الأوراق وبعض الوثائق الأخرى. فيما أبرزت هذه الحادثة الكثير من التفاصيل والتصريحات عن أنشطة الرئيس الأميركي السابق في ما يتعلق بوثائق خاصة كانت تخص فترة توليه منصب الرئاسة. 

الصورة
مداهمة قوات من الـ"إف بي آي" لمنزل ترامب (Getty)

تاريخ من إخفاء الوثائق

وفقاً لقانون السجلات الرئاسية لعام 1878، فإن جميع الأوراق الرسمية للرئيس ملكية عامة، ولا يجوز له التصرف بها بعد انتهاء حكمه، بل يجب أن تذهب إلى الأرشيف الوطني. إلا أنَّ الرئيس الأميركي السابق كانت له طريقته الخاصة في التعامل مع هذه الأوراق، وكشف الاقتحام الأخير لمنزله بعضاً منها. فكما تشير وكالة "بلومبيرغ"، لترامب آلية خاصة كان يستخدمها في حفظ السجلات في فترة رئاسته، إذ يكدس جزءاً منها، ويمزق أخرى، ويتخلص من بعض الوثائق التي يريد إخفاءها بالكامل في مرحاض البيت الأبيض.

في هذا السياق، تبين شبكة "سي إن إن" أنه كان قد كُشف عن هذه الوثائق لاحقاً عندما استُدعي فريق فني لإصلاح المراحيض المسدودة في البيت الأبيض، إلا أنّ ترامب وقتها نفى الخبر في بيان له، وقال إنَّ هذه التقارير والمعلومات ملفقة.

وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، فقد صرّح بعض المستشارين بأنَّ ترامب كان قد أساء التعامل مع الوثائق لسنوات، وكان يلجأ في معظم الوقت لتمزيقها. وأضافوا أنه أخذ مع عائلته صناديق من المواد التي كان ينبغي أن تذهب إلى الأرشيف الوطني. لكن دار المحفوظات اكتشفت أن بعض المواد مفقودة في أثناء عمليات الفهرسة.

لماذا الآن؟

كشفت الأحداث الأخيرة أن الرئيس الأميركي السابق له تاريخ كامل من إخفاء الوثائق الرسمية، لكن لماذا برزت القضية الآن؟ في العادة، يحتاج البحث في ممتلكات الرئيس السابق إلى افتراض وجود دليل محتمل، وهو أمر لم يكن معتاداً في الفترات السابقة، ويتطلب موافقة من أعلى المستويات في وزارة العدل. ولهذا تعتبر مداهمة منزل الرئيس الأميركي السابق لحظة تاريخية في علاقته المتوترة بوزارة العدل، سواء داخل البيت الأبيض أو خارجه.

في تقريرها الذي نشر يوم أمس الثلاثاء، توضح صحيفة واشنطن بوست أنّ المتحدثة العامة للبيت الأبيض رفضت التصريح عمّا إذا كان المدعي العام ميريك جارلاند قد وافق على البحث، وقالت جان بيير إنّ موظفي الرئيس بايدن علموا بالمداهمة من خلال "التقارير التي نشرت"، ورفض مكتب التحقيقات الفدرالي التعليق.

واتهم ترامب، دون إعطاء أي دليل، الديمقراطيين باستخدام "نظام العدالة" كسلاح ضده. ورد العديد من المشرعين الجمهوريين والمرشحين السياسيين بتصريحات غاضبة مساء الاثنين، معلنين أنَّ هذا الاقتحام كان هجوماً ذا دوافع سياسية يهدف إلى عرقلة فرص ترامب إذا ترشح للرئاسة مرة أخرى. في ذات السياق، توترت علاقة ترامب مع الرئيس الحالي لمكتب التحقيقات الفيدرالية، كريستوفر راي، وهو الذي كان قد عينه بنفسه عام 2017 بعد إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق، جيمس بي كومي.

نقلاً عن ذات المصدر السابق، فإن مستشارين سابقين كانوا قد أقروا أنّ علاقة ترامب مع راي ازدادت توتراً بعد انتهاء حكم ترامب، خصوصاً أن ترامب كان قد فكر في إقالته في عدة مناسبات خلال فترة حكمه، مضيفين أنه "كان لدى الرجل تفاعل محدود".

الانتخابات القادمة في الخلفية

بعد أن أعلن ترامب اتهامه للديمقراطيين باستخدام نظام العدالة ضده كسلاح، وبعد غضب عارم من المشرعين الجمهوريين والسياسيين، انتقل الحوار عن حادثة الاقتحام باتجاه حوار سياسيّ عن الانتخابات المقبلة.

الصورة
ترامب يتهم الديمقراطيين باستخدام نظام العدالة ضده كسلاح (Getty)

وكما نشرت صحيفة واشنطن بوست، فقد صرح زعيم الأقلية في مجلس النواب كيفين مكارثي، وهو سياسيّ جمهوري من المتوقع أن يصبح رئيساً لمجلس النواب، بأنه إذا فاز الجمهوريون بالأغلبية في انتخابات التجديد النصفي في تشرين الثاني/نوفمبر، فسيبدأ تحقيقات رقابية في وزارة العدل. وأضاف على حسابه في تويتر، أن "الهجوم على منزل ترامب من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي يعطي لمحة أخرى عمّا يحدث عندما يقوم بيروقراطيون غير منتخبين وغير خاضعين للرقابة في واشنطن باستخدام وكالاتهم كسلاح".

هذه التصريحات وغيرها، تشير إلى أن الحوار في الأيام اللاحقة لاقتحام منزل ترامب انتهى إلى مساحة سياسية ودعائية تتعلق بالانتخابات النصفية للكونغرس وكذا بالانتخابات الرئاسية القادمة، التي من المتوقع أن يترشح فيها ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية مرة أخرى. وهي طبقة جديدة من التعقيدات تُضاف إلى المشهد السياسي الأميركي، الذي تميز طوال الفترة الماضية بالاستقطاب الحاد واللايقين، وهو أمر لا تشير الأحداث الأخيرة، كما تقترح تقارير، إلى أنه سيتغير قريباً.

المساهمون