اعتقالات وإجراءات مشددة عقب اتساع تظاهرات التضامن مع غزة بالأردن

اعتقالات وإجراءات مشددة عقب اتساع تظاهرات التضامن مع غزة في الأردن

31 مارس 2024
تشهد الفعاليات التضامنية مع غزة في الأردن تحشيداً أكبر (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في الأردن، تظاهرات كبيرة تضامناً مع غزة استجابة لدعوات حماس، وسط إجراءات أمنية مشددة من السلطات للسيطرة على المتظاهرين، خاصة بعد محاولة اعتصام قرب السفارة الإسرائيلية.
- الحكومة الأردنية تنتقد حماس وتؤكد على التعامل بحزم مع أي شغب، بينما حزب جبهة العمل الإسلامي ينتقد اعتقال النساء والنشطاء، مشيراً إلى حق التظاهر السلمي.
- الأردن يواصل جهوده السياسية لدعم غزة، مع سحب سفيره من تل أبيب ورفض عودة السفير الإسرائيلي، مؤكداً على السماح بالاحتجاجات طالما لا تشمل اقتحام السفارة أو التحريض.

شهدت الفعاليات التضامنية مع غزة في الأردن، خلال الأيام القليلة الماضية، تحشيداً أكبر من المتظاهرين، فيما اتجهت السلطات إلى التشديد عليهم ومحاولة السيطرة على الأعداد الكبيرة باستخدام القوة، خاصة بعد تصريحات صدرت عن قادة حركة حماس.

وانتقد الناطق باسم الحكومة الأردنية مهند مبيضين، في تصريحات إعلامية، حماس بعد الرسالة التي وجّهها قائد كتائب القسام محمد الضيف إلى "الجماهير العربية"، بمن فيها الشعب الأردني، بضرورة تجاوز الحدود والدفاع عن المسجد الأقصى، وموقف رئيس المكتب السياسي للحركة في الخارج خالد مشعل الذي طالب الأردنيين بالنزول إلى الشارع باستمرار خلال مشاركته في مؤتمر بعمان عبر تقنية الفيديو.

وفجر اليوم الأحد، فضّت قوات الأمن الأردنية بالقوة اعتصام الرابية قرب السفارة الإسرائيلية في غرب العاصمة عمان، فيما أعلن مسؤولون أمنيون قبل ذلك أنه لن يُسمح بالاعتصام بعد منتصف الليل.

وطالب مسؤولون أمنيون المحتجين بالمغادرة، وبعد ذلك حدثت مشادات واحتكاكات بين المحتجين ورجال الأمن، فيما أُعلن اعتقال عدد من المتظاهرين والمتظاهرات وتوقيفهم.

(Getty)
فضّت قوات الأمن الأردنية بالقوة اعتصام الرابية (Getty)

وقبل ذلك، أعلنت مديرية الأمن العام، في بيان الأحد، أن قوة أمنية ألقت القبض على عدد من "مثيري الشغب" ممن حاولوا الاعتداء على عناصر الأمن والممتلكات في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين شمال عمان السبت.

ولفت البيان إلى أن رجال الأمن المنتشرين لحفظ الأمن والنظام، تعاملوا "بمنتهى الانضباط والحرفية مع المشاركين"، مشيراً إلى أن الوقفات شهدت "تجاوزات وإساءات ومحاولات للاعتداء على رجال الأمن العام، ووصفهم بأوصاف غير مقبولة"، على حد تعبيره.

ويشهد المخيم الذي يقع في محافظة البلقاء، ويضم أكثر من مئة ألف لاجئ فلسطيني، وهو الأكبر في الأردن، تظاهرات ومسيرات يومية تندد بالعدوان على غزة، وتتضامن مع المقاومة، فيما بثت مديرية الأمن العام فيديو على منصة "إكس" لما قالت إنه تجاوز لمحتجين على الأملاك العامة وإشعال النيران.

وقال الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام، عامر السرطاوي، إنّ قوة أمنيّة ألقت القبض على عدد من مثيري الشغب في منطقة البقعة، إثر قيامهم بأعمال شغب وتخريب، وإشعال النيران، وإلقاء الحجارة على المركبات في الطريق العام.

وتابع أنه جرى ضبط الأشخاص للتحقيق معهم، واتخاذ كل الإجراءات القانونية في حقهم، مؤكداً أن مديرية الأمن العام "ستتعامل بحزم ومن دون تهاون مع كل مَن يعتدي على أمن المجتمع ويستهدف التخريب والإضرار بالممتلكات والمقدّرات، وتعطيل حياة المواطنين، والاعتداء على حقوقهم من خلال محاولة قطع الطريق".

وأضاف أن "العمل جارٍ لمتابعة كل من يثبت تورّطه بالمشاركة والتحريض على إثارة الشغب والتخريب، وسيصار إلى متابعتهم حتى القبض عليهم وتقديمهم إلى العدالة".

وأصدرت لجنة الحريات في حزب جبهة العمل الإسلامي بياناً، اليوم الأحد، انتقدت فيه اعتقال الأجهزة الأمنية بعض النساء خلال مشاركتهن في الفعاليات المتضامنة مع غزة، واعتقال العديد من النشطاء والباحثين والحزبيين، منهم الباحث في شؤون القدس وعضو الملتقى الوطني لدعم المقاومة زياد ابحيص، والناشط ميسرة ملص، ورئيس القطاع الشبابي لحزب جبهة العمل الإسلامي معتز الهروط، وأمين سر القطاع حمزة الشغنوبي، وأيضاً محمد حجر السباتين، والعديد من النشطاء الآخرين، بسبب حضورهم الفعاليات المتضامنة مع غزة.

وقالت اللجنة إن "مثل هذه الاعتقالات والتصرفات مخالفة واضحة للدستور الذي كفل حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي والعمل الحزبي، ومخالفة للقوانين والأعراف"، داعية الجهات المعنية إلى "إخلاء سبيل الموقوفين فوراً، وعدم الاعتداء على المتظاهرين، وعدم مخالفة القوانين والدستور".

من جانبه، قال وزير الاتصال الحكومي، مهند المبيضين، في تصريحات، الجمعة الماضية، لقناة "المملكة" الرسمية، إن "أي أردني لا يمكن أن يكون أردنياً إذا لم يخرج ليندد بالاحتلال"، مؤكداً "ممارسة القانون وتطبيقه على كل من يسيء إلى الأمن الوطني".

وبشأن الحديث عن الاعتقال والضرب والتضييق على من يخرج من أجل التضامن مع غزة، قال المبيضين إن "ذلك غير صحيح"، مشيراً إلى أن "هناك أشخاصاً يريدون الاحتكاك بالأمن العام وممارسة عملية ابتزاز واستنفار للأعصاب، والأردن يمارس ويطبق القانون".

وذكّر المبيضين بـ"الجهود السياسية الأردنية لوقف العدوان، ومساعي الأردن المستمرة لتقديم المساعدات للشعب الفلسطيني عبر القوافل البرية والإنزالات الجوية".

وتعليقاً على التطورات الأخيرة، قال الكاتب الصحافي محمد سويدان، لـ"العربي الجديد"، إن "غاية الجميع نصرة غزة، ودور الأردن شعبياً ورسمياً هو دور مساند، لوقف حرب الإبادة على القطاع". وأكد تأييده هذه الفعاليات التضامنية، لكنه دعا إلى "ضرورة أن يكون هناك وعي بأهداف هذه المسيرات والفعاليات التضامنية، وفي الوقت ذاته عدم انحراف هذه المسيرات عن أهدافها، وعدم توجيهها إلى أهداف أخرى".

وتابع: "الأجهزة الأمنية تشير إلى وجود شغب أحياناً، وهنا على الجميع عدم نقل التوتر إلى الداخل الأردني، وعلى الدولة أيضاً أن يكون صدرها أوسع في التعامل مع هذه المسيرات، فهذه الفعاليات لا ترتبط بأهداف داخلية، بل هي نصرة لغزة، وليست لإثارة القلاقل في البلاد".

(Getty)
مشادات واحتكاكات بين المحتجين ورجال الأمن (Getty)

وقال سويدان إن "ما يحدث في غزة وصمود المقاومة هو نصرة للأردن أيضاً في مواجهة مشاريع إسرائيل التوطينية وتفريغ الضفة الغربية وحصار الأقصى، ولذا تعبّر هذه المسيرات عن مشاعر الأردنيين وتخدم الأهداف الإستراتيجية للدولة، حتى إن حدثت بعض التجاوزات فعلى السلطة تجاوزها". وأضاف أن "الأردن دولة راسخة وقوية، ومثل هذه المسيرات لا ترعب الدولة"، محذراً في الوقت ذاته من المحرضين على الفتنة والتفرقة داخل البلاد. 

ويشهد الأردن، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تظاهرات تضامنية مع قطاع غزة، خاصة منطقة الرابية، غربي العاصمة عمّان، حيث سفارة دولة الاحتلال.

واستجابت الحكومة الأردنية لمطالب الشارع، وقررت في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2023 سحب سفيرها من تل أبيب، كما رفضت عودة سفير إسرائيل إلى عمان.

وتسمح السلطات بالاحتجاجات، لكنها قالت مراراً إنها لا تستطيع التساهل مع أي محاولة لاقتحام السفارة، أو التحريض على الاضطرابات المدنية، أو محاولة الوصول إلى منطقة حدودية مع الضفة الغربية المحتلة.