غانا تنضم إلى قائمة "المستنجدين" بصندوق النقد.. التضخم الاقتصادي يهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي في العالم

02 يوليو 2022
الجوع قد يجتاح العالم قريبا والدول الضعيفة هي الأكثر تأثرا (سيمون مينا)
+ الخط -

انضافت غانا إلى قائمة الدول التي طلبت مساعدة صندوق النقد الدولي لمساعدتها على تجاوز آثار الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها العالم، والتي تسببت في أزمات اجتماعية جراء ارتفاع تكلفة المعيشة مع تدني القدرة الشرائية كنتيجة مباشرة لتضخم الأسعار بعد عامين من جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا.

في هذا السياق قالت حكومة غانا اليوم الجمعة إنها ستجري محادثات رسمية مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج دعم، وذلك بعدما خرج المئات إلى الشوارع احتجاجا على تفاقم مصاعب الحياة. وتعد غانا واحدة من أكبر الاقتصادات في غرب أفريقيا.

وأيدت الحكومة هذا القرار في اجتماع أمس الخميس بعد اتصال هاتفي بين رئيس البلاد نانا أكوفو أدو ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا.

وأكد الصندوق على طلب غانا للمساعدة وقال إنه سيبدأ المناقشات مع السلطات في الأسابيع المقبلة.

وقال متحدث باسم الصندوق لرويترز: "صندوق النقد الدولي مستعد لمساعدة غانا على استعادة استقرار اقتصادها الكلي وحماية القدرة على تحمل الدين وتحقيق نمو شامل ومستدام ومواجهة تأثير الحرب في أوكرانيا والجائحة المستمرة".

وقال محافظ البنك المركزي إرنيست أديسون في مايو/أيار الماضي إن غانا واجهت عجزا كليا في ميزان المدفوعات بلغ 934.5 مليون دولار في الربع الأول من 2022 مقارنة مع 429.9 مليون دولار في نفس الفترة من العام الماضي.

وقال محللون إن القرار سيساعد غانا على مواجهة التحديات. وقال ويليام دونكان، مؤسس شركة "سبير كابيتال آند أدفيزوري" للاستشارات المالية "انتظرنا حدوث ذلك طويلا لأننا نستطيع القول إن الأمور لن تتحسن قريبا".

وخرج المئات إلى الشوارع في أكرا هذا الأسبوع للاحتجاج على زيادة التضخم وأمور أخرى. وتباطأ النمو إلى 3.3 بالمائة على أساس سنوي في الربع الأول من 2022 وبلغ التضخم مستوى قياسيا عند 27.6 بالمائة في مايو/أيار.

غانا تنضم للبنان 

غانا ليست الدولة الوحيدة التي "استنجدت" بخدمات صندوق النقد الدولي، ففي هذا السياق، قام لبنان بالتفاوض مع الصندوق على برنامج تمويل لاقتصاده المنهك نتيجة انفجار مرفأ بيروت وتداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا، والذي جعل الاقتصاد اللبناني يواجه تضخما غير مسبوق قدر بـ 18,54 في المائة خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي 2022، فيما سجل المؤشر ارتفاعا قدره 206,24% بالنسبة للشهر نفسه من العام الماضي 2021، وذلك حسب الأرقام التي أعلنتها إدارة الإحصاء المركزي في لبنان في شهر مايو/أيار الماضي.

وعلم أن الصندوق توصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع لبنان وفي أبريل/ نيسان، لتمويل بـ 3 مليارات دولار.

إلا أن اتفاقا مشروطا من قبل الصندوق بتنفيذ إجراءات أساسية لمعالجة أزمته المالية التي تحولت لأزمة شاملة في أكتوبر/تشرين الأول 2019، زاد من صعوبتها الشلل السياسي الشامل الذي عصف ببلاد الأرز، كان عنوانه الأبرز عدم التمكن من تشكيل حكومة دائمة، حتى بعيد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتي أفضت لمشهد سياسي فسيفسائي، قد تصعب على رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي.

مصائر متقاربة

أزمة التضخم كذلك اجتاحت سريلانكا، والتي تعيش على وقع الاحتجاجات الاجتماعية منذ شهر مارس/آذار الماضي، جعلت الحكومة تتجه نحو إيقاف بيع الوقود للمواطنين واستثناء ذلك على خدمات النقل العامة، والدعوة للعمل من المنازل، هذا فضلا عن نقص في المواد الأساسية والدواء، وكل ذلك جراء تراجع مخزون البلاد من النقد الأجنبي بسبب تضرر قطاع السياحة جراء جائحة كوفيد.

السلطات السريلانكية، التي واجهت الاحتجاجات بتنازلات سياسية، كان أبرزها استقالة رئيس الوزراء في شهر مايو/أيار الماضي، لم تتوصل أمس لاتفاق مع صندوق النقد من أجل رصد تمويل للميزانية المترهلة التي تعاني من العجز التجاري الكبير نتيجة اختلال كفة الاستيراد على التصدير، وهو ما ينذر بمشاكل كبيرة قد تدفع البلاد للإفلاس.

تونس والقصة الطويلة مع صندوق النقد

في نفس السياق، فإن تونس، التي تعاني من أزمة سياسية خانقة، تمكنت من استكمال المحادثات الفنية مع صندوق النقد على تبدأ يوم الاثنين القادم المفاوضات المباشرة بين حكومة الرئيس قيس سعيد ووفد الصندوق، من أجل إسناد قرض لتونس قيمته مليارا يورو.

وستتركز النقاشات مع فريق صندوق النقد الدولي حول برنامج الإصلاحات الذي تقترحه الحكومة برئاسة نجلاء بودن، ويشترط الصندوق أن يترافق القرض مع تنفيذ إصلاحات جذرية.

ويعيش الاقتصاد التونسي على وقع ازدياد متواصل في التضخم، والذي حذر منه صندوق النقد الذي قال في ورقة بحثية له إن هناك طفرة تضخمية خارجة السيطرة في تونس.

وبلغت نسبة التضخم في تونس 7.8 في المائة حسب ما أعلن المعهد الرسمي للإحصاء في تونس في شهر مايو/أيار الماضي.

وقد تكون هذه الدول أبرز الأمثلة حول تأزم الحالة الاقتصادية على مستوى العالم، خاصة وأن أكثر أسباب ارتفاع الأسعار هو "التضخم المستورد من الخارج" بسبب ارتفاع نسبة التضخم على المستوى الدولي، وهو ما يتسبب في تقهقر في نسبة النمو الاقتصادي الدولي.

وحسب تقرير نشره البنك الدولي تحت عنوان "الآفاق الاقتصادية العالمية" فإن من "المتوقع أن يتراجع النمو العالمي من 5.7 في المائة في عام 2021 إلى 2.9 في المائة في عام 2022 - وهي نسبة أقل بكثير من النسبة التي كانت متوقعة في شهر يناير/كانون الثاني والبالغة 4.1 في المائة، كما يتوقع أن يتابع النمو العالمي تأرجحه حول تلك الوتيرة خلال الفترة من 2023 إلى 2024".

ويبدو من خلال توقعات البنك الدولي أن هذا التراجع في نمو الاقتصاد الدولي، الذي يرافقه تضخم في الأسعار، بات ينهش جيوب الفقراء ويتسبب في أزمات اجتماعية تلقي بظلالها على المشاهد السياسية المحلية في العالم، وهو ما ينعكس سلبا في عدم استقرار الأوضاع على مستوى خريطة العلاقات الدولية في العالم، كما يتسبب في استفحال الأزمات الاجتماعية والتي تتجلى في عديد المظاهر مثل ارتفاع نسب الهجرة غير النظامية والنزوح في العالم.

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون