أهالي ضحايا انفجار بيروت يعودون إلى الشارع: "العدالة والمحاسبة"

أهالي ضحايا انفجار بيروت يعودون إلى الشارع لتحريك الملف: "العدالة والحقيقة والمحاسبة"

18 مايو 2023
رفع أهالي الضحايا شعار "العدالة والحقيقة والمحاسبة" (حسين بيضون)
+ الخط -

ينفذ أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت اعتصاماً، اليوم الخميس، أمام قصر العدل للدفع إلى تحريك الملف المعلّق منذ أكثر من عامٍ بفعل العراقيل الداخلية والتدخلات الواسعة في التحقيق المحلي.

وعمد الأهالي إلى إشعال الإطارات أمام قصر العدل في بيروت، رافعين اللافتات التي تطالب بالعدالة والحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن التفجير الذي وقع في 4 أغسطس/آب 2020، مؤكدين استمرارهم في التحركات والذهاب نحو التصعيد لمواجهة جميع محاولات وقف التحقيق الجنائي وإفلات المتهمين من العقاب.

ورفع أهالي الضحايا شعار "العدالة والحقيقة والمحاسبة" الذي يتمسّكون به ويعتبرونه من أبسط حقوقهم، مشددين على أنهم لن يسمحوا بقتل قضيتهم كما قتلوا أولادهم وأحباءهم، وسيقفون بوجه التدخلات السياسية التي تهدف إلى وقف التحقيقات المحلية، وعرقلة المشتبه بهم من المسؤولين السياسيين، بالدرجة الأولى، القضية من خلال "تعسفهم" في استعمال حق الادعاء والدفاع.

وقال الأهالي خلال وقفتهم إنهم يواصلون دعمهم المحقق العدلي القاضي طارق البيطار المُكبّل بفعل الدعاوى التي انهالت عليه وكفّت يده، مطالبين بصدور القرار الظني في القضية.

وفي 23 يناير/كانون الثاني الماضي، حاول القاضي البيطار استئناف التحقيق واستكمال مهامه التي كانت متوقفة بفعل كف يده مؤقتاً منذ 23 ديسمبر/كانون الأول 2021، نتيجة دعاوى الردّ المرفوعة ضده من قبل المدعى عليهم، وادعى على شخصيات سياسية، وأمنية، وعسكرية وقضائية.

وقرر البيطار الموافقة على إخلاء سبيل 5 من الموقوفين في الملف، إلا أن النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات أمر بعد يومين بالإفراج عن جميع المشتبه بهم، وادعى على البيطار، وأصدر جملة قرارات ضده، علماً أنه أحد المستدعين للاستجواب، والمتنحين عن الملف بفعل صلة القرابة التي تربطه بالمدعى عليه النائب غازي زعيتر (ينتمي إلى حركة أمل برئاسة نبيه بري).

لا حلحلة للقضية

في السياق، يقول المحامي جيلبير أبي عبود، وأحد وكلاء أهالي الضحايا، لـ"العربي الجديد"، إنه "حتى اللحظة لا بوادر حلحلة للقضية، والأهالي يواصلون تحركاتهم للتذكير بأن الملف موجود، ولن يسمحوا بالإقفال عليه، ولا سيما بعدما خرجت تصريحات سياسية تلوّح إلى أن الملف انتهى على وقع تسويات سياسية داخلية وخارجية، وذلك في ظلّ عدم التعاون الدولي، بما فيه الأميركي والفرنسي، في التحقيقات، وعدم تسليم لبنان الأدلة وصور الأقمار الصناعية والتقارير".

ويلفت أبي عبود إلى أن القاضي البيطار بات مكبّلاً بفعل الدعاوى التعسفية الكيدية المرفوعة ضدّه، وآخرها دعوى القاضي عويدات، الخارجة عن الأصول والصلاحيات، وحتى اليوم، لم يُعيّن قاض للبتّ بهذه الدعوى، الأمر الذي يؤدي إلى استمرار تجميد الملف، عدا عن العراقيل الأخرى المرتبطة بالتشكيلات القضائية وعدم البتّ بالتعيينات في غرف محاكم التمييز.

ويشير إلى أن القاضي البيطار "لا يزال متريثاً، خصوصاً على صعيد إصدار قراره الظني أو المضبطة الاتهامية، باعتبار أنه يحتاج إلى مطالعة بالأساس من قبل القاضي عويدات، وإلا فلن يكون هناك سبيل لتنفيذه ويبقى بلا ترجمة فعلية، علماً أن القاضي عويدات أصبح خصماً بالملف، بدل أن يكون طرفاً محايداً في هذه القضية المركزية، عدا عن أنه على صلة قرابة مع أحد المدعى عليهم، المشتبه بهم".

في المقابل، يفضل المحامي اللبناني أن يصدر القاضي البيطار قراره الظني "للوجدان والتاريخ ومعنويات القضية، لينكشف بذلك كل المعطلين مسار التحقيق، ويتحمّلون تبعات ذلك".

ويلفت إلى أن هناك دعوات مستمرة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإنشاء بعثة دولية لتقصي الحقائق بشأن انفجار مرفأ بيروت، "التي وإن لم يكن لديها أي مفعول تنفيذي نهائي، لكنها قادرة على وضع تقريرها في القضية ليضمّ إلى الملف ويدعّمه".

وكانت 38 من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أدانت العرقلة والتدخل الواسعين في تحقيق لبنان المحلي في انفجار المرفأ، داعية السلطات اللبنانية إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان الاستقلال التام للقضاء اللبناني وحياده في القانون والممارسة، وضمان إجراء تحقيق سريع ومستقل وحيادي وذي مصداقية وشفاف في الانفجار.

وفي 5 إبريل/ نيسان الماضي، استنكرت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين مارغريت ساترثويت التأخيرات غير المبررة التي حالت دون تحقيق العدالة للمتضررين من انفجار مرفأ بيروت، مستشهدة بما وصفتها بالتدخلات العديدة في التحقيق والتهديد الذي تعرض له القاضي البيطار منذ تعيينه في شباط /فبراير 2021، إضافة إلى حملات التشهير المستمرة لتشويه سمعته.

وأشارت إلى أن السلطات اللبنانية رفضت طلبات قضائية برفع الحصانة البرلمانية والسماح باستجواب المسؤولين الأمنيين، كما أخفقت الحكومة في تنفيذ مذكرات توقيف بحق وزراء سابقين، وحتى الآن، لم يحاكم أحد على تفجير 4 أغسطس الذي خلف 218 قتيلاً و7000 جريح و300 ألف نازح.

وشددت على أنه لا ينبغي أبداً تهديد القضاة أو إخضاعهم لإجراءات جنائية أو تأديبية لمجرد قيامهم بمهامهم.