شيع الآلاف من أهالي مركز كرداسة بمحافظة الجيزة المصرية، ليلة السبت، جثمان الشيخ عبد الرحيم جبريل، البالغ من العمر 81 عاماً، أحد أبطال الجيش المصري في حروب أعوام 1962 و1967 و1973، والذي أعدم فجر الاثنين الماضي، ضمن 17 متهماً نُفذ فيهم حكم الإعدام على خلفية القضية المزعومة إعلامياً بـ"اقتحام قسم شرطة كرداسة عام 2013".
وهتف الآلاف من أهالي كرداسة أثناء تشييع الجثمان: "لا إله إلا الله... الشهيد حبيب الله"، و"لا إله إلا الله... السيسي عدو الله"، و"حسبنا الله ونعم الوكيل".
اعتقل جبريل في 30 سبتمبر/أيلول 2013، في قضية يرى مراقبون كثر أنها "مسيسة"، جراء توسع القضاء في إصدار أحكام الإعدام للمعارضين منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم عام 2014.
كل هؤلاء لم يصدقوا #الاختيار٢
— عبدالعزيز مجاهد|Abdulaziz Mujahed (@elmogahed02) May 2, 2021
أهالي كرداسة أثناء تشييع جثمان الشيخ عبدالرحيم جبريل الذي أعدمه السيسي بتهمة اقتحام قسم #كرداسة
لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله pic.twitter.com/1Lg2fn8Vhr
وشابت عملية تنفيذ حكم الإعدام بحق 17 مصرياً مخالفات صارخة لمواد قانون الإجراءات الجنائية، والتي نصت على "مقابلة الأقارب للمحكوم عليه بالإعدام في اليوم الذي يعين لتنفيذ الحكم، على أن يكون ذلك بعيداً عن محل التنفيذ. وإذا كانت ديانة المحكوم عليه تفرض عليه الاعتراف أو غيره من الفروض الدينية قبل الموت، وجب إجراء التسهيلات اللازمة لتمكين أحد رجال الدين من مقابلته".
وحسب منظمة "أوقفوا عقوبة الإعدام في مصر"، فإن حكم الإعدام نُفذ بحق 9 مواطنين مصريين، في ساعة مبكرة من صباح الاثنين 26 إبريل/ نيسان، من دون إعلام ذويهم بميعاد التنفيذ، وعدم السماح لهم بمقابلتهم، وهو ما تكرر مع 8 أشخاص آخرين من المتهمين في القضية نفسها، ونقلت جثامينهم من مجمع سجون وادي النطرون إلى المشرحة لتسليمها لذويهم.
ونصت المادة 474 من قانون الإجراءات الجنائية على "تنفيذ عقوبة الإعدام بحضور أحد وكلاء النائب العام، ومأمور السجن، وطبيب السجن. ولا يجوز لغيرهم حضور التنفيذ إلا بإذن خاص من النيابة العامة، ويجب دائماً أن يؤذن للمدافع عن المحكوم عليه بالحضور". وفي مخالفة صريحة للفقرة الأخيرة من المادة، "لم يؤذن لأي من محامي المحكوم عليهم بحضور تنفيذ الحكم".
فيما قالت منظمة "كوميتي فور جستس" الحقوقية إن السلطات المصرية مستمرة في عمليات الإعدام الجماعية "في استهتار واضح بحق إنساني أصيل؛ وهو الحق في الحياة، بناءً على محاكم اعترف المجتمع الدولي بأنها افتقدت لأدنى معايير المحاكمات العادلة التي نصت عليها المواثيق الدولية". وقالت منظمة العفو الدولية: "هذه الإعدامات هي برهان مرعب على استخفاف السلطات المصرية بالحق في الحياة؛ وبالواجبات المترتبة عليها بموجب القانون الدولي".
وأضافت العفو الدولية: "لقد أظهرت السلطات المصرية– من خلال تنفيذ عمليات الإعدام هذه في شهر رمضان المبارك– تصميماً لا يرحم على الإمعان في استخدامها المتزايد لعقوبة الإعدام. وينبغي على مصر أن تضع حداً فورياً لهذا الارتفاع المثير للقلق البالغ في عمليات الإعدام؛ وندعو الدول في جميع أنحاء العالم إلى اتخاذ موقف واضح من خلال التنديد العلني باستخدام مصر لعقوبة الإعدام".
يذكر أن محكمة النقض المصرية قد رفضت الطعن المقدم من 135 من المعتقلين السياسيين على أحكام الإعدامات والسجن الصادرة بحقهم (حضورياً) في قضية "أحداث قسم كرداسة". وأيدت المحكمة أحكام الإعدام والسجن لتصبح أحكاماً نهائية باتة لا طعن عليها.
وكانت محكمة جنايات القاهرة قد قضت بالإعدام والسجن بحق 156 معتقلاً (حضورياً وغيابياً) بمجموع أحكام بلغت 2550 عاماً، وذلك في إعادة محاكمتهم عقب قبول طعنهم، وإلغاء أحكام الإعدامات والسجن الصادرة بحقهم من محكمة أول درجة، على خلفية اتهامهم في القضية.
وقضت المحكمة بالإعدام شنقاً على 20 معتقلاً، والسجن المؤبد 25 عاماً على 80 آخرين، والسجن المشدد 15 عاماً على 34 آخرين، والسجن 10 أعوام على "حدث" طفل، وبراءة 22 آخرين.
وخلال الأعوام الماضية، دعت الكثير من الدول والهيئات الدولية والمؤسسات الحقوقية إلى وقف تنفيذ العمل بعقوبة الإعدام كرادع جنائي، واستبداله بعقوبات مثل السجن مدى الحياة، أو العمل من أجل الخدمة العامة، وغيرها من البدائل، الأمر الذي أكدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها السنوي المعتمد في يناير/كانون الثاني من عام 2018، والذي دعا إلى وقف العمل بعقوبة الإعدام في جميع أنحاء العالم، وقد حظي هذا القرار بدعم 121 دولة.