آسيا قلقة وتتساءل: ماذا سيفعل جو بايدن حيالنا؟

09 نوفمبر 2020
بايدن سيركز على القضايا الداخلية(Getty)
+ الخط -

في الوقت الذي تتعامل فيه قارة آسيا مع واقع الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، يتصارع الارتياح والآمال في الانتعاش الاقتصادي والبيئي مع القلق الشديد والمخاوف من التجاهل. من قضايا تتراوح بين الأمن إلى التجارة وتغير المناخ، يمتد وصول الولايات المتحدة القوي إلى كل ركن من أركان منطقة آسيا والمحيط الهادئ تقريباً.
خلال السنوات الأربع الماضية، هز الرئيس دونالد ترامب أسس العلاقات الأميركية هناك، حيث تودد إلى منافسين تقليديين، وهاجم حلفاء بشكل متكرر.
والآن بينما يتطلع بايدن لتسوية القضايا الداخلية المضطربة، هناك قلق واسع النطاق من تجاهل ملف آسيا، وترك حلفاء واشنطن هناك دون رعاية.
هذا سيجعل دولاً مثل الصين - ذلك المنافس الهائل للولايات المتحدة على السيادة الإقليمية – تفعل ما يحلو لها.
في أعقاب رئاسة ربما تكون الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، هذه نظرة على: كيف سيتعامل البيت الأبيض في عهد بايدن مع واحدة من أهم مناطق العالم وأكثرها تقلباً:

الصين
من المرجح أن ينظر بايدن للصين أولاً.
الدولتان متشابكتان بشكل لا يرحم، اقتصادياً وسياسياً، حتى في الوقت الذي يزيد فيه الوجود العسكري الأميركي في المحيط الهادئ غضباً من جهود الصين الموسعة لشق طريقها في ما تعتبره "مجال نفوذها الطبيعي".
في عهد ترامب، انخرط الخصمان في حرب تجارية وتبادل للتراشق اللفظي.
قد تسعى إدارة بايدن لتهدئة تلك العلاقات المتوترة، وفقاً لألكسندر هوانغ، أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة تامكانغ في تايبيه، والمسؤول السابق في جهاز الأمن القومي التايواني.

وأضاف: "أتوقع أن يعود بايدن إلى النهج الأكثر اعتدالاً والأقل تصادمية في عهد باراك أوباما تجاه الصين".
وذكر هوانغ أن زيادة التواصل مع الصين قد تدفع واشنطن إلى التقليل من أهمية دعمها لتايوان، التي تدعي الصين أنها جزء من أراضيها، دون التقليل بالضرورة من التزام الولايات المتحدة بضمان قدرة الجزيرة على الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الصينية.
ردد المهندس الكيميائي المتقاعد تانغ رويغيو وجهة نظر كثيرين في الصين عن تراجع الولايات المتحدة الذي لا يمكن إيقافه عن وضع القوة العظمى العالمية.
وقال تانغ: "بغض النظر عمن يتم انتخابه، أشعر بأن الولايات المتحدة قد تدخل في اضطرابات، وسيتآكل نطاق نفوذها".

الكوريتان
وداعاً للقمم الثنائية.
تحول ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون من التهديدات بالحرب إلى ثلاث قمم غير مسبوقة، والتي لم تسفر عن أي نتيجة تؤدي لتخلص بيونغ يانغ من صواريخها طويلة المدى ذات الرؤوس النووية المحظورة.
يجب أن يتكيف كيم الآن مع رجل وصفه ذات مرة بالـ"كلب المسعور الذي يجب أن يُضرب حتى الموت".
من جانبه، وصف بايدن كيم بأنه "جزار" و "سفاح"، وقال إن ترامب منح شرعية لديكتاتور بـ"ثلاث قمم مخصصة للتلفاز" لم تسفر عن أي تقدم في نزع السلاح.
أيد بايدن نهجاً أبطأ مبنياً على اجتماعات على مستوى العمل، وقال إنه سيكون على استعداد لتشديد العقوبات على كوريا الشمالية حتى تتخذ خطوات ملموسة لنزع السلاح النووي.
كوريا الشمالية، التي لم تُظهر بعد أي استعداد للتخلص من ترسانتها النووية التي يعتبرها كيم للبقاء على قيد الحياة، تفضل عملية من خلال عقد قمم مشتركة، وتريد الحصول على تنازلات.
بالنسبة لكوريا الجنوبية، من المرجح أن يُظهر الرئيس الجديد احتراماً أكبر لحليفته أكثر من ترامب، الذي قلص بشكل أحادي الجانب المناورات العسكرية المشتركة، وشكا مراراً من استمرار تكلفة الحرب التي يحصل فيها جندي أميركي متمركز في الجنوب للدفاع ضد كوريا الشمالية على 28500 دولار.

اليابان:
أنهت استقالة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي هذا العام واحدة من علاقات ترامب القليلة والمثمرة مع زعيم أجنبي.
هناك أمل في طوكيو في أن تساعد السياسات البيئية الأكثر تقدمية لبايدن الشركات اليابانية الخضراء، بالإضافة لاتخاذ موقف متشدد تجاه الصين، التي تتنافس معها اليابان باستمرار.
لكنّ هناك قلقاً أيضاً.

قال هيرو عايدة، أستاذ السياسة والتاريخ الأميركي الحديث في جامعة كانساي: "في ظل حكم بايدن، لا تستطيع أميركا تحمل رعاية دول أخرى، وعليها أن تعطي الأولوية لإعادة إعمارها".
نظراً لأن بايدن سينشغل بالعديد من المشكلات المحلية في بلاده، من اضطرابات عرقية إلى مخاوف بشأن الاقتصاد والرعاية الصحية وفيروس كورونا، يمكن ترك اليابان بمفردها حيث تسعى الصين إلى تحقيق طموحاتها الإقليمية، وتتوسع كوريا الشمالية في جهودها النووية، وفقاً لبيتر تاسكر، المحلل المقيم في طوكيو ويعمل لدى منظمة (أركس ريسيرش).

أستراليا ونيوزيلندا
ربما تحدث مالكولم تورنبول، رئيس الوزراء الأسترالي المحافظ الذي كان في السلطة عند انتخاب ترامب، نيابة عن كثيرين عندما غرد على تويتر لتهنئة بايدن: "يا له من ارتياح شعرت به بفوزك".
هناك أمل في أن يكون أداء بايدن أفضل من إدارة ترامب، التي منحت مصنعين أستراليين إعفاءات من الرسوم الجمركية الأميركية على الصلب والألومنيوم عام 2018 قبل أن يتغير موقفها بعد عام.
بالنسبة لنيوزيلندا، هناك تطلعات لبيع المزيد من الحليب ولحم البقر في ظل إدارة أميركية أكثر انفتاحاً على التجارة الحرة.
تأمل نيوزيلندا ودول المحيط الهادئ الأخرى أيضاً أن يساعد بايدن في تخفيف التوترات مع الصين.
وجدت نيوزيلندا نفسها عالقة بين القوتين العظميين، معتمدة على الصين باعتبارها أكبر شريك تجاري لها مع الحفاظ على العلاقات الدفاعية والاستخباراتية التقليدية مع الولايات المتحدة.

لايف ستايل
التحديثات الحية

الهند:
لن تتغير مجموعة العلاقات الأمنية والدفاعية المشتركة بين الهند والولايات المتحدة.
لكن إدارة بايدن قد تلقي نظرة فاحصة على سجلات حقوق الإنسان والحريات الدينية في الهند، والتي تجاهلها ترامب إلى حد كبير.
يتوقع أيضاً أن يكون بايدن أكثر انتقاداً لسياسات رئيس الوزراء ناريندرا مودي القومية الهندوسية، والتي يقول منتقدون إنها تضطهد الأقليات الهندية، وفقاً لمايكل كوجلمان، نائب مدير برنامج آسيا في مركز ويلسون بواشنطن.
ويضيف أن الدولتين ستعملان بشكل أوثق لموازنة قوة الصين، منافستهما المشتركة.
وذكر كوجلمان أن البيت الأبيض في عهد بايدن "لن يجازف باستعداء دولة ينظر إليها على نطاق واسع في واشنطن على أنها أفضل رهان استراتيجي لأميركا في جنوب آسيا".

جنوب شرقي آسيا
تقول بريدجيت ويلش، الأستاذة الفخرية في جامعة أوفيس الماليزية، إن بعض دول المنطقة - مثل ماليزيا - كانت محورية تجاه الصين بسبب الاستثمار الضخم والتركيز على التعافي الاقتصادي.
وتضيف: "سوف يستغرق الأمر وقتاً حتى تعيد الولايات المتحدة بناء الثقة. قوة الولايات المتحدة لن تكون أبداً كما كانت".
وقال ريتشارد هيدريان، المحلل السياسي في الفيليبين، إنه من المرجح أيضاً أن يكون بايدن أكثر حذراً في تعاملاته مع القادة الأقوياء مثل رودريغو دوتيرتي في الفيليبين، وبرايوت تشان أو تشا بتايلاند، وهون سين في كمبوديا.
وأضاف: "قد يعني توخي مزيد من الحذر درجة من الاستقرار في العلاقات مع الحلفاء والشركاء المخادعين في جنوب شرقي آسيا والمنطقة. سنرى قيادة أميركية، لكن بشكل أكبر بكثير بالاشتراك مع القوى واللاعبين الإقليميين، بمن فيهم اليابان وأستراليا والهند والقوى الأوروبية، ودول جنوب شرقي آسيا".

(أسوشييتد برس)

المساهمون