تحدثت صحيفة "نيويورك تايمز" عن التداعيات المحتملة للأزمة الأوكرانية، مشيرة إلى أنه ستكون للغزو الروسي لأوكرانيا تداعيات كبيرة على أوروبا والاقتصاد العالمي ومكانة أميركا في العالم.
وقالت الصحيفة إن الغزو الروسي من شأنه أن يزيد المخاوف بشأن أمن دول الاتحاد السوفييتي السابق في أوروبا الشرقية، وقوة النظام العالمي بعد عام 1989، وقدرة أميركا على التأثير فيه، إضافة إلى المجازفة برفع أسعار الوقود في جميع أنحاء العالم.
وبحسب الصحيفة، فإن أي غزو روسي لأوكرانيا من شأنه أن يهدد الهيمنة الأميركية على الشؤون العالمية. وقد كان لانتصار الولايات المتحدة في الحرب الباردة تأثير كبير على النظام العالمي، لكن هذا النفوذ تضاءل في العقد الماضي، وقد يؤدي الغزو الروسي إلى تسريع هذه العملية. وتأمل الولايات المتحدة إبطاء هذه العملية، أو حتى عكسها من خلال تنشيط الناتو.
لماذا هذا الاهتمام بأوكرانيا؟
تكمن أهمية أوكرانيا لأوروبا والولايات المتحدة، وفق الصحيفة، في أنهما تريانها مؤشراً لنفوذهما، وللنوايا الروسية في باقي أوروبا؛ فأوكرانيا ليست جزءاً من الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي "الناتو"، لكنها تلقى دعماً مادياً وعسكرياً ملحوظاً من أوروبا والولايات المتحدة. وتشير الصحيفة إلى أن غزو روسيا لأوكرانيا قد يوحي لروسيا بأنها قادرة على إثارة التوترات مع الجمهوريات السوفييتية السابقة، التي أصبحت جزءاً من التحالف الغربي، مثل إستونيا، لاتفيا، وليتوانيا.
بدورها، تعتبر روسيا أوكرانيا ضمن دائرة نفوذها الطبيعي، وكانت أغلبها لقرون جزءًا من الإمبراطورية الروسية، والعديد من الأوكرانيين هم من الناطقين باللغة الروسية، وقد ظلت البلاد جزءًا من الاتحاد السوفييتي حتى حصولها على الاستقلال في عام 1991.
وذكّرت الصحيفة بأن أوكرانيا كانت مركز فضائح عدة طاولت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ووصلت إلى حدّ محاولة عزله.
كيف يمكن لأوكرانيا وحلفائها وقف الغزو الروسي؟
طبقا لـ"نيويورك تايمز، فإنه يمكن أن تتعهد أوكرانيا بالتخلي عن محاولاتها للانضمام إلى الناتو، أو تنفيذ بندين من اتفاقية "مينسك" الموقعة في عامي 2014 و2015، والتي تعد مؤاتية لروسيا.
وبموجب اتفاقية "مينسك، فإن منطقتي دونيتسك ولوغانسك ستنضمان إلى أوكرانيا في إطار نظام فيدرالي يتيح لهما حق النقض ضد السياسة الخارجية الأوكرانية، لكنه يبدو أن أيادي الحكومة الأوكرانية مقيدة، على الأقل، على المدى القصير، إذ إن التخلي عن تطلعات الانضمام إلى "الناتو" يتعارض مع الدستور الأوكراني.
وطبقا لـ"نيويورك تايمز"، فإن الولايات المتحدة والدول الأوروبية لديها العديد من الأوراق التي بإمكانها أن تستخدمها لمنع الغزو الروسي لأوكرانيا. وأشارت الصحيفة إلى أن واشنطن تستطيع أن تعزل أكبر المؤسسات المالية الروسية عن النظام المالي العالمي، مما قد يصيب الاقتصاد الروسي بالشلل، كما أن ألمانيا قد توقف تنفيذ خط أنابيب "نورد ستريم 2"، وهو خط أنابيب رئيسي جديد ينقل الغاز الروسي إلى أوروبا. وقد تضع المملكة المتحدة قيودًا على "الأوليغارشية" الروسية التي تمتلك ممتلكات وأصولًا في بريطانيا.
طريق الدبلوماسية
بحسب "نيويورك تايمز، فإن الكرملين يصر على أن الأزمة الأوكرانية لا تتعلق بأوكرانيا فحسب، بل أيضاً بالوجود العسكري لحلف شمال الأطلسي في أوروبا الشرقية، والذي يصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه تهديد وجودي لأمن روسيا. ويرغب بوتين في أن ينسحب "الناتو" من المنطقة، إضافة إلى عدم انضمام أوكرانيا أو أي دولة أخرى إلى الحلف على الإطلاق، فيما يصر الرئيس بايدن على أن الولايات المتحدة مستعدة لمواصلة المحادثات، ويشير في ذات الوقت إلى أنها ستظل متمسكة بفكرة أن من حق كل بلد أن يكون حرا في اختيار حلفائه.
ولفتت الصحيفة إلى أن تكلفة الحرب إذا وقعت، لناحية عدد القتلى المحتمل والضرر الاقتصادي الذي قد ينتج عن العقوبات الغربية، باهظة للغاية على موسكو.