"قسد" تحتفل بذكرى الثورة: قراءة جديدة للواقع السوري؟

17 مارس 2022
لم تكن "قسد" تدعم أي حراك شعبي في ذكرى الثورة (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

أولت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) وأذرعها السياسية والإدارية اهتماماً بالذكرى الحادية عشرة لانطلاق الثورة السورية، وهو ما اعتبر تحولاً في موقف هذه القوات التي لم تكن تولي هذه الذكرى الاهتمام نفسه الذي تبديه المعارضة السورية، من إقامة مهرجانات والخروج بتظاهرات حاشدة في مناطق سيطرتها.

إحياء "قسد" و"مسد" لذكرى الثورة السورية

وقال القائد العام لـ"قسد"، مظلوم عبدي، في تغريدة على "تويتر" أول من أمس الثلاثاء، إن "انتفاضة 12 مارس/ آذار (حراك كردي ضد النظام جرى في عام 2004)، وحراك 15 مارس (الثورة السورية)، حطما جدار الخوف في سورية، والمواطن السوري لن يقبل بالعودة لمربع الإقصاء".

وأضاف "مر أحد عشر عاماً على انطلاق الحراك الشعبي في سورية، والأبواب لا تزال موصدة أمام الحلول السياسية، التي من شأنها إنهاء الأزمة بمشاركة جميع الأطراف". وعلى الرغم من أن عبدي تجنّب استخدام مفردة "الثورة"، إلا أنه أشار إلى أن "سورية تستحق حريتها والاستقرار".

خرجت في مختلف المدن والبلدات التي تقع تحت سيطرة "قسد"، تظاهرات شعبية حاشدة بذكرى الثورة

من جهتها، دعت إلهام أحمد، رئيسة الهيئة التنفيذية لـ"مجلس سورية الديمقراطية" (مسد)، الجناح السياسي لقسد، في تغريدة لها في ذكرى الثورة، أول من أمس، إلى توحيد المعارضة السورية لـ"نقل البلاد إلى مستقبل أفضل".

ولطالما دعا "مسد" إلى فتح حوار بينه وبين الائتلاف الوطني السوري المعارض، لتجسير هوة الخلاف، إلا أن الأخير يرفض الجلوس على طاولة واحدة مع "مسد" قبل فك الارتباط مع حزب العمال الكردستاني.

كذلك، نظّم "مسد" مهرجاناً خطابياً في محافظة الحسكة، أقصى الشمال الشرقي من سورية، أول من أمس الثلاثاء، في الذكرى الحادية عشرة للثورة.

وقالت الرئيسة المشتركة لـ"مسد"، أمينة عمر، في كلمة في المهرجان، إن "سورية الدولة تعيش اليوم أسوأ حالتها على الإطلاق"، مضيفةً "باتت سورية ساحة لصراع القوى الإقليمية والدولية وتمرير أجنداتها عن طريق بعض الأطراف السورية نفسها".

كذلك خرجت أول من أمس الثلاثاء في مختلف المدن والبلدات التي تقع تحت سيطرة "قسد"، تظاهرات شعبية حاشدة بذكرى الثورة، وهو ما كان يحدث بخجل في سنوات سابقة، إذ لم تكن "قسد" تدعم أي حراك شعبي في هذه الذكرى.

ورُفع علم الثورة السورية في هذه التظاهرات وفي فعاليات شعبية أخرى جرت في مدينتي الطبقة والرقة، وفي بلدات ريف دير الزور الشرقي الواقعة تحت سيطرة مجلس دير الزور العسكري‏ التابع لـ"قسد".

واعتُبر الاحتفال واسع النطاق بذكرى الثورة من قبل "قسد" و"الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سورية تحولاً كبيراً في موقف هذه القوات التي تشكل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي.

رياض درار: هناك اختلاف في الرؤية والقراءة السياسية بين مختلف هيئات المعارضة السورية

وفي السياق، أكد الرئيس المشترك لـ"مسد"، رياض درار، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "لم نكن بعيدين عن مسارات الثورة منذ البداية؛ لا كأشخاص ولا كهيئات سياسية، وكنا جزءاً من هيئة التنسيق الوطنية التي تمثل معارضة الداخل".

وأشار إلى أن "هناك اختلافاً في الرؤية والقراءة السياسية بين مختلف هيئات المعارضة السورية"، مضيفاً أن "حزب الاتحاد الديمقراطي (أبرز أحزاب مسد) كان في هيئة التنسيق حتى عام 2015".

وأوضح درار أن "قسد واجهت تحدي تنظيم داعش"، مشيراً إلى أن "مشروع الإدارة الذاتية يهدف إلى تطوير الداخل السوري". وتابع: "دائماً نبحث عن المشاركة في مسار جنيف التفاوضي، ولكن جرى استبعادنا من اللجنة الدستورية".

ولفت إلى أن المجلس "طرح مشروع الشمال السوري بإدارتين لامركزيتين على الائتلاف السوري الوطني، وحتى اللحظة لم نتلق جواباً".

من جهته، قال عضو مجلس الرئاسة في "مسد"، سيهانوك ديبو، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الإدارة الذاتية في شمال شرقي سورية تمثل جوهر الثورة السورية، ونعتقد أننا جسّدنا التغيير الذي طالب به الشعب السوري في ثورته عام 2011".

وتسيطر "قسد" على نحو ثلث مساحة سورية، وتقع أغلب مساحتي محافظتي الرقة والحسكة تحت سيطرتها، إضافة إلى نصف محافظة دير الزور، وجانب كبير من ريف حلب الشمالي الشرقي، شرقي نهر الفرات، مع مدينتي منبج وتل رفعت وبعض ريفهما، غربي النهر.

من جانبه، أكد القيادي في مجلس منبج العسكري التابع لـ"قسد"، شرفان درويش، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الاحتفال بذكرى الثورة بهذا الزخم "ليس جديداً".

أضاف "نحن أكثر من عانى وصمد في وجه المؤامرات التي استهدفت انتفاضة الشعب السوري منذ مارس 2011 على مختلف الأصعدة؛ السياسية والعسكرية والمجتمعية".

وتابع: "الثورة ليست حكراً على الذين تم فرضهم على السوريين، فهؤلاء نسخة طبق الأصل عن نظام القمع، ويزعمون بأنهم معارضة فيما هم يمثلون توجهات النظام ذاتها في نزوعهم نحو الهيمنة والاستبداد والقمع والفساد".

درويش خليفة: احتفاء "قسد" بذكرى الثورة رسالة للمعارضة

ولطالما اتُهمت الوحدات الكردية ذات الثقل الرئيسي في "قسد" بالتنسيق الكامل مع النظام السوري منذ تأسيسها في عام 2012، لوأد الحراك الثوري في الشارع السوري الكردي.

ومنذ تأسيسها في أواخر عام 2015، لم تكن "قسد" تولي اهتماماً كبيراً بذكرى الثورة، ولم تشجع أي حراك شعبي على هذا الصعيد، وحاولت في العديد من المرات التوصل لاتفاقات سياسية مع النظام لحسم مصير منطقة شرقي نهر الفرات بعيداً عن المعارضة السورية، إلا أن هذه المحاولات فشلت بسبب اشتراط النظام استلام المنطقة من دون شروط، ما خلا بعض الحقوق "الثقافية" للأكراد السوريين في مناطقهم.

محاولة "قسد" فتح حوار مع المعارضة السورية 

ويبدو الاحتفاء بذكرى الثورة من قبل "قسد" خطوة باتجاه فتح حوار مع المعارضة السورية التي ترفض حتى اللحظة وجود ممثلين لهذه القوات في هيئة التفاوض التي تشرف على العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة.

وفي السياق، عزا المحلل السياسي درويش خليفة، في حديث مع "العربي الجديد"، أسباب اهتمام "قسد" بذكرى الثورة إلى "عدم اهتمام النظام بالتفاوض معها". وأضاف أن "مناطق النفوذ في سورية باتت شبه مستقرة في المستقبلين القريب والمتوسط".

ولفت إلى أن "هناك شبه إجماع ضمني عند الدول المتداخلة في الشأن السوري على بقاء الوضع الحالي على ما هو عليه، إلى حين حدوث اختراق في الحل السياسي المستعصي منذ عقد". ورأى خليفة أن احتفاء "قسد" بذكرى الثورة "رسالة واضحة لجمهور الثورة والمعارضة السورية لاعتمادها كشريك مستقبلي".

المساهمون