مسيرات العودة

11 يونيو 2018
+ الخط -
بدت مسيرات العودة الفلسطينية، منذ انطلاقها في 30 من مارس/ آذار الماضي، وكأنها انطلقت على عجل من دون أن تأخذ حقها في التعبئة والتحشيد والتوعية والتعريف، فضلا عن أنه يبدو أنها لم تأخذ حقها في التخطيط والاعداد على كل المستويات: اللوجستية لحماية المتظاهرين السلميين، والإعلامية لتوظيف القصص الإنسانية، لتعبئة الرأي العام العالمي باتجاه مزيد من نبذ إسرائيل وعزلها، والسياسية لقطف ثمار المسيرات في أقصر وقت ممكن، منعا لتحولها إلى استنزاف ذاتي، والتعبوية الجماهيرية لجهة استقطاب ودمج أوسع شريحة شبابية في أعمال المقاومة السلمية الإبداعية.
العجلة في إطلاق مسيرات العودة، على الرغم من أن الفكرة كانت مطروحة منذ سنوات طويلة على قيادة المقاومة، نابع من انعدام الخيارات أمام فصائل المقاومة المحاصرة والمستنزفة في قطاع غزة، سوى الخيار العسكري الذي باتت المقاومة تضعه في قائمة خيار شمشوم، ولا تحبذ اللجوء إليه، إلا إذا أجبرت عليه.
إلا أن مسيرات العودة التي لاقت نجاحا كبيرا، وإقبالا شعبيا وشبابيا فاجأ الجميع، باتت تتعلم من تعثر الخطى هنا أو هناك. وذلك لا ينفي إمكانية الاستدراك لتجويد العمل، والوصول بمسيرات العودة إلى غايتها في أسرع وقت، وبأقل تكلفة بشرية.
ومن الأمور التي يمكن الاستدراك فيها بعض الأعمال اللوجستية، مثل الاستعانة بمهندسين وخبراء لإقامة سواتر وتحصينات قادرة على حماية المتظاهرين السلميين من نيران قناصة العدو، وحفظ أغلى ما نملك، وهي أرواح شبابنا وشعبنا، والاستعانة بخبراء في التعبئة والإعلام والعمل الجماهيري، لتحويل الساحات التي تتمركز فيها مسيرات العودة قرب الحدود الزائلة إلى ما يشبه معرض إعلامي ثقافي تراثي كبير، لكل ما يرمز إلى التاريخ والتراث والحق الفلسطيني، ذات البعد الجمعي الوطني بلا فواصل أو ألوان، بحيث تتحول هذه الساحات إلى مزاراتٍ وطنية من جانب، وإلى قبلةٍ للصحافة الدولية، وملهم لكل مناصري القضية الفلسطينية من جانب آخر، على أن يتم تزويد هذه الساحات بكل متطلبات الراحة، كأماكن الجلوس المحترمة، والساحات الخضراء وألعاب الأطفال، ولوحات العرض الإلكترونية الكبيرة، والمراكز الإعلامية بمختلف اللغات الحية ذات القدرة على البث المباشر والمجاني لجهات العالم الأربع.
ويجب العمل على مأسسة وحدات المقاومة السلمية وتوسيعها، لتضم أوسع شريحة من الشباب المقبل والمتفاعل مع مسيرات العودة، وفتح المجال لمزيد من الإبداعات، في تعرية الاحتلال، وكشف هشاشته، فضلا عن نازيته، وذلك بتمدد وحدات مثل الكاوتشوك والأطباق الطائرة وسحب السياج، وغيرها من اللجان، لتصبح في كل حي ومخيم، في تسلسل عنقودي متواصل، يبث الروح الثورية المناضلة في أوصال جيل الشباب الذي يريد العدو وأذنابه أن يكفر بالمقاومة وفصائلها، لصالح البحث عن رغيف الخبز، ومستقبل علقته السلطة على مقصلة إغلاق المعابر والحصار منذ زمن.
ويجب أيضا، العمل على توظيف أكثر فعالية وثورية للإعلام الجديد، لجهة ضمان تعاطف وتفاعل أغلب عواصم العالم وشعوبه مع مسيرات العودة، فضلا عن إشعال الساحات الفلسطينية الأخرى، لإطلاق شرارة مسيرات العودة من شرفات تمركزها، سواء من مخيمات اللجوء على حدود الوطن في الأردن ولبنان وسورية، أو في مدن الضفة المحتلة ومخيماتها، الساحة الأكثر تأثيرا والأخطر أثرا على الاحتلال، أو ساحة الـ 48 التي يحسب الاحتلال لتحركها ألف حساب.
الاهتمام الكبير بإسناد صمود شعبنا المنتفض، خصوصا الثوار الذين يصابون في الميدان، لجهة تنظيم لجان قوية وفاعلة في كل حي ومخيم، للاهتمام بتوفير أفضل وأسرع علاج لإصاباتهم وإعفائهم من ذل الطوابير والإجراءات للحصول على العلاج أو الأدوات الصحية المساعدة، مع العمل على الخروج من شرنقة الحزبية العفنة التي تعمل على تشويه التوجه الوطني لمسيرات العودة، بما تثيره من خلاف حول انتماء هذا الشهيد أو ذلك، بهدف تسجيل بعض النقاط السياسية الجوفاء، عبر تخصيص ساحة أو ميدان في كل منطقة ومخيم، ولتسمّى مثلا ساحة الشرف والبطولة، على أن يتم التوافق وطنيا على أن تقام فيها أعراس الشهداء بشكل وطني، وبلا ألوان، مهما كانت انتماءاتهم، فضلا عن إحياء مختلف المناسبات الوطنية فيها.
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
عماد عفانة (فلسطين)
عماد عفانة (فلسطين)