عن الفكر العربي الإسلامي

23 مايو 2017
+ الخط -
في خضم تعالي الأصوات التي تنادي بالنهضة وإعادة تجديد الفكر العربي الإسلامي، للخروج من حالة الانحطاط والهزيمة وضياع القيم، يلاحظ أنّ هناك ثلاثة فئات من الذين ينادون بالتجديد.
أولها الفئة التي لها مآرب معينة، والتي تسعى من هذا التجديد إلى نسف القيم العربية الإسلامية، وتحطيم ما تبقى من قيم لدى وعي الشعب العربي والإسلامي. والثانية هي النخبة العربية المغتربة، والتي انبهرت بالحضارة الغربية، وإلى درجة اندهاشها انغمست وذابت فيها حدّ التواطؤ، وهذه الفئة تسعى، بقصد أو من غير قصد، إلى نقل الأفكار الغربية برمتها (الصالح والطالح) إلى الحضارة العربية، وتناسوا أنّ الحضارة العربية الإسلامية ذات غنىً فكري وثقافي وحضاري، وذات فعالية ومرونة (غير متعصبة) مفتوحة على الحضارات الأخرى، أي أنّ الفكر العربي الإسلامي يحمل سمات الفكر العالمي، وليس المحلي.
الفئة الثالثة هي الراديكالية المحافظة، والتي لا تسعى إلى التطوّر والتقدم، وهذه الفئة عادةً ما تكون من الطبقة الجاهلة، فالفكر العربي الإسلامي، كما أسلفت، يتسم بالمرونة والتطوّر والتجديد، وإلا لما كان هناك الاجتهاد والقياس بالإضافة إلى ذلك دليل ديمومتها فلو كان الفكر العربي الإسلامي متعصباً لما صمد طوال هذه القرون، وهذا ما يجعل أعداء الأمة يخطّطون، وبكل الوسائل، إلى نسف هذا الفكر من خلال صياغة المفاهيم المبرّرة وجعلها مقبولة لدى العالم، ومن ثم خلق بيئة خصبة لتلك المفاهيم وتحضير الأدوات المناسبة على حسب ما تتطلبها المرحلة، وعلى سبيل المثال، أوجد بيئة فوضوية في البلدان العربية عن طريق الاحتلال وإثارة الطائفية والتقسيم، وبعدها صيغ مفهوم الحرب على الإرهاب، بهدف نسف الفكر العربي الإسلامي وتشويهه.
تتم آلية الخروج من ذلك كله عبر نهضة فكرية وحضارية حديثه أصيلة، تستقي أفكارها ومقوماتها من التراث الفكري والحضاري العربي الإسلامي، أما النهضة المزيفة فهي عادةً ما تستقي أفكارها ومقوماتها من أصول فكرية وحضارية غريبة لا علاقة لها في أصول بيئتها الحضارية، أي دخيلة، وخطّط لها كالفيروس الذي يحطّم شبكة بكاملها، وهذا ما يهدّد كيانها ويجعلها تعيش في فراغ فكري، فالفكرة كالزهرة عندما تنقل من تربتها وبيئتها الأصلية إلى تربة وبيئة مختلفة، يكون قدرها الموت أو يستخدم معها مواد مصطنعة، ما يجعلها هجيناً وغريبة في بيئتها. وهنا أقتبس مقولة للمفكر عبدالوهاب المسيري للإشارة إلى ما سبق ذكره، إذ يقول: "ثمة هزيمة داخليه في الفكر العربي، تجعل من الغرب المرجعية الوحيدة ومصدر المعرفة الأوحد".
ولكي لا ننسى، نحن نملك فكراً غنياً في أفكاره وآرائه ومبادئه، ويجب العمل على الاستفادة منه، من دون تحريف الجذور والجوهر.
9E86001F-291F-449F-A6DC-C4A14684BFA8
9E86001F-291F-449F-A6DC-C4A14684BFA8
إبراهيم نوايسه (الأردن)
إبراهيم نوايسه (الأردن)