لماذا الخلط بين السياسة والدين؟

28 مارس 2017
+ الخط -
أخيراً، خرجت أزمة "البلوكاج" في المغرب أو الحصر الحكومي لإنتاج حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية من عنق زجاجة التفاوض أو التشاور بين الأحزاب. ربّما الجديد هو الحل الدستوري الذي عمد إليه ملك البلاد، وهو اختيار شخص من الحزب الرابح بالمرتبة الأولى، خصوصا بعد فشل الأمين العام للحزب، ورئيس الحكومة السابقة، عبد الإله بنكيران، وعدم قدرته على تجاوز عقبة التفاوض مع أمناء أحزاب ربّما كسبوا الجولة الثانية نكاية فيه.
طبعاً، القرار أثار نقاشات هادئة وأحيانا محتشمة، عبّر عنها رئيس الحكومة المعفي بقرار اعتزال العمل السياسي أو الاكتفاء بالعمل من داخل حزبه، لأنّ ما أنجزه خليفته، سعد الدين العثماني، في أسبوع ليس سوى ما كان بنكيران يرفض إقحامه في تشكيلة الحكومة، أي حزب الأحرار وحزب الاتحاد الاشتراكي الذي قدّم غمزة لبيبة للأمين السابق، تجلّت في تعيين رئيس البرلمان من الحزب نفسه، ثم اللعب بقيادة حزب الاستقلال (حميد شباط) كبيدق عند الحاجة، أيّ تكملة العدد في حال كان ينقصها توافق من أجل النصاب القانوني.
للملك كلّ الصلاحيات في اختيار من يقود الحكومة، واقتراح ما يراه مناسبا لتسيير البلاد، وكلّ الغموض الذي لفّ الصلاحيات الدستورية لحالة "البلوكاج الحكومي"، جعل كثيرين يقدّمون قراءات، امتدت من الظروف الداخلية إلى العلاقات الإفريقية إلى الرئاسة الأميركية، إلا أنّ الجواب على سؤال: من أخّر تشكيل الحكومة لكلّ هذه المدة؟ جوابه الأخير بتشكيل هذا التحالف بين كلّ أطياف السياسة المغربية لم يعجب البعض.
هناك من يستفسر ولا يريد الحل، ويُدهش لتحالف اليسار مع اليمين، الإسلامي مع الاشتراكي والتقدمي، الليبرالي معهم جميعاً. على الرغم من أنّ السياسة لا مجال فيها لتنميط فعل المعارضة، كما لا تربط أجنحتها اليمين واليسار مع الإنتماء الإيديولوجي، بل تخلط بينها حسب البرنامج الحزبي للمرحلة، التوّجه الإسلاموي أو الاشتراكي أو الرأسمالي أو حتى العدمي، فكيف يتحالف الأمين العام الاشتراكي (ادريس لشكر) مع الإسلامي (سعد الدين العثماني) مع "أخنوش" الليبرالي مع "بنعبد الله" الشيوعي مع "ساجد" و"العنصر" اليمينيين الأصلانيين.
ليس جديداً مثل تحالف كهذا في المشهد السياسي المغربي، فقط العقدية الفكرية التي لا تقبل تجاوز ثنائية اليسار واليمين، إلى روح الحداثة، أو إلى الخلط بين الدين والسياسة، باعتبار الأوّل مرجع للثانية، وأساس الشرعية السياسية، أو مغالطة الخلط بين الاشتراكية والإسلام.
يمكن القول إنّ الجديد أنّه، على مرّ تعاقب الحكومات المغربية، منذ استقلال البلاد 1956 إلى هذه الحكومة، لأوّل مرّة العنصر الأمازيغي، يتوّلى قيادة أمانة أحزاب مهمة، ثم رئاسة الحكومة وتشكيلها، وهذا عنصر رأى بعضهم أنّه سهّل من تجاوز مأزق "البلوكاج الحكومي"، بعد أن كانت متداولة بين الأحزاب والقبائل المخزنية والأحزاب الدستورية، أما الوطنية كالاتحاد الاشتراكي 1998، والاستقلال 2007، فلم تترأسها إلا بعد صراع طويل وغضبات كثيرة، بينما غياب كلّي للعنصر القادم من الجنوب أو الصحراء المتنازع عليها، ولا حتى المنتمية إلى المغرب، إلا بشكل محتشم واحد أو لا أحد.
2196ADF1-70E0-44DB-B9ED-659A5C5D7609
2196ADF1-70E0-44DB-B9ED-659A5C5D7609
سيدي بويه ماءالعينين (المغرب)
سيدي بويه ماءالعينين (المغرب)