التشريعيات الجزائرية.. يا سادة

التشريعيات الجزائرية.. يا سادة

22 مارس 2017
+ الخط -
مع اقتراب الانتخابات النيابية الجزائرية (التشريعيات)، شهدت الساحة السياسية ظواهر وحوادث عديدة، يتجلّى من خلالها حب المسؤولية والتسابق على خدمة الشعب عند السياسي أو بصيغة أخرى رجال المال! فالرشوة يرافقها الفساد القانوني، إضافة إلى العنف والتجريح والإنحطاط الأخلاقي والعلمي، إنها التشريعيات، يا سادة.
هي التشريعيات الأولى التى أعايش أحداثها ومراحلها بكلّ وعي سياسي، فأتصفح القوائم الإنتخابية لكلّ حزب، واضعاً خطين تحت رؤساء القوائم، أدّقق في الكبيرة والصغيرة، لأشكل بذلك محصلة إبتدائية، فللمال علاقة وطيدة تربطه مع السياسة الجزائرية، إذ لن تبلغ قصر زيغود يوسف أو غيره إلا بقصك تذكرة أوجدها ممارسو الفساد باسم القانون، فلقد زحزحوا مقولة إن "الرجل المناسب في المكان المناسب"، وجاءوا بقاعدة تخدم المصلحة الخاصة "رجال المال في البرلمان".
شعارات ترفع، تدّعي دمج الشباب في القوائم الإنتخابية، إلا أنها من أكبر الأكاذيب التي عرف بها السياسيون خلال حملاتهم منذ عهود، الشباب في خبر كان في كلّ مجال وميدان، إضافة إلى تجاهل الكفاءات، فمع توّفر الماديات، يصبح المستوى العلمي شرطاً ثانوياً لريادة البرلمان، فإطاحة رؤساء القوائم بعد الإعلانات الأولية عنهم، إضافة إلى التلاعب بالقوائم، والتي تشكّل الأخيرة أعضاءها بالترتيب تلقائياً بمجرد إدخال الصيغة (من يدفع أكثر)، ظاهرة اعتادت الأحزاب تكريسها، أبرزها جبهة التحرير الوطني الذي بات يغيّر أعضاء القوائم، حسب تطبيق شرط الصيغة المعمول بها في تنظيم القوائم الإنتخابية.
تصريحات للأمين العام، جمال ولد عباس، لم تزدني سوى قهراً وحسرة على وطني، إذ اعترف بترشح 85 أمي في محافظة الأفلان! ما يطرح أسئلة كثيرة، منها: كيف سيمارس هذا البرلماني صلاحياته في تمثيل الشعب؟ وهو لا يتقن الكتابة والقراءة؟ بل كيف تمّت الموافقة على ترشح مثل هذه الفئة؟ وهل فقدت السلطة التشريعية هيبتها، حتى يتطاول من هبّ ودبّ على ممارستها؟ وكيف لشخص أمي أن يحلّ ويفصّل في مشكلات شعب؟ كيف لجاهلٍ لا يقوى على تكوين جملة مفيدة أن تعرض عليه القوانين؟ كيف له أن يميّز بين النافع والضار، والدليل على ذلك قانون المالية وموافقتهم عليه، كلها أسئلة أبت إلا أن تطرح نفسها، لكن ما المفيد؟
أيها الشعب، إنكم، بممارستكم هذه، تساهمون في هضم حقوقكم بتوّجهكم وتفكيركم، هذا بعيداً عما تسمّى العروشية أو المحسوبية، فلندفع بمن هم أجدر بتولي مهمة تمثيل شعب عظيم تحت قبة البرلمان.
وفي صدد تصريحات ولد عباس الغريبة، يفاجئنا مرة أخرى بتصريح على منبر يومية الحوار الجزائرية، قائلاً: "التقيت بالرئيس وسيقف على رجليه قريبا"! يا سي جمال، ما بك تتكلم وكأنك تصف طفلاً صغيراً، يستعد للانتقال من مرحلة الحبو إلى المشي، ومن المؤكد على رجليه أم أنّ لبوتفليقة أعضاء أخرى تدعمه في ممارسة وظيفة المشي؟
يوم الحسم أو الفيصل تاريخ عظيم، وجب أن نستغله باتحادنا في اختيارنا لممثلي الشعب تحت قبة البرلمان، فلنرتقى بفكرنا لأجل وطننا المريض، وذلك تحت شعار الرجل المناسب في المكان المناسب، ولربما هو تاريخ سيصحح فيه الشعب أحد أخطائه الفادحة في اختياره الرجل المناسب، بعد موقف ثلّة من ممثلينا تجاه قانون المالية.
وختاما، أفسح المجال إلى كلّ من يريد أن ينعتني بـ"الشيات"، فمن يطلب التغيير لتحسين أوضاع الشعب، بات اليوم ينعت بالإصبع فيهاجمه الشعب نفسه، متهماً إياه بممارسة "الشيتة"، وهي معادلة يصعب حلّها حقا.
6F86F416-531D-4C91-8FA8-99A8C604563C
6F86F416-531D-4C91-8FA8-99A8C604563C
جمال سلطاني (الجزائر)
جمال سلطاني (الجزائر)