مواجهة حتمية الحرب الإقليمية

22 أكتوبر 2023

علما فلسطين وحزب الله أمام قوة للأمم المتحدة في الخيام جنوب لبنان(13/10/2023/فرانس برس)

+ الخط -

أسبوعان مرّا على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، ومن الواضح أن أسابيع إضافية في الانتظار في هذه الحرب التي تبدو طويلة ومعقّدة، مع احتمالية كبيرة في أن تتدحرج إلى مواجهة إقليمية لن يكون أحدٌ في المنطقة بمنأى عن تداعياتها. المجازر الإسرائيلية اليومية تقرّب المنطقة أكثر فأكثر نحو الانفجار الكبير، وهو ما يدركه الإسرائيليون والأميركيون، وحتى الأطراف في المقلب الآخر الذين يبدون متردّدين في توسيع دائرة الحرب الحدودية، إذ لا يبدو أن أحداً كان مستعدّاً لهذا النوع من المواجهة، فعملية السابع من أكتوبر لم تفاجئ إسرائيل والمعسكر الغربي فقط، فمن الواضح أن حلفاء حركة حماس لم يكونوا على دراية بحجم العملية والتداعيات المفترضة، وهو ما تظهره ردّات الفعل العملية على الأرض.

منع الحرب الإقليمية هو اليوم عنوان كل التحرّكات العربية والدولية، لكن لا يبدو أن هذه التحرّكات ستنجح في مساعيها في ظل استمرار العدوان الوحشي الإسرائيلي على قطاع غزّة. حرب إقليمية بانت مؤشّراتها في أكثر من مجال، ففي حين كانت الأعين شاخصةً إلى حزب الله في لبنان، أظهرت التحرّكات في اليمن عبر الصواريخ التي اعترضتها البوارج الأميركية، ومن العراق عبر استهداف القواعد الأميركية، أن الحرب إذا اندلعت لن تقتصر على الرقعة الجغرافية المحاذية لإسرائيل فقط، وهي الرسالة التي تريد الأطراف المؤيدة لحركة حماس، والحديث هنا عن إيران بالدرجة الأولى، إيصالها قبل أن تخرُج الأمور عن السيطرة.

لا أحد يريد هذه الحرب الإقليمية الماثلة في الأفق، لكن التطوّرات على الأرض يومياً تشير إلى أنها ربما باتت حتمية، خصوصاً مع تبيان أن الحرب على غزّة لن تقف عند حدود القصف العشوائي اليومي، وأن الأهداف التي وضعتها إسرائيل تتخطّى الانتقام لمقتل وأسر عشرات الإسرائيليين في عملية السابع من أكتوبر، وأن المقصود هو تغيير الواقع على الأرض، وهو ما أعلنه وزير الحرب الإسرائيلي بحديثه إن من أهداف الحرب "محو حماس" وخلق "نظام حكم أمني" جديد في قطاع غزّة.

نجاح هذين الهدفين من شأنه أن يشكّل إنموذجاً في التعامل مع حركات المقاومة في المنطقة، وهو ما تدركه هذه الأطراف، وترى أنها قد تكون الهدف التالي في هذه الحرب الإسرائيلية الأميركية، وهو ما تغذّيه التحليلات والتصريحات الصادرة عن مسؤولين وإعلاميين إسرائيليين، والتي تشير إلى أن جبهة الشمال، والمقصود هنا حزب الله، ستكون التالية بعد الانتهاء من الحرب في الجبهة الجنوبية.

التقديرات اليوم في لبنان أن حزب الله على وشك إنهاء تحضيراته للمشاركة في الحرب التي باغتته في وقت كانت جهودُه مشتّتة بين لبنان وسورية والعراق واليمن، وأن استدعاء معظم عناصره الموزّعين في هذه الدول يجري حالياً، بالإضافة إلى إعلان التعبئة بين أفراده وبين كل من شارك معه في دوراتٍ تدريبية. ورغم أن حزب الله كان مشاركاً، إلى حدّ ما، في المعارك منذ اليوم الأول للحرب عبر المناوشات الحدودية المضبوطة، إلا أن قرار الدخول فعلياً في المعركة بات قريباً، ويتوقّف على تطوّرات الميدان في قطاع غزّة، وما إذا كانت إسرائيل في طريقها فعلياً إلى تحقيق الأهداف التي أعلنت عنها. هذه المؤشّرات تلقفتها الدول الغربية، وبعض العربية، التي دعت رعاياها إلى مغادرة لبنان في أسرع وقت ممكن، ما يعني أن توسّع رقعة المواجهة أصبح مسألة وقت.

الوقت اليوم لم يعد في صالح محاولات تجنيب المنطقة الانفجار الكبير، فكل الجهود التي تبذل تصطدم بتعنّت الجانب الإسرائيلي، والذي يرى أن الآن، وفي ظل هذا التحالف الغربي الداعم للقضاء على "حماس"، هو اللحظة المناسبة لتوجيه ضربة قوية لكل الأطراف التي تشكل تهديداً لإسرائيل، وبالتالي بات من الواضح أن الحرب الإقليمية هي أحد الأهداف الإسرائيلية أيضاً.

حسام كنفاني
حسام كنفاني
صحافي لبناني، يشغل حاليًا منصب مدير قطاع الإعلام في فضاءات ميديا، له منشورات في عدّة صحف لبنانية وعربية. يعمل في مجال الصحافة منذ أكثر من 25 عامًا، وهو من مؤسّسي موقع وصحيفة "العربي الجديد".