المغرب يتهم الجزائر والبوليساريو بـ"عرقلة" العملية السياسية في الصحراء

20 ابريل 2021
هلال يشدد على مبادرة الحكم الذاتي التي يطرحها المغرب (ألبن لور جونز/فرانس برس)
+ الخط -

شنّ المغرب، ليل الاثنين – الثلاثاء، هجوماً حاداً على الجزائر وجبهة البوليساريو، متهماً إياهما بـ"مواصلة عرقلة العملية السياسية للأمم المتحدة في الصحراء"، وذلك في وقت تتجه فيه الأنظار إلى مخرجات  الجلسة الخاصة لمجلس الأمن الدولي بشأن تطورات الملف، المنتظر عقدها يوم غد الأربعاء.

واعتبر السفير المغربي لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، في رسالة وجهها إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي، أنّ مواصلة الجزائر والبوليساريو "عرقلة العملية السياسية للأمم المتحدة"، بعد أن رفضتا في أقل من ثلاثة أشهر، اقتراحين بتعيين رئيس الوزراء الروماني السابق، بيتر رومان، ووزير الخارجية البرتغالي السابق، لويس أمادو، في منصب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، خلفاً للرئيس الألماني السابق هورست كوهلر، تشكل "خرقاً صارخاً للقرار رقم 2548 الذي دعا إلى تعيين مبعوث شخصي جديد في أقرب الآجال".

وشدد الدبلوماسي المغربي، في الرسالة التي بعثها عشية انعقاد جلسة مجلس الأمن بشأن تطورات ملف الصحراء، على أنّ "هذه العرقلة تشكل إهانة لسلطة الأمين العام وازدراءً لقرارات مجلس الأمن. إنها تكشف عن ازدواجية الخطاب بين الجزائر والبوليساريو: فمن ناحية يدعوان علناً، وعلى أعلى مستوى، إلى تعيين مبعوث شخصي واستئناف العملية السياسية، بل والتجرؤ على انتقاد الأمين العام لغياب مبعوث، ومن ناحية أخرى رفضا جميع المرشحين ذوي الكفاءة والمكانة، والمقترحين من قبل الأمين العام".

وقال إنّ "الجزائر والبوليساريو ينبغي لهما تحمّل المسؤولية الكاملة لرهنهما العملية السياسية، التي ما فتئ يطالب بها مجلس الأمن"، لافتاً إلى أنه يتعين على الجزائر باعتبارها "الطرف الرئيسي الذي خلق ويعبئ كافة وسائله لإدامة هذا النزاع، أن تتحمل مسؤولياتها من خلال الانخراط الكامل في مسلسل الموائد المستديرة، على النحو المنصوص عليه في قرارات مجلس الأمن 2440 و2468 و2494 و2548، من أجل التوصل إلى حل سياسي واقعي وبراغماتي ودائم ومتوافق بشأنه بخصوص قضية الصحراء المغربية".

في المقابل،كشف هلال عن أن المغرب وافق فوراً، على مقترحات الأمين العام للأمم المتحدة بشأن تعيين مبعوث شخصي للصحراء، المتمثلة برئيس الوزراء الروماني السابق بيتري رومان، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ووزير الشؤون الخارجية البرتغالي، لويس أمادو لاحقاً.

وأشار إلى أنه "من خلال ردوده الإيجابية والجادة على هذه المقترحات، يجدد المغرب تأكيد التزامه دعم الجهود الحصرية للأمم المتحدة لحل هذا النزاع، فضلاً عن احترامه لقرارات مجلس الأمن"، معتبراً أنّ "مبادرة الحكم الذاتي، في إطار سيادة المغرب ووحدته الترابية، التي كرست سموها وجديتها وصدقيتها في قرارات مجلس الأمن السبعة عشر منذ تقديمها في عام 2007، كانت وستظل الحل الوحيد لهذا النزاع".

وكان وزير خارجية الجزائر صبري بوقادوم قد اتهم، في 3 إبريل/ نيسان الجاري، الرباط برفض 10 مرشحين لتولي منصب مبعوث أممي إلى الصحراء، مقترحاً إجراء مفاوضات مباشرة وجدية بين جبهة البوليساريو والمغرب بغية التوصل إلى تسوية للنزاع.

واعتبر أنّ تعيين المبعوث الشخصي الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء "لا يكفي، ويجب أن يكون هناك مسار"، مشدداً على أنه سيواصل القول بضرورة إجراء "مفاوضات مباشرة وجدية بين طرفي النزاع، ألا وهما المغرب وجبهة البوليساريو".

ويأتي الهجوم المغربي في وقت يُنتظر فيه، خلال الجلسة الخاصة لمجلس الأمن الدولي المقررة يوم غد، تسليط الضوء على تطورات قضية الصحراء في ظل مطالب أميركية بالإسراع بتعيين مبعوث شخصي خلفاً لكوهلر، الذي كان قد استقال في 22 مايو/ أيار 2019، مبرراً إياها بأسباب صحية.

كذلك يرتقب أن يستمع أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى إحاطة حول عمل بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء "المينورسو"، التي تنتهي ولايتها في 31 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، في الجلسة التي ستعقد عن بعد برئاسة سفير دولة فيتنام في الأمم المتحدة.

وتكتسي جلسة مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء أهمية بالنظر إلى كونها تنعقد لأول مرة في عهد الإدارة الأميركية الجديدة، بقيادة جون بايدن، حيث يرتقب أن يتوضح خلالها موقفها النهائي من قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بشأن الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء.

وفيما تراهن جبهة البوليساريو والجزائر على دفع الإدارة الأميركية الجديدة نحو التراجع عن موقف ترامب، القاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء وفتح قنصلية بالداخلة (ثاني كبريات مدن الصحراء)، وتصحيح ما تعتبره خطأ؛ يستبعد مراقبون مغاربة أن يكون هناك مساس جوهري بالاعتراف الأميركي في ظل صدور مؤشرات إيجابية عن الإدارة الحالية، ومنها إدراج منطقة الصحراء ضمن تقرير الخارجية الأميركية حول حقوق الإنسان بالمغرب، فضلاً عن تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين البلدين.

كذلك يستبعد المراقبون أن تحمل الجلسة تطوراً كبيراً، في ظل عدم احتلال قضية الصحراء الصدارة في انشغالات المجتمع الدولي، إذ على الرغم من مرور أزيد من 4 أشهر على إعلان البوليساريو الحرب على المغرب، فإن ذلك لم يكن له أي تأثير.

وكانت آخر جلسة لمجلس الأمن حول الصحراء، في 21 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عندما دعت ألمانيا إلى عقد اجتماع بعد التوترات التي شهدها الملف بعد تحرير الجيش المغربي لمعبر الكركرات في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، واعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء في 10 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

المساهمون