الغناء للقاهرة.. جواز مرور المطربين إلى "المحروسة"

الغناء للقاهرة.. جواز مرور المطربين إلى "المحروسة"

10 فبراير 2016
عمرو دياب ومحمد منير خلال الأغنية (يوتيوب)
+ الخط -
منذ أيام قليلة شاهد عشاق "الهضبة" عمرو دياب وأتباع "الملك" محمد منير، ظهورهما مجتمعين لأول مرة في عمل غنائي من خلال فيديو كليب أغنية "القاهرة". لم يكن اللقاء مناسبًا لحجم التوقعات، ولا مناسباً لتاريخ محمد منير، ولا لتاريخ عمرو دياب الفني، لكنه جاء متماشياً مع الواقع المصري، كونه يندرِج تحت تصنيف: "الأغنية الوطنية". إذ كان اللقاء يحتوي على كلماتٍ مُحايدة، لا تنكأ جرحاً أو تطيبه، مثلاً: "القاهرة ونيلها وطول ليلها، وأغانيها وليلها"... وهكذا. إذ لا يظهر من القاهرة إلا النيل وبعض المراكب ووجوهُ منير ودياب والفرقة المصاحبة، من على سَطْحِ أحد الفنادق الفخمة في العاصمة المصرية. كان عملا بنكهة "اللاشيء"، لمدينة تستحقُّ الكثير من الشيء، خصوصاً في ظل كلّ التناقضات التي تتوسَّع بشكل كبير كل يوم... التناقضات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية. وهو ما دفع كثيرين إلى نقد الأغنية، واعتبروها إلى جانب مستواها الضعيف، أغنية غريبة عن واقع المدينة، غريبة عن واقع ناسها، الذين يموتون ويُسجنون، ويلاحقون كل يوم، بشكل هستيري. جاءت الأغنية منفصمة عن أوضاع الناس الفعلية المعاشة في ظل القمع السياسي والانهيار الاقتصادي، وبدأت وكأنها تتكلم عن مدينة أخرى، متخيلة وغير حقيقية.

وجاء كليب "القاهرة" الذي جمعَ بين عمرو دياب ومحمد منير، ومن كلمات تامر حسين وألحان أحمد حسين وعمرو دياب، لتتحدَّث مباشرة عن القاهرة المدينة، وتصفها "القاهرة ونيلها وطول ليلها، وأغانيها وليلها وحكاويها آه يا جمالها". ومع ذلك، جاءت الأغنية في مجملها، ككلمات وألحان وتصوير ركيكة!، لم يشفع لها الجمعُ بين قطبي الغناء في العالم العربي. فمقارنةً بثلاث أغان أخرى، تحدثت، كذلك، بشكل مباشر عن القاهرة، تصبح قاهرة "عمرو ومنير"، في ذيل قائمة أغاني تلك المدينة، إذ كانت كلماتها زجاجية، غير محسوسة على الإطلاق.



القاهرة، بعيداً عن الكليب الجديد، لم تنل حظها من الغناء، رغم أنها قبلة الفنانين وملهمة الشعراء والأدباء، ومن حواريها وأزقتها وصل نجيب محفوظ، إلى جائزة نوبل. ومع ذلك لم يتم التغني بها كمدينة، سوى من 5 مطربين بشكل مباشر، رغم وجود عدد من الأغاني التي تحمل اسم القاهرة مجازاً.


هنا القاهرة "محدش شاف"

لا أحد ينسى ذلك المونولوج الرائع للفنان الشامل منير مراد، الذي قدم فيه عدداً من "الاسكتشات" الفنية لتقليد الفنانين، فجاءت "هنا القاهرة" مجازاً للفت الانتباه، وهي جملة من كلمتين كانت تُستخدَم في الإذاعة المصرية، واستخدمها مراد للفت الانتباه كأنه يقدم "اسكتشات إذاعية"، ولم تتطرق الأغنية لأي شيء في القاهرة.



هنا القاهرة وحبيبي أنا

أغنية عاطفية للمطربة اللبنانية نوال الزغبي، وفيها تتغزل في شهامة حبيبها المصري، حين تتمشَّى معه على النيل، وتأكل ذره مشوية، وتشرب كوبًا من شاي في "الخمسينة". ولم تتطرق الأغنية لوصف القاهرة أو ناسها، واكتفَت بكلماتٍ قليلة أقحمت عنوةً في أغنية عاطفية.



من نور الخيال

ومن قبل تلك الأغنية الأيقونة، كان ديوان الشاعر فؤاد حداد "من نور الخيال وصنع الأجيال في تاريخ القاهرة"، الذي لحنه وغناه المبدع سيد مكاوي. تحدثت الأغنية عن القاهرة، المدينة المناضلة. وتغزَّلت في معالمها وناسها، بكلمات بديعةٍ ووصف مصري أصيل.




علي الحجار وسيد حجاب

جاء التجلي في ذكر القاهرة على لسان الفنان علي الحجار، حين تغنى بكلمات الشاعر سيد حجاب، وموسيقى الفنان عمار الشريعي. لتخرج تحفةً فنيَّة باسم "هنا القاهرة". ولتعبر بصدقٍ ونزاهةٍ وفن حقيقي عن المدينة، التي رآها حجاب في صورة "الساحرة الآسرة الهادرة الساهرة الساترة السافرة، هنا القاهرة الزاهرة العاطرة الشاعرة النيرة الخيرة الطاهرة". يقشعر جسدك حين تسمع الحجار يصرخ بصدق متناهٍ "بحبك يا أجمل مدينة"، في ذات الوقت، الذي يؤكِّدُ فيه على تناقضها الصارخ في "الحب والكذب والمنظرة، وأسى الوحدة في اللمة والنتورة".


أهل كايرو وحسين الجسمي
الأغنيةُ الأخيرة التي اصطدمت بالواقع المصري، وواقع القاهرة تحديداً، هي أغنية "أهل كايرو" للمطرب الإماراتي حسين الجسمي. حيث عبرت بوضوح عن كم التناقض الذي يعيشه الناس في القاهرة ما بين الفقر والغنى. وصف بدقة وصدق حال أهل القاهرة: "عيني على أهل كايرو لبط إبنها مين يسايره"؟

أما بعيداً عن الأغاني المباشرة للقاهرة، فقد غنى تقريباً كل الفنانين العرب لمصر. منذ زمن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وصولاً إلى عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي. ونذكر مثلاً أغنية، الشحرورة، الراحلة صباح "سلمولي على مصر"، وصولاً إلى أغاني كثيرة سبقت ثورة 25، يناير، أو لحقت بها، مثل أغنية هيفا وهبي "80 مليون احساس"، أو أغنية كارول سماحة "واحشاني الدنيا فبلدي"، التي غنتها قبل انتقالها للإقامة في القاهرة إثر زواجها. وطبعاً، نذكر نانسي عجرم التي كانت ربما أكثر من غنى لمصر، وتحديداً أغنية "انا مصري وابويا مصري".


وبعض هذه الأغاني، بدا واضحاً أنها تحاول أن تكون جواز عبور لأصحابها إلى "المحروسة"، التي يعتبر دخولها فنياً، هو الأهم بالنسبة لأغلب الفنانين.












اقرأ أيضاً: تمائم الحظّ: من قبعة حواس إلى حجاب كاريكا

المساهمون