في هذا الوضع الكارثي، لم يسجل التونسيون حضورًا مهماً للإعلام من حيث نقل ما يحصل ومتابعته، بل واصلت جلّ القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية برمجتها العادية مع بعض الإشارات لما يحصل في مواعيدها الإخبارية.
هذا الغياب تسبب في موجة من الغضب على الإعلام التونسي في مواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً من قبل الإعلاميين الذين رأوا أن الإعلام التونسي فوَّت فرصةً ليكون قريباً من المتلقي ونافذته لنقل الوقائع المحلية. وهو ما أشارت إليه الإعلامية كلثوم السعيدي التي قالت "خسارة: مرة أخرى يضيع الإعلام العمومي (الرسمي) والخاص تلفزيونات وإذاعات فرصة للتصالح مع الناس ويصبح إعلاماً تونسياً قلباً وقالباً ويؤكد أنه على وعي بـ"المسؤولية الاجتماعية للإعلام".
السعيدي وإن حمّلت الإعلام العمومي والخاص المسؤولية، لكن الكثيرين اعتبروا أن الإعلام الرسمي هو المطالب أساساً بنقل ما حصل في محافظة نابل، بعيدًا عن الاصطفاف الحكومي.
ووجّه الإعلامي خليفة شوشان نقده للتعاطي الإعلامي مع الفيضانات التي شهدتها محافظة نابل بالقول "تسييس التعاطي الإعلامي مع الكوارث الطبيعية من قبل الحكومات المتعاقبة واعتباره بمثابة التشكيك في عملها خلق نوعاً من الرقابة الذاتية المَرَضية لدى أغلب المسؤولين المتعاقبين على المرفق الإعلامي العمومي (خاصة التلفزة الوطنية) وبالذات بالنسبة للمسؤولين والمديرين الذين تربوا وتكوّنوا زمن "الإعلام الحكومي" وسيطرة "منطق التعليمات"، لذلك أصبحت ردود أفعالهم مع الكوارث الطبيعية فيضانات، تراكم ثلوج، حرائق غابات أقرب الى الإنكار المرضي "وضع النعامة" وتفادي الخوض فيه جملة وتفصيلاً أو الانتظار حتى تتوضح الأمور ويدرس الموقف الرسمي منها وذلك مخافة أن تخدش التغطية "قلّة حياء السلطات الحاكمة" أو تحرج المسؤولين".
وتواصلت الهجمات على الإعلام التونسي من قبل الكثير من الإعلاميين الذين ذهبوا إلى اعتبار ما حصل من تغطية مهزلة. فقد كتب الإعلامي حسين بلحاج نصر "يؤسفني وأنا إعلامي أن أقول أن إعلامنا "إعلام العار" ففي الكوارث والحروب الإعلاميون في غير بلدي "رأس حربة" على الميدان بمشاعر الوطني المسؤول وفي بلدي هو صائد في الماء العكر باحث على "البوز" منظّر بدون منطق ولا وعي يتهم الجميع وهو على الأريكة منتصب في برج عاجي يبدأ بالترحم ثم يغوص في كيل التهم جزافاً للكل ويختمها بالتنبير والإثارة دون إدراك لما ستخلفه كلماته وتعاليقه وانتقاداته اللامسؤولة في نفوس المتابعين خاصة المتضررين وهي أعمال يشترك فيها مع البعض من مدمني الكراسي الذين ابتلينا بهم في هذا الوطن الذي كان يوماً وطن الأخوة والتحابب والتضامن المفيد".
في المقابل، حاول مدير إذاعة تونس الثقافية (إذاعة رسمية)، الإعلامي عمر بريمة، الدفاع عن الإعلام التونسي وخاصة الرسمي منه. فقال "أتفهم غضب الفيسبوكيين والفيسبوكيات على الإعلام العمومي وكيف أنه لم يقم بدوره في تغطية الفيضانات التى شهدتها ولاية نابل وجزء كبير من منطقة الوطن القبلي... وأتفهم أكثر أن ينصب غضبهم على التلفزة الوطنية بالأساس". وأضاف أن "الإعلام العمومي يكافح وحيداً من أجل أن يكون مستقلاً أو على الأقل موضوعياً. والطريق لا تزال طويلة".