ثورة في المشهد الإعلامي الأميركي

01 يوليو 2018
تتنافس "ديزني" و"كومكاست" للاستحواذ على "فوكس" (سبنسر بلات/Getty)
+ الخط -
يبدو أن المشهد الإعلامي في الولايات المتحدة الأميركية يشهد تغييرات جذرية في مؤسسات عريقة، وتشمل أبرزها فتح الباب أمام ولادة مجموعات عملاقة في قطاع الإعلام والإنترنت. إذ بعد الموافقة على اندماج غير مشروط بين "إيه تي أند تي" و"تايم وورنر"، حصلت "والت ديزني" على الموافقة بالاستحواذ على "توينتي فيرست سينتشوري فوكس".

"والت ديزني" حازت، هذا الأسبوع، الضوء الأخضر من سلطات المنافسة الأميركية للاستحواذ على الجزء الأساسي من مجموعة "توينتي فيرست سينتشوري فوكس"، في صفقة ضخمة قيمتها 71.3 مليار دولار أميركي، تفسح المجال لقيام مجموعة عملاقة في قطاع إعلامي يشهد تحولاً كبيراً.

غير أن هذه الصفقة ستكون مشروطة، إذ أعلن قسم مكافحة الاحتكار في وزارة العدل الأميركية، في بيان، أنه سيترتب على ديزني التخلي عن 22 شبكة رياضية محلية تملكها مجموعة "توينتي فيرست سينتشوري فوكس"، بعد إنجاز صفقة الاستحواذ عليها، حرصاً على حماية المنافسة.

وجاء في البيان أن "الوزارة رأت أن صفقات البيع هذه ستجد حلاً للمخاوف بشأن المنافسة الناجمة عن استحواذ (ديزني) على بعض أنشطة (فوكس)"، مؤكدة أن هذا القرار سيحول دون "التسبب بارتفاع الأسعار" للبرامج الرياضية في بعض مناطق الولايات المتحدة.



وأكدت "والت ديزني" موافقتها على طلب الوزارة، موضحة أنه يتحتم عليها بيع الشبكات الرياضية في مهلة 3 أشهر التي تلي الصفقة، وهي مهلة قابلة للتجديد.

وتطمح "ديزني" بالاستحواذ على استديوهات "توينتي فيرست سينتشوري فوكس" وشبكة "ناشونال جيوغرافيك" التلفزيونية ومشاركة "فوكس" في خدمة "هولو" للبث التدفقي ومجموعة "سكاي" البريطانية عبر الأقمار الصناعية.

في المقابل، لا تشمل الصفقة شبكة "فوكس نيوز" التلفزيونية وصحيفة "وول ستريت جورنال" ووكالة "داو جونز" الإخبارية التي تملكها عائلة إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ، وستشكل الجزء الأساسي من مجموعة "فوكس" جديدة أصغر حجماً.

وإن كان لا يزال يتحتم تخطي مراحل كي يصبح الاندماج بين "ديزني" و"فوكس" نهائياً، فإن هذا الضوء الأخضر نبأ سيئ لمجموعة "كومكاست"  للبث التلفزيوني التي كانت ترغب في شراء مجموعة "فوكس"، وقدمت في منتصف يونيو/حزيران الحالي عرضاً أعلى من العرض الأول الذي قدمته "ديزني" في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ما أرغم الأخيرة على رفع عرضها الأسبوع الماضي إلى 71.3 مليار دولار أميركي.

الصفقة لا تزال بحاجة إلى بعض الموافقات الأجنبية، إضافة إلى موافقة المساهمين في كلتا الشركتين، لكن لم يحدد موعد اجتماع إلى الآن. ورأت وسائل إعلام أميركية أن "كومكاست" لم تعلن تراجعها بعد وقد تعرض صفقة أكبر على "فوكس"، إلا أن موقع "فوربس" أشار إلى أن مجموعة البث التلفزيوني قد تتردد في مواصلة حرب الاستحواذ هذه، نظراً إلى الارتفاع الضخم في حجم الصفقة. وعلى الرغم من ذلك، كشفت تقارير أن "كومكاست" تحاول الحصول على تمويل خارجي، وربما أسهم خاصة، لتقديم عرض يصل إلى 90 مليار دولار أميركي للاستحواذ على أصول "فوكس".



أما في حال نجاح صفقة "والت ديزني"، فإن الشركة ستسعى إلى استغلال محتوى الأفلام في "فوكس" لتعزيز قدرتها التنافسية في سوق يتغير باستمرار، وانضمت إليه أخيراً شركات "نتفليكس" و"أمازون".

إذ أن إضافة حافظة أفلام "فوكس" قد توجه مزيداً من المستخدمين نحو منصة البث الخاصة بـ "ديزني" المتوقع إطلاقها عام 2019، بعد انتهاء صلاحية صفقة "نتفليكس" و"ديزني" آخر عام 2018 الحالي. وهكذا، ستسيطر "ديزني" و"فوكس" على أكثر من 40 في المائة من شباك الأفلام السينمائية في الولايات المتحدة الأميركية، وستتفوقان على الاستديوهات السينمائية المنافسة مثل "يونيفيرسال بيكتشرز" (تملكها كومكاست) و"وورنر برذرز" (تملكها تايم وورنر) و"باراماونت بيكتشرز" (تملكها شركة فياكوم).

كما أن "ديزني" ستسيطر، في حال إتمام الصفقة، على خدمة "هولو" للبث على شبكة الإنترنت. كما كانت قد أعلنت، في مايو/أيار الماضي، عن نيتها إنتاج برامج رياضية وإخبارية وترفيهية لعرضها مباشرة على شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر"، لجذب المشاهدين عبر الإنترنت وأصحاب الإعلانات عبر الفيديو الرقمي.

واللافت أن إعلان السماح لـ "ديزني" بالسيطرة على "فوكس" جاء بعد يوم من سماح قاضٍ فيدرالي أميركي باندماج غير مشروط بين مجموعة الاتصالات الضخمة "إيه تي أند تي" و"تايم وورنر" العملاقة في مجال الإعلام.

كانت وزارة العدل الأميركية قد قررت، في نهاية عام 2017، الاعتراض على صفقة الاندماج البالغة قيمتها 85 مليار دولار أميركي، وأُعلن عنها نهاية عام 2016. وبررت الوزارة اعتراضها بأن اندماج هاتين المجموعتين يتعارض ومبدأ التنافسية.

و"إيه تي أند تي" هي أول مزوّد أميركي لخدمة تلفزيون الكابل وثاني مشغل للهاتف المحمول في الولايات المتحدة، في حين أن "تايم وورنر" تعتبر من كبريات المجموعات الإعلامية الأميركية، وتمتلك خصوصاً قناة "إتش بي أو" واستوديوهات "وورنر" وشبكة "سي إن إن" الإخبارية.