النقابات التونسية تتضامن لمنع احتكار توزيع الصحف

13 مايو 2015
الصحافيون التونسيون ينتفضون أمام محتكري سوق التوزيع (Getty)
+ الخط -
لليوم الثاني على التوالي، تشهد سوق توزيع الصحف في تونس، اضطراباً غير مسبوق، حيث رفض عدد من الباعة الذين قيل إنهم تابعون لإمبراطور توزيع الصحف في تونس، مسعود الدعداع، اقتناء هذه الصحف وعرضها للبيع. وفي حركة تضامنية مع الصحف الممنوعة من التوزيع، قام مساء أمس الصحافيون بتوزيع هذه الصحف مجاناً في مناطق عدة، في العاصمة التونسية، رغبة منهم فى كسر احتكار التوزيع من قبل مؤسسة معينة. كما قامت مؤسستا دار "لابراس" و"دار الصباح"، وهما من أكبر دور نشر الصحف في تونس، بفتح محلات خاصة بهما لتوزيع صحفهم. ووفروا كل الوسائل اللوجستية الممكنة لمن يرغب فى توزيع صحفهم من الباعة الجائلين وأصحاب الأكشاك.

هذا التضامن برز من خلال التصريحات التى أدلى بها يوسف الوسلاتي، عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين التونسيين، الذي رأى فى منع التوزيع واحتكاره من قبل شخص أو مؤسسة واحدة "عودة لممارسات النظام القديم الذي جعل من آلية منع التوزيع آلية عقابية لكل الصحف التي تخالفه الرأي". كما استغرب يوسف الوسلاتي، "صمت الحكومة التونسية، وكذلك أعضاء مجلس نواب الشعب، باعتبارهم سلطة تشريعية عن هذه الممارسات التى لا تمت لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة بأية صلة".

قرأ أيضاً: منع توزيع صحف تونسية: فتّش عن المحتكر الأكبر]

من ناحيته أشار رئيس جامعة مديري الصحف، الطيّب الزهار، إلى أن مسعود الدعداع، يحتكر قطاع التوزيع منذ ستين سنة، وأن مديري الصحف قاموا بتأسيس هذه الشركة عملاً على المنافسة. وتساءل في هذا الإطار: "لماذا يريد المواصلة في الاحتكار ولا يسعى إلى المنافسة؟".

وبين رئيس جامعة مديري الصحف، أن "أقل من مائة ألف تونسي يقومون بشراء الصحف أسبوعياً. وهو رقم ضعيف جداً يترجم الأزمة التى يعيشها قطاع الصحافة المكتوبة، يضاف إلى ذلك عدم انتظام مسالك التوزيع، وعدم تنظيم توزيع الإشهار العمومي الذى تحتكره الدولة التونسية". الزهار استغرب "عدم تحرك الحكومة التونسية لوقف التجاوزات القانونية التى أدت إلى حجب هذا العدد الكبير من الصحف"، واعتبرها سابقة فى تاريخ تونس يجب التصدي لها بالطرق القانونية الممكنة.

النقابة العامة للإعلام المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل، كبرى المنظمات النقابية فى تونس، عبرت عن مساندتها للتحركات التى يقوم بها أصحاب الصحف، لضرب احتكار التوزيع من قبل طرف واحد. وقررت إنشاء مؤسسة تشاركية تجمع أصحاب المؤسسات الصحافية تسهر على توزيع صحفهم.

يذكر أن السلطات التونسية تدخلت فى الأمر، من خلال إيقاف ابن موزع الصحف مسعود الدعداع، بعد منعه توزيع الصحف. كما قامت الحكومة التونسية ممثلة فى وزير التجارة، رضا الأحول، ووزير الداخلية، محمد ناجم الغرسلي، بالاتصال بمديري الصحف التى تمّ منعها من التوزيع. وتعهدوا باتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من يمنع شركة التوزيع الجديدة من العمل بكل حرية.

يبدو أن موضوع توزيع الصحف واحتكاره من قبل موزع واحد، سائر فى طريق الانفراج. وهو ما اعتبره عدد من الإعلاميين مكسباً للصحافة التونسية، التى عانت ولعقود طويلة من احتكار طرف واحد، كان بمثابة العصا الغليظة التي تسلط على أصحاب المؤسسات الصحافية، الذين يرفضون الخضوع لاملاءات النظام القائم، كما اعتبرته أغلب المنظمات الحقوقية لبنة جديدة فى بناء صحافة تونسية حرة ومستقلة وذات مردودية مالية محترمة، تساعدها على الاستمرار فى أداء عملها، فى ظل وضع اقتصادي متأزم تعيش على وقعه الصحافة الورقية منذ سنوات.

دلالات
المساهمون