كمال داود... صناعة رجال الدين وجائزة "غونكور"

كمال داود... صناعة رجال الدين وجائزة "غونكور"

19 سبتمبر 2017
الكاتب كمال داود (تصوير: جول ساجيت)
+ الخط -

في الجزائر بصرف النظر عن لغة الكاتب أو اسمه أو أعماله؛ هناك نوعان من الكتّاب سواءً كانوا روائيين أو شعراء، نوع يتسم بالهدوء في كتاباته، ونوع آخر يتميّز بالمشاكسة التي تخلف وراءها زوبعة من الجدل بسبب نصوصه أحيانا أو بسبب توجّهاته وآرائه، كما في صورة الروائيين ياسمينة خضرة ورشيد بوجدرة وصاحبة "ذاكرة الجسد" أحلام مستغانمي وفضيلة الفاروق وسواهم.

في السنوات القليلة الأخيرة، دخل سباق "المثيرين للجدل" في الجزائر والعالم العربي وحتى في أوروبا وبالأخص في فرنسا، روائي وصحافي يدعى كمال داود، وأصبح في الآونة الأخيرة في كل خرجة إعلامية، يقيم الدنيا ولا يقعدها بسبب تصريحاته ومواقفه المثيرة للغط تارة، وبسبب بعض ما تحتويه أعماله الأدبية التي تعدّ على رؤوس الأصابع تارة أخرى. خاصة تلك التي تتجاوز "تابوهات" الدين واللغة العربية والقضية الفلسطينية وغيرها، مما جعله لفترة طويلة عرضة لسهام رجال الدين من الإسلاميين المتشدّدين الذين بلغوا حدّ المطالبة بإهدار دمه، بعدما اتهموه بسب الذات الإلهية والاستهزاء بالدين واللغة.


عقب ظهوره في برنامج تلفزيوني فرنسي، تحدث داود فيه مع المذيع حول الهوية العربية والانتماء فقال داود ردًا على سؤال المنشط: "أنا لم أشعر يوما بأنني عربي، بل جزائري وحسب"، أمّا موقفه من الدين فبدا في إجابته: "إنّ الشباب الجزائري يجد نفسه مضطرًا لقبول الإسلاموية منذ الصغر لكونها فكرا شموليا، وعلاقة العرب بربّهم هي من جعلتهم يعيشون التخلف".

ورافق هذه التصريحات انتقادات واسعة من طرف بعض المثقفين ضد كمال داود، والذين رأوا أنّ صاحب رواية "ميرسو تحقيق مضاد" قد تجاوز الخطوط الحمراء، فلم يراع الهوية الجزائرية. أمّا الإسلاميون فشنوا ضدّه حملات شرسة أخطرها دعوات إلى إعدامه.

ودافع كمال داود في خرجات إعلامية كثيرة عن تصريحاته ومواقفه، كما كان مدعومًا بثلة من الكتاب، وتعود هذه الضجّة إلى الأسبوع الأول من ديسمبر/ كانون الأول 2014، عندما أطلق عبد الفتاح زيراوي حمداش رئيس "جبهة الصحوة السلفية" (غير المعتمد) فتوى يكفر فيها كمال داود، ويطالب فيها بإعدامه على الملأ بعد ظهوره في برنامج تلفزيوني أساء فيه بحسبه إلى الدين والقرآن والهوية العربية الإسلامية.

"الزبور" يعيد داود إلى الواجهة
قبل أيّام قليلة فقط عاد كمال داود إلى واجهة الجدل، عقب جولته بمحافظات البلاد لتوقيع روايته الجديدة، الثانية في مسيرته، وعنوانها "زبور أو المزامير" الصادرة باللغة الفرنسية عن منشورات "إكت سود"، في باريس، ودار "برزخ" الجزائر، و"سيريس" في تونس. وحظي باهتمام إعلامي كبير، خصوصًا أنّه حاز في 2015 "غونكور"، أشهر جائزة أدبية في فرنسا عن روايته "ميرسو تحقيق مضاد".

كمال داود، كاتب وصحافي ينشر مقالاته في عدد من الصحف والمجلات المحليّة والأجنبية، حصل على جائزة "كونغور" عن روايته "ميرسو.. تحقيق مضاد" المستلهمة من رواية "الغريب" للروائي الفرنسي الشهير ألبير كامو، ويعرف بانتقاداته المستمرّة لأوضاع بلده التي جعلته تنال شهرة واسعة في العالم العربي والغربي، كما أكسبته أصدقاء وأعداء، لكن بين الاثنين هناك ضجة وجدل يحضران من خلال تصريحاته.

إبداع محدود وشهرة وراءها رجال الدين
وبالرغم من أن شهرته التي كسبها حديثًا رغم مقالاته الغزيرة السابقة في "يومية وهران" جريدة جزائرية ناطقة بالفرنسية، ومقالاته في بعض الصحف الفرنسية والأميركية، إلا أن إنتاجه الأدبي محدود جدًا مقارنة بالكتاب الجزائريين المعروفين في المشهد الثقافي، أمثال بوجدرة وأمين الزاوي وواسيني الأعرج، إذ صدر له عملان روائيان فقط "ميرسو تحقيق مضاد" و"زبور أو المزامير"، وبحسب من يذهب إلى أن شهرة داود وذياع صوته أسهم فيهما بطريقة أو بأخرى رجال الدين من مختلف التيّارات، وعلى رأسهم المذكور سابقًا عبد الفتاح حمداش الذي "كفّر" داود استنادًا إلى روايته التي لم تنل أي اهتمام إعلامي من قبل، وطالب بإعدامه علنًا، لكن المحكمة أصدرت على حمداش حكمًا يقضي بحبسه لمدة 6 أشهر مع دفع غرامة مالية قدرها حوالي (500 دولار)، وقبل هذا الحادث لم يكن يعرف كمال داود إلا المحيطون به.

المساهمون