ليلة الخميس... بين عيد ميلاد "إبليس" وقرارات الرئيس

29 ابريل 2017
هناك زعامات قادت دولها نحوالانهيار والحروب لعقدة نقص فيها(فيسبوك)
+ الخط -
ليلة خميس تميل للحرارة، هكذا ظن الرجل الستيني، وهو يسير مزهوا بعدما أنهى اجتماعات العمل واستعد لمقابلات الغد، نظرة سريعة على مفكرته الإلكترونية، منحته ابتسامة سريعة ونظر فى مرآة سيارته نظرة تعرف نفسه مغزاها، في طريقه إلى المنزل قرر أن يمر على الصيدلية القريبة طلبا لقرص أزرق يمنحه ليلة حمراء سعيدة، وحين تهيأ للفعل، قضى الله أمرا كان مفعولا.

لليلة الخميس سحرها الخاص في الموروث الشعبي المصري، يعرفها الأزواج بليلة السعادة الخالصة، والتي لا يشوبها عمل صباحي، أو يوم مدرسي مشحون، أما هؤلاء الذين نجّتهم أقدارهم من الزواج، فالخميس يحتل المرتبة الأولى في الأيام المقدسة فهو نهاية الأسبوع وبداية الأحلام ومَعقد الآمال، والتي تحييها سهرة خاصة أو حفل زفاف أو سير على الكورنيش أو جلسة مغلقة تفوح منها رائحة تزكم الأنوف، أخشى ما يخشاه أصحابها هو الشباك المفتوح، حتى لا يطير الدخان.


مؤخرا صار للخميس وقع آخر، لم يعد مصدراً للبهجة بل صار مجلبة للأخبار التعيسة، ففيه رفعت الحكومة أسعار البنزين، وفي خميس آخر تخلت الدولة المصرية عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، ثم كان الخميس الحزين الذي صدر فيه القرار الرسمي بتعويم الجنيه، وفي خميس تعيس أقر البرلمان قانون الخدمة المدنية، ولم تقل تعاسة خميس مختلف تم فيه إصدار قرار بتعديل التعريفة الجمركية، وما تلاها من أيام خميس صدرت فيها قرارات خفض الدعم عن الكهرباء والمياه، ثم كان "خميس المؤتمر" الذى أنهى فيه الرئيس لقاءه بالشباب الممتلئ بطاقة التغيير والبناء، انتهى اللقاء ثم باشر الرئيس ما تبقى من جدول أعماله، ليختتم الخميس بالتصديق على قانون الهيئات القضائية الجديد بعد يوم من موافقة البرلمان عليه، رغم كل الاعتراضات وبيان نادي القضاة شديد اللهجة، إلا أنه لم يلتفت وفي ليلة خميس حارة اتخذ القرار.

لا أحد يعرف على وجه الدقة لماذا تفضل مؤسسة الرئاسة والحكومة المصرية، اختيار يوم الخميس لإصدار القرارات المثيرة للجدل في غفلة من الجميع، وفي مساء إجازة حكومية تمتد ليومين للمؤسسات والمصالح الحكومية وما يرتبط بها، وفي نهاية أسبوع يتخذها كثيرون إجازة من ضغوطات العمل، ويفضلون قضاءها بعيدا عن الأخبار ومواقع التواصل، لكن الخبير الإعلامى أحمد فهمي، أكد أن الخميس لم يكن أبدا اختيارا عشوائيا، بل هو دوماً مقصود للسيطرة على أي أحداث شغب محتمل حدوثها حال غضب القطاعات المتضررة، ومنح الفرصة للهدوء الذي يمنع العاصفة!

لأسباب عديدة قد يلجأ رجل ما إلى اتخاذ قرارات هامة في ليل الخميس لافتقاد شيء، أو تعويض نقيصة، وفي بعض الحالات قد يكون السبب هو نشر الروح السلبية التي أصابته نتاج فشل في أمر ما، كي يبيت مطمئن البال أنه ليس الوحيد الذي مر بتلك الأزمة، تخبرنا الدراسات النفسية أن ذلك أمر طبيعي في بعض الحالات، وأن العديد من الزعامات التي عرفها العالم كانت سببا في أن تقود دولها نحو الانهيار والحروب كرد فعل على عقدة نقص تتغلبها وتتحكم في دوافعها.
المساهمون