دراسة جديدة: التغذية والرياضة الذهنية والبدنية توقف تقدم ألزهايمر

دراسة جديدة: التغذية والرياضة الذهنية والبدنية توقف تقدم ألزهايمر

22 سبتمبر 2017
نجحت الدراسة في إحداث تغيير حقيقي (Getty)
+ الخط -
أثبتت دراسة جديدة شملت 1400 مريض أن التغذية الصحية وممارسة الرياضة بشكل دوري وحل المسائل الذهنية والرياضية يمكن أن توقف تقدم مرض ألزهايمر وتأثيراته العقلية.

كان متوسط العمر في بداية القرن التاسع عشر ما يقارب 45 عامًا، بينما يرتفع متوسط العمر في الوقت الحالي إلى 80 عامًا، وخصوصًا في بلدان مثل دول الاتحاد الأوروبي واليابان وكندا وأستراليا، على الرغم من ذلك تشير أغلب الدراسات إلى أن المرء يعاني في الأعوام العشرين الأخيرة من عمره من مرض دائم واحد على الأقل، مثل أمراض القلب أو السكري، ففي السويد مثلًا تشير دراسة جديدة إلى أن واحدًا من كل عشرة أشخاص في عمر الشيخوخة يتمتع بصحة جيدة، بينما يعاني البقية من مرض أو مرضين مزمنين.

استطاع الطب في الأعوام الماضية السيطرة على الكثير من الأمراض، لكن ما زالت هناك العديد من الأمراض المرتبطة بالعمر، والتي ما زالت بحاجة إلى اكتشاف علاج فعالٍ ضدها، ومنها مرض الزهايمر، إذ تشير الإحصاءات إلى إصابة قرابة 50 مليون شخص حول العالم بهذا المرض، وفي حال عدم إيجاد علاج فعال لهذا المرض، فإن الخبراء يتوقعون أن يصل عدد المصابين به إلى 130 مليون مصاب بحلول العام 2050.


يسلب مرض ألزهايمر من المريض بشكل متدرج ذكرياته وشخصيته، وهذا ما يرهق المريض ودائرة معارفه من عائلته وأصدقائه، ولمكافحة هذا المرض تُجرى في الوقت الحالي أكثر من 100 دراسة سريرية، وقد أجرى العلماء في السنوات الثلاثين الماضية اختبارًا لأكثر من 200 مادة علاجية، وباءت كل التجارب بالفشل، ما دعا إلى البحث عن طريق جديد، وهو إيقاف تدهور القدرات العقلية أو على الأقل تأخيره بدون استخدام الأدوية، وأظهرت الدراسة حتى الآن نتائج مبشرة.

ألهمت دراساتٌ تدعى دراسات الترابط العلماء في بدء هذا النوع من العلاج، إذ يجري العلماء في البداية مسحًا إحصائيًا أوليًا لعددٍ من العوامل مثل الاكتئاب وارتفاع ضغط الدم والعادات الصحية كالتدخين والأنشطة الرياضية والمستوى التعليمي والدخل الشهري، ثم بعد عدة أعوام مسحًا إحصائيًا ثانيًا لاكتشاف تطور أي مرض جديد لدى الأشخاص المشمولين في الدراسة، وأشارت دراسات ترابط أُجريت قبل 10-15 عامًا إلى أن وجود نظام صحي مناسب وممارسة الرياضة وخلو الجسم من أمراض جهاز الدوران وحياة اجتماعية هانئة ومستوى عالٍ من التعليم يرتبط بخطر أقل للإصابة بالزهايمر أو غيره من أمراض الشيخوخة، حتى بالنسبة للأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي لهذه الأمراض، في المقابل، تشير دراسات أخرى إلى أن التحكم بمرض ارتفاع ضغط الدم والسكري يمكن أن يوقف الزهايمر في مراحله المبكرة.

إذاً تثبت دراسات الترابط وجود صلة بين عدم الإصابة بهذا المرض وبين هذه العوامل، لكنها لا تثبت أن هذه العوامل تمنع بشكل أكيد الإصابة بهذا المرض، فحتى لو كان غذاء الإنسان صحيًا تمامًا ويمارس الرياضة بشكل منتظم، فهذا لا يعني أن هذه العوامل وحدها منعت الإصابة بألزهايمر، إذ يمكن أن تمنع عوامل أُخرى غير مدروسة هذا المرض، ومن الصعب أن تتم دراسة كل العوامل المؤثرة في حياة البشر، فمثلًا من الصعب دراسة عدة عوامل في سن الطفولة، إذ إن ما يحدث في السنوات الخمس الأولى من الحياة يمكن أن يؤثر على ضغط الدم وغيره من العوامل الصحية، ما قد يؤدي في عمر الشيخوخة إلى الإصابة بمرض الزهايمر.

دفعت هذه المشكلة مكتب الصحة الأميركي إلى القول إنه يصعب إثبات وجود أدلة دقيقة لتقديم توصيات موثوقة، ولذلك اقترح إجراء دراسات عشوائية محكمة، يتم فيها تعديل سلوك قسم من المشاركين في الدراسة ومراقبة أكبر عدد ممكن من المتغيرات، على الرغم من أن مراقبة حياة المشاركين لفترة طويلة أمر غاية في الصعوبة، إلا أن العديد من الدراسات بدأت في ذلك.

السيطرة على المرض ورعاية المرضى
نشرت دراسة أجريت في فنلندا حول منع تدهور القدرات العقلية عند المسنين في فنلندا نتائجها لأول مرة، إذ قام الباحثون بمراقبة القدرات العقلية عند أكثر من 1200 مشترك في عمر بين 60-77 عاما، وأظهر جميع المشاركين في الدراسة خطرًا مرتفعًا للإصابة بالخرف وذلك وفقًا لمقياس "كايدي" لقياس عوامل الخطورة القلبية والوعائية وتأثيرها على الإصابة بالخرف.

تم تقسيم المشاركين في التجربة إلى مجموعتين، مجموعة المقارنة ومجموعة العلاج، خضعت المجموعة الأولى لمراقبة طبية مستمرة، وتلقت معالجة طبية فورية عند حدوث أي مشكلة صحية، مثل ارتفاع ضغط الدم مثلًا، بينما خضعت المجموعة الثانية إلى رعاية صحية مركزة وتطبيق برنامج غذائي مدروس ورياضة جسدية وذهنية، بالإضافة إلى مراقبة صحة الجهاز القلبي الوعائي.

يهدف البرنامج الغذائي إلى تحقيق توازن بين البروتينات والدهون والنشويات والألياف الغذائية، ويتحكم بكمية المواد صعبة الهضم، مثل السكاكر المتعددة والأحماض الدهنية غير المشبعة، ويتألف بشكل رئيس من الفواكه والخضر ومنتجات الحبوب الكاملة وزيت اللفت، بالإضافة إلى تناول السمك مرتين أسبوعيًا وفيتامين D كمكمل غذائي وحيد.

شمل التدريب الرياضي بناء العضلات عن طريق التمارين الرياضية الهوائية لتحقيق إجهاد معتدل ورفع المجهود القلبي إلى 60-70 % من الحد الأقصى لمعدل ضربات القلب، وتحسين توازن الجسم، ويتم تصميم البرنامج بشكل يلائم كل فرد من المشتركين، ويشرف عليه اختصاصي في العلاج الطبيعي في الأشهر الستة الأولى، على أن يكمل المشتركون البرنامج بشكل فردي بعد ذلك، وينص البرنامج على التمرن في النوادي الرياضية مرتين أسبوعيًا لمدة تمتد بين 30-45 دقيقة، وتزيد المدة بعد ذلك بعد أول ستة أشهر بشكل تدريجي خلال 18 شهرا لتصل إلى مرتين أو ثلاث مرات، تمتد كل منها إلى 60 دقيقة في الأسبوع.

أما بالنسبة إلى الرياضات الذهنية، فسيوفر للمشاركين برامج حاسوبية للتدرب على الوظائف التنفيذية وتقوية الذاكرة وسرعة التفكير، كما يحصل المشاركون على دروس تقوية المهارات العقلية والتفكير الاستراتيجي، ثم يلي بعد ذلك مرحلة تمتد لسنة كاملة يحل فيها المشتركون تمارين ذهنية بشكل ذاتي مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيًا لمدة 10-15 دقيقة.

خضع المشاركون لرقابة طبية دورية، خصوصًا بالنسبة للجهاز التنفسي والنظام القلبي الوعائي، بالإضافة إلى مراقبة قيم ضغط الدم ووزن الجسم ومحيط الخصر، وناقش الأطباء مع المشاركين هذه النتائج خمس مرات خلال هذه الدراسة، من أجل تشجيعهم على بذل المزيد من الجهود، وتغيير سلوكهم في الحياة اليومية.

نجحت الدراسة في إحداث تغيير حقيقي في سلوك المشاركين في مجموعة العلاج، واستمر أغلبهم حتى نهاية الدراسة، إذ انسحب 12% منهم من الدراسة بسبب وجود مشاكل صحية تمنعهم من الاستمرار، ووجد 46 شخص من هذه المجموعة أداء هذه المهمات صعبًا للغاية، واشتكى معظمهم من حدوث تشنج عضلي مؤلم.

استنتج الباحثون أن مثل هذه البرامج ستحسن من القدرات العقلية للمسنين وتمنع تقدم مرض ألزهايمر، فبعد سنتين من هذا البرنامج أظهرت كلا المجموعتين تحسنًا في القدرات العقلية بشكل عام، إلا أن المجموعة العلاجية التي خضعت لمراقبة صارمة أظهرت تحسنًا أفضل بنسبة 25% من مجموعة المراقبة، إلا أن المفاجأة كانت أن خطر تدهور الصحة العقلية انخفض بنسبة 30% عند المجموعة العلاجية.

المساهمون