سامر راشد.. الموسيقى الغجرية ترحل إلى القدس

سامر راشد.. الموسيقى الغجرية ترحل إلى القدس

26 يوليو 2017
+ الخط -
بعيدًا عن الألحان التقليدية العربية، وصوت العود الذي تجول أنغامه شوارع وأزقة المدينة المقدّسة، خرجت هذه المرّة ألحان غريبة عن شوارعها التي تصدع صباحًا بأصوات فيروز، وتختلف مساءً مع أصوات البنادق والآليات العسكرية للاحتلال. ألحان غجرية تبحث عن الحريّة كما يصفها عازفها الفنان سامر راشد، الذي يعتبر أنها ظُلمت في العالم العربي أمام الموسيقى الكلاسيكية.

سامر راشد من مواليد مدينة القدس عام 1990، بدأ مشواره الموسيقي في العاشرة من عمره، عندما التحق بالمعهد الوطني للموسيقى في القدس، ولاحظ أنه يميل للموسيقى الشرقية التي اهتم بها، ولدت معها مقطوعاته التي كانت لمدينته المحتلة وأنتج مقطوعة "تحت سماوات القدس" وهي بعيدة عن الموسيقى التقليدية والشعبية، أحيا فيها عوالم القدس العتيقة بطريقته التي تحكي معاناتها، ضمن ألبومه "تجليّات غجرية".

خلال رحلته في الدراسات العليا في التجارة، تخصّص في التسويق بتركيا، تتلمذ راشد في الموسيقى الغجرية على يد عازف الفيولا التركي والمتخصّص في موسيقى الجاز التركية والغجرية نديم نلبنتوغلو، والذي يعتبر أفضل عازفي الموسيقى الغجرية في تركيا، تعلّم منه كيف يحوّل رؤيته للموسيقى التي يستمتع بالاستماع لها والتدرّب على عزفها إلى شيء خاص بأسلوبه الموسيقي، واعتمد على العزف على الفيولا التي تتشابه بالكمان، ووجدها تحمل صوتًا أقل حدّة من الكمان.

دمج راشد الموسيقى الجاز والغجرية كانت نتاجًا لأوّل ألبوم في منطقة الشرق الأوسط كنوع موسيقى صولو وفيولا معًا ضمن ألبوم "تجليات غجرية" لراشد، واستخدم آلة الفيولا إلى جانب نمط موسيقى الصولو بطريقة غير تقليدية، نظرًا لأن الآلة معروفة في عزفها للموسيقى الكلاسيكية، لكنه غير مسارها ووظفها لألحانه. تربطه محبّة كبيرة جدًا بـ الموسيقى الغجرية، لأنه يجدها موسيقى جميلة وغير متطرّق لها في الدول العربية، ويمكن إحياؤها في المسارح العربية ومحاولة لفت النظر لها.

يقول راشد في حديث إلى "جيل"، إن مسيرته الموسيقية لخّصها في ألبوم "تجلّيات غجرية"، وبعد إنهاء دراسته في الخارج، أنتج الألبوم الذي اعتبره نتاج سنين من الاشتغال على الألحان، في عام 2016 أطلق عمله في قصر رام الله الثقافي، ومن ثم عُرض في مسرح السرايا العربي في يافا، وفي مسرح مجدل شمس في الجولان وأخيرًا حيفا.

حظي الألبوم بردة فعل جيّدة من المهتمين الموسيقيين وأكبر مما توقّع راشد، لأنه يجد أن دمج موسيقى الجاز التقليدية والموسيقى الغجرية الرومانية، وموسيقى دول شرق أوروبا التي تتميز بالتكنيك العالي يلقى اهتمامًا عالميًا كبيرًا على خلاف الدول العربية، لكنه وجد تشجيعًا على عروضه من الفلسطينيين، وهو يشير أن المجتمع الفلسطيني مثقف موسيقيًا ويتقبل الأنواع الموسيقية كافة.

لكل مقطوعة قصّة وحكاية وعنصر يميّزها كما يشير راشد، ومن بين المقطوعات السبع، قام بتأليف خمس مقطوعات، وأعاد وبشكل كامل توزيع أغنيتي "على موج البحر" للفنانة ميادة بسيليس والتي تؤديها الفنانة الفلسطينية الشابة حنة الحاج حسن، ووزّع رائعة السيّدة فيروز "البنت الشلبية" على الطريقة التركية. إلى جانب إعادة إحياء وتشكيل بعض الموسيقى العالمية مثل مقطوعة "كازابسكورا" وهي مقطوعة قديمة جدًا تعود إلى دول البلقان، ومقطوعة رومانس القديمة.

لكن بالنسبة للمتحدّث، فإن الموسيقي لها معاناة يومية خصوصًا في المجتمع الفلسطيني، ويقول "في بلدنا لا يوجد اهتمام بالتخصّص كما في الدول الأوروبية، ولا يتمّ الاهتمام بها كما المواد العلمية وهي من المفترض أن تحظى باهتمام أكبر، فهذه من أهم المعوقات التي تدفع الموسيقي للبحث عن مصدر عيش آخر، ومصادر أخرى لإنتاج أعماله الفنية، وهذه الأمور أكبر معوقات أمامنا".

شارك راشد عازف الفيولا البريطاني نايجل كينيدي في إحدى حفلاته، وكذلك العزف إلى جانب الفنان مارسيل خليفة في بيروت، وله مشاركات كثيرة بالعزف في العديد في مهرجانات عربية وعالمية خصوصًا العواصم الأوروبية، ووجد من خلال المشاركات الخارجية الاستفادة الكبيرة بعد أن وحّدته لغة الموسيقى الواحدة مع لغات العازفين من جميع أنحاء العالم. ويحضر خلال الفترة القادمة ألبوم يدمج فيه الموسيقى الغجرية باستخدام آلات موسيقية أكثر، لمحاولة تطوير الأداء وإحياء مقطوعات قديمة بأسلوبه الخاص إلى جانب مقطوعات جديدة تحاكي قضايا معاصرة.

المساهمون