ست حوادث طبيعية غيّرت التاريخ

17 ديسمبر 2016
(سحب من الجراد، تصوير: كريس هيلر)
+ الخط -
عام بلا صيف 
في عام 1815، حدث انفجارٌ بركاني كبير في جبل تامبورا في أندونيسيا، أدى إلى موت عشرات الآلاف في جنوب شرق آسيا وقد نتجت عنه أيضًا سحب دخان ضخمة غطت أجزاءً كبيرةً من العالم، وحجبت أشعة الشمس عن الأرض، حيث أن درجة الحرارة انخفضت إلى 3 درجات مئوية عن معدلها السنوي في ذاك العام، كما أنه أحدث تغيرًا كبيرًا في المناخ أثّر على السنوات التالية للانفجار البركاني. وتسببت سحب الدخان الناتجة عن هذا الانفجار بحدوث حالة من الجفاف والسيول، أدّت إلى انتشار مرض الكوليرا الذي تسبب في موت آلاف الأشخاص، كما أن هذه السحب أحدثت حالة من الخوف والرعب في أوروبا وأثّرت على بعض الولايات الأميركية حيث أنها تسببت في هطول كثيف للثلوج في شهر حزيران، الذي أدّى بدوره لإتلاف المحاصيل الزراعية وسمي هذا العام (عام بلا صيف).

تم اختراع الدرّاجات الهوائية في أوروبا في هذا العام بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية للحيوانات (الأعلاف) الأمر الذي دفع الأوربيين للبحث عن سبل أخرى للتنقل وكان الحل في الدرّاجات الهوائية.


تصادم كارينغتون
للشمس دورة نشاط شبه منتظمة تبلغ ذروتها كل 11 سنة، فتطلق كمية من الطاقة المغناطيسية المخزّنة في غلافها الجوي، والتي تشمل أشعة إكس والأشعة ما فوق البنفسجية ذات الطاقة العالية وأشعة غاما والأشعة ما تحت الحمراء والأشعة المرئية وغيرها. إطلاق هذه الطاقة هو ما يعرف بالانفجار الشمسي، وهو يعادل انفجار عشرات الملايين من القنابل الهيدروجينية، وتبلغ مساحته على قرص الشمس أكثر من مليون كيلومتر مربع. يؤكّد الفلكيون أنه لا خطر على البشر من الانفجار الشمسي.

شوهد الانفجار الشمسي لأوّل مرّة العام 1851، بينما كان عالم الفضاء ريتشارد كارينغتون يراقب البقع الشمسية من الأرض، إذ فوجئ بظهور انبعاثات ضوئية قويّة من الشمس لم يسبق له أن رآها خلال مراقبته المستمرة لها، فكانت ملاحظاته هي النواة التي انطلق منها الفلكيون لدراسة الانفجارات الشمسية. وبحسب بعض شهود العيان الذين عايشوا الحادثة، أنهم كان باستطاعتهم قراءة الكتب في الليل من دون الإنارة من شدة الضوء الذي انبعث من الشمس.

تصنّف الانفجارات الشمسية وفق الدرجة التي يبلغها التدفّق في ذروته، وهي تقاس بالواط لكل متر مربع، حيث تراوح الذروة ما بين 100 و800 بيكومتر (واط/ متر مربّع). يتألّف التصنيف العالمي للعواصف الشمسية من خمس درجات أخطرها (إكس).


عام الجراد
في عام 1874، هاجم الجراد الأراضي الأميركية والكندية. شكّلت حالة الجفاف التي عاشتها البلاد في ذلك العام بيئة مناسبة لكي يضع الجراد التريليونات من البيض في جبال روكي في أميركا، وقد هاجم الجراد العديد من الولايات الأميركية وحسب شهود عيان فإن أسراب الجراد حجبت أشعة الشمس لساعات عديدة، وأكلت المحاصيل، كما أنه أكل الملابس على أجساد الناس وحاول الناس مواجهة الجراد بحرقه وتفجير أسرابه بالديناميت إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل بسبب كثرة عددها، وتدخل الجيش الأميركي لمساعدة الناس وتقديم المعونات لهم. وبسبب التغيرات البيئة التي طرأت على جبال روكي في أوائل القرن العشرين تم القضاء على الجراد في تلك المنطقة.


سحب الغبار
في عام 536 بعد الميلاد، غطّت سحابة هائلة لسنوات طويلة معظم أرجاء العالم مما أدّى إلى انتشار التصحّر والمجاعات والأوبئة في واحدة من أكبر الكوارث الطبيعية التي شهدها العالم في الألفي سنة الأخيرة، ونجم عن هذه السحابة تساقط غزير لأمطار حمراء كالدماء وشهد حوض البحر الأبيض المتوسط خلال هذه الفترة، أجواءً جليديةً مما أدى إلى تدمير الزراعة والمحاصيل في أكبر موجة برد خلال الألفي عام الماضية.

بعض المؤرّخين ذكر أن السحابة الغامضة أدّت إلى حجب ضوء الشمس لأشهر وربّما لسنوات، وكان ضوء الشمس يشبه إلى حدّ كبير ضوء القمر لا أكثر. حتى أن سكّان روما القديمة كتبوا عن عام كامل حُجبت فيه أشعة الشمس، وكانت تظهر في السماء على شكل نجم أزرق.

وقد تكون هذه السحابة العملاقة وما رافقها من كوارث طبيعية ومجاعات وأوبئة، ساهمت في انهيار حضارات قديمة بشكل كبير كالحضارة الفارسية والاندونيسية، وحضارة الإنكا في أميركا الجنوبية، وحضارة المايا في المكسيك.

هذه الكارثة غير المسبوقة؛ بقيت بدون تفسير حتى وقت قريب، رغم الجهود الحثيثة التي بُذلت من مؤسّسات بحثية كثيرة، بينما الاعتقاد الأكثر واقعية هو أن الأرض قد تكون تعرّضت في هذه الفترة لسقوط نيازك عملاقة أو انفجار براكين.


التلوث الهوائي الكبير
يطلق عليه البعض الدخان الكبير الذي أصاب لندن في الفترة ما بين 5 و9 ديسمبر/ كانون الأول من عام 1952، تسببت هذه الكارثة في وفاة الآلاف من سكان لندن. وشكّلت حافزًا هامًا للحركة البيئية المعاصرة، معظم وفيات الحادثة كانت بسبب الأضرار التي تسبب بها الغبار في الجهاز التنفسي من الهيبوكسيا (انخفاض معدل الأكسجين في الدم) وصولًا لمشاكل أخرى كالقيح والالتهاب الحاد للقصبة الهوائية.

في أوائل ديسمبر/ كانون الأول 1952 هبّ على لندن ضباب بارد، قام بسببه اللندنيون بحرق المزيد من الفحم لغرض التدفئة بشكل أكثر من المعتاد، ونتيجة لتلوّث الهواء تشكل (التعاكس الجوي)، من كتلة كبيرة من الهواء البارد الأمر الذي دفع اللندنيين إلى استخدام الفحم بشكل أكثر ومما جعل المسألة أكثر سوءًا هو استخدام اللندنيين للفحم منخفض الجودة الذي يحتوي على نسبة عالية من الكبريت بسبب تصدير الفحم عالي الجودة إلى الخارج بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي كانت تمرّ بها البلاد بعد الحرب العالمية الثانية.

كان الضبخان/ الضباب الدخاني (ضباب + غبار)، سميكاً للغاية وكان يدخل من الأبواب بسهولة وتسبب بإلغاء جميع الحفلات والعروض السينمائية.

وبما أن لندن عرفت بالضباب، فلم يكن هناك ذعر كبير بين الناس وفي الأسابيع اللاحقة بينت الإحصائيات الطبية أن الضباب تسبب في مقتل 4000 شخص معظمهم من الصغار وكبار السن.


انفجار تونغوسكا
في يوم 30 يونيو/ حزيران من عام 1908، وبالتحديد في تمام الساعة الخامسة وسبع عشرة دقيقة، وفي حوض نهر تونغوسكا بمنطقة كراسنويارسكي بأعماق سيبيريا حيث تنتشر غابات التايجا، دوّى الانفجار وارتفعت كتلة هائلة من اللهب إلى عنان السماء، كتلة أكد شهودها العيان من الفلاحين الروس أنها أضخم وأغرب كتلة نيران رأوها في حياتهم حيث أضاءت السماء بوهج ساطع، وهج أحال مساء تونجوسكا إلى نهار وشعر أغلب سكان المعمورة وقتها باهتزاز الأرض تحت أقدامهم ولفحت النيران الفلاحين على بعد عشرات الكيلو مترات من موقع الانفجار، وبلغت شدة وهج هذا الانفجار العظيم إلى حدّ إمكانية قراءة الصحف في انجلترا في منتصف الليل وأضاءت سماء ستوكهولم فاستطاع بعض المصوّرين، هناك التقاط الصور بدون فلاش بكاميراتهم محدودة الإمكانية فى ذلك الوقت وحظي الألمان بنهار دام لـ 24 ساعة.

يُسمَّى هذا الانفجار بالانفجار الغامض، لعدم المعرفة المتيقنة، بسببهِ الذي وقع في قرب نهر نونغوسكا واعتقد بعض العلماء أن سبب الانفجار ناتج عن كويكب أو نيزك صغير تسبب في هذه الكارثة، وتُصنّف قوة الانفجار بـ 250 ضعف قنبلة هيروشيما.

 


(النص الأصلي)

المساهمون