...عن عيدالأضحى في بلاد الإنكليز

...عن عيدالأضحى في بلاد الإنكليز

02 أكتوبر 2014
عيد الأضحى في لندن (Getty)
+ الخط -

لا يحلو العيد بعيداً عن بيئته وأهله، مهما حاول أصحابه تجميله وتغليفه بمظاهر البهجة. ينقصه دوماً ذلك الفرح النابع من الأعماق، الذي لا يحييه سوى لمّ الشمل في أرض الوطن.  

يحتفل المسلمون بعيد الأضحى في العاصمة البريطانية لندن، ويحيون بذلك ذكرى النبي ابراهيم، الذي أراد التضحية بابنه وتقديمه قرباناً إلى الله تعالى، كما يبّشر العيد، في نهاية رحلة الحجّ والعودة من مكّة المكرّمة.

في الواقع هناك فئة واحدة تستمتع بالعيد، حتّى لو وضعوها على كوكب آخر، فالطاقة النقيّة التي تتغلغل في روحها، تربطها بالإنسان أينما حلّت، ولا تشعر بذاتها غريبة.

العيد بالنسبة إلى الأطفال لا يتعدّى الملابس الجديدة والهدايا، في أيّ بقعة من العالم وبالنسبة بالنسبة لأيّ طفل، على اختلاف جنسه وهويّته وطائفته. يرتدي هؤلاء، أجمل الملابس، من دون البحث عن المعاني الدينية لهذه المناسبات السعيدة. وفي أيّ حال، لا يكترث هذا الكائن البريء بغير فرحة العيد.

ربّما تلك البراءة التي لم تُشوهها ثقافة الطائفية بقيت وحدها قادرة على الإمساك بالسّعادة، أينما وُجدت، حتّى في بلاد الاغتراب. أمّا الكبار، فقد أثقلت كواهلهم المعرفة غير النافعة، وهجرت روحهم السّعادة، على الرغم من محاولاتهم المستميتة لبعثها من جديد.

يحاول هؤلاء الإحساس بفرحة العيد، من خلال الصلاة بحثاً عن الراحة النفسية، وإرسال بطاقات المعايدة إلى الأصدقاء والأقارب، أو الاجتماع بالعائلة وتوزيع الهدايا على الصغار.

وتخصّص بعض المساجد، محاضرات خاصّة بالمناسبة، تتناول مفاهيم الدين والتاريخ الإسلامي. كما يقدّم المسلمون في عيد الأضحى ذبيحة، قد تكون خروفاً أو بقرة، ويوزّع اللحم على الفقراء والعائلة والأصدقاء.

غير أنّ قوانين بريطانيا تمنع الذبح في الشوارع، كما يحدث عادة في غالبية البلدان العربية، وتسمح به فقط في مسلخ مخصّص لهذا الغرض.

ومن جهة أخرى، قد يتبرّع المسلمون، بمبالغ ماليّة للجمعيّات الخيرية، لمساعدة العائلات المحتاجة. وتقوم الجوامع، أو جماعات أخرى أحياناً، بالترتيب لوجبات جماعية مجّانية، رغبة بنشر مباهج العيد في نفوس الجميع.

تكتظّ جوامع لندن بالمصلّين في عيد الأضحى، مما يؤدي إلى ازدحام مروريّ خانق، في بعض المناطق ذات الغالبية المسلمة. ولا تحظى هذه المناسبة بإجازة رسمية في بريطانيا، لذلك يختار الكثير من المسلمين تمضية بضعة أيّام من إجازتهم السنوية في فترة العيد.

وفي المقابل تقام الاحتفالات في الفنادق والمطاعم، ويتوافد العديد من الفنانين العرب إلى لندن لإحياء المناسبة، كما يقصد المدينة الكثير من السيّاح، للاحتفاء بالعيد في أجواء غربية - عربية خاصّة بهم.

في لندن، ينظّم المركز الثقافي الإسلامي هذا العام برنامجاً خاصاً بالمناسبة، يدعو خلاله المسلمين إلى الاحتفال والتلاقي، ويبدأ يوم الرابع من أكتوبر/تشرين الأول بالصلاة في مسجد "ريجنت"، ويلي الصلاة غداء، ثمّ جولة في إحدى أهم معالم لندن السياحية "لندن آي" ، وهو دولاب كبير بمقصورات يدور في الهواء، حيث يرى الركّاب لندن على امتدادها من علوّ شاهق.

لكن حتّى لو اختلفت مظاهر العيد في لندن عنها في بلدان أخرى، إلا أنّ ميزاتها الأساسية تبقى ثابتة لا تتبدّل مع تبدل المكان أو الزمان. فاجتماع العائلة وفرحة الصّغار والمحافظة على التقاليد الجميلة، التي تتوارثها الأجيال وتحييها الأعياد، تتشابه في جميع أصقاع الأرض تقريباً، ولا يمكن للعيد أن يمرّ من دونها.

المساهمون