عامان على اعتقال الهذلول: السلطات ترفض الاعتراف بالتعذيب

17 مايو 2020
اعتقلت الهذلول في مايو 2018 (فرانس برس)
+ الخط -
مرّ عامان على اعتقال السلطات السعودية للناشطة الحقوقية لجين الهذلول، ضمن ما عُرف بـ"حملة رمضان"، والتي استهدفت عدداً كبيراً من الناشطات الحقوقيات والنسويات اللاتي كن يطالبن بحقوق المرأة في السعودية، ومن ضمنها إسقاط ولاية الرجل على المرأة، والسماح لها بقيادة السيارة، والسفر وحدها. 

واعتقلت السلطات الهذلول فيما عُرف بـ"حملة اعتقالات رمضان" التي تمت في مايو/أيار عام 2018، إضافة إلى عدد آخر من الأكاديميات والناشطات والناشطين، بينهم إيمان النفجان وعزيزة اليوسف وهتون الفاسي، اللائي جرى الإفراج عنهن لاحقاً، ومحمد الربيعة الذي لا يزال مسجوناً حتى الآن.

واتهمت السلطات السعودية الهذلول ومن معها بـ"النشاط المنسق لتقويض الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي للمملكة"، فيما وصفهن الإعلام الرسمي سابقا بأنهن "خائنات" و"عميلات للسفارات"، ونُشرت صور المعتقلات على صدر الصفحات الأولى في الصحف السعودية المملوكة للدولة بعد أيام من اعتقالهن. 

ورغم أن المرأة السعودية حصلت فيما بعد على كل الحقوق التي طالبت بها الهذلول تباعاً، إلا أن لجين لا تزال تعاني في السجن، وسط رفض السلطات الإفراج عنها أو حتى الاعتراف بحدوث عمليات تعذيب بحقها على يد المستشار السابق في الديوان الملكي، سعود القحطاني، وفق ما أكدت عائلتها في شهادتها أمام الكونغرس الأميركي. 

وأجبر فهد البتيري، وهو كوميدي سعودي تزوج من لجين بعد قصة حب عاصفة في وسائل الإعلام، على تطليق زوجته بعد أن سُجن معها. كما أجبرت الأجهزة الأمنية الجزء الأكبر من عائلة لجين على الفرار خارج البلاد خوفاً من اعتقالهم. 

وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قال، في مقابلة مع بلومبيرغ في أكتوبر/تشرين الأول عام 2018، إن "الناشطات كن جزءاً من مؤامرة، ولدينا أدلة ضدهن"، وهي المقابلة ذاتها التي قال فيها ولي العهد إن الصحافي جمال خاشقجي خرج من الباب الآخر للقنصلية السعودية في إسطنبول.

وتعرضت لجين لعمليات تعذيب ممنهج في عدد من السجون السرية على يد المحققين السعوديين، بإشراف مباشر من المستشار السابق سعود القحطاني، حيث قال شقيقها وليد الهذلول، أمام لجنة لحقوق الإنسان في مجلس النواب الأميركي: "لقد عُذبت لجين وتعرضت للتحرش الجنسي داخل معتقلات سرية على يد سعود القحطاني الذي أشرف على عملية التعذيب". 

وأضاف: "القضية أنه حتى التعذيب لم يكن بغرض انتزاع معلومات، بل جرى لأنهم (المحققون والقحطاني) كانوا مستمتعين بذلك". 

وجرى تهديد لجين الهذلول بالاغتصاب، وإجبارها على الإفطار في شهر رمضان، والتهديد بقطع جثتها.  

وأدت الضغوطات الدولية على النظام السعودي عقب مقتل جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول عام 2018، إلى قيام السلطات السعودية بإقالة القحطاني، والذي اعتبر حينها مسؤولاً عن عملية الاغتيال وعن تعذيب عشرات الناشطين والناشطات، بمن فيهم الهذلول. 



كما جرى تحسين وضع الهذلول، ونقلها إلى سجن رسمي بعد احتجازها الطويل في المعتقلات السرية، إضافة إلى توقف التعذيب الجسدي والسماح لها بمحادثة أهلها بشكل أطول. لكن التلاعب في مواعيد محاكمتها والضغط النفسي عليها ومحاولة إجبارها على الاعتراف لا تزال مستمرة. 

وتقول عائلة الهذلول إن لجين تعيش ضغطاً نفسياً كبيراً بسبب تأجيل السلطات موعد محاكمتها وتلاعبهم بها، إضافة إلى محاولتهم عقد صفقة معها تنص على تسجيلها شريط فيديو تقول فيه إنها لم تتعرض للتعذيب مقابل الإفراج عنها، وهو ما رفضته رفضاً قاطعاً، بحسب ما يقول وليد الهذلول، الذي أكد: "لقد مزقت الورقة ورفضت التوقيع على أي اعتراف أو تصوير فيديو". 

ورغم أن بن سلمان قد صرح لبرنامج "60 دقيقة" بأن تعذيب لجين الهذلول سيكون "أمراً شنيعاً" لو ثبتت صحته، وأنه سيتولى متابعة الملف شخصياً، إلا أن حكومته لم تقم باتخاذ أي إجراء جاد للتحقيق حول المزاعم التي أكدتها عائلة الهذلول عدة مرات، وعلى العكس قرر بن سلمان تبرئة مستشاره القحطاني من تهمة اغتيال خاشقجي والتهيئة لعودته للحياة السياسية مرة أخرى في البلاد.  

ويرى ناشطون حقوقيون سعوديون أن السلطات تتعمد إبقاء لجين لأطول فترة ممكنة في السجن رغم أن كل ما طالبت به قد تحقق، لكنها تريد أن توصل رسالة للناشطين والناشطات بأن المطالبة بالحقوق يجب أن تتم عبر إذن حكومي، وأن أي عمل يخص المجتمع المدني خارج إطار الدولة هو عمل عدائي يستهدف الدولة ويحاول تقويضها.