"هولوكوست ليبيا"... جرائم تفوق الخيال

"هولوكوست ليبيا"... جرائم تفوق الخيال

08 اغسطس 2015
الجرائم وثقها موقع "هولوكوست ليبيا" (عبدالله دوما/ فرانس برس)
+ الخط -
كشف نشطاء ليبيون عن ارتكاب انتهاكات غير آدمية لحقوق الإنسان بحق سجناء ومعتقلين في مختلف المناطق الليبية منذ ثورة فبراير/شباط 2011، وصلت إلى حدّ طبخ مواطن ليبي وهو حيّ، وحرق آخر وإخراج قلبه، فضلاً عن التنكيل بالجثث واغتصاب النساء وحرق أجسادهنّ، بحسب مقاطع فيديو وثقها موقع "ليبيا هولوكوست" وجرى بثها بثلاث لغات.


اقرأ أيضاًأمل كلوني تحاول إنقاذ رئيس "مخابرات" القذافي من الإعدام 

وأصدر ممثلون عن التجمّع العالمي من أجل ليبيا موحدة وديمقراطية والمجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية والحركة الوطنية الشعبية الليبية، أثناء ندوة صحافية عقدت في تونس، وثيقة من المنتظر أن يتم توزيعها على الأطراف الليبية والمغاربية والدولية للتدخل وإيقاف انتهاكات حقوق الإنسان، آملين من المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إيقاف نزيف الاعتداءات على الحرمات الجسدية والذات الإنسانية.

وتباحث حقوقيون ومحامون وشخصيات سياسية واجتماعية وعدّة أطراف ليبية في الندوة التي استضافتها مؤسسة التميمي للبحث العلمي، الانتهاكات الحاصلة في ليبيا، وكيفية حماية أبناء الشعب الليبي من مثل هذه التجاوزات.

وقالت الحقوقية الليبية، رئيسة التجمع العالمي من أجل ليبيا موحدة وديمقراطية، فاطمة محمد أبو النيران، لـ"العربي الجديد" إنّ ما يقع من جرائم وانتهاكات في بعض المدن الليبية لم يحصل على مرّ التاريخ.

وأوضحت أنّهم وثّقوا جزءاً من هذه الانتهاكات، وأنها موجودة في شكل صور وتسجيلات مصورة على الموقع الإلكتروني "ليبيا هولوكوست"، معتذرة عن المشاهد الصادمة التي يصعب رؤيتها أو تصديقها، ومن ذلك طبخ مدني ليبي وهو حي في قدر كبير به ماء يغلي، ومشاهد أخرى لإخراج قلب ليبي بعد حرقه، إلى جانب مقاطع توّثق تعذيب المسجونين وتعنيفهم ومشاهد لاعتداءات على الأجساد بالحرق والتنكيل.

وأضافت فاطمة "حاولنا توثيق وعرض جزء من الانتهاكات الحاصلة، ولكن ما جمعناه وعرضناه على الرأي العام أقل بكثير مما يحصل على أرض الواقع من جرائم حرب، وللأسف الانتهاكات لا تزال مستمرة حتى اليوم، ونخشى أن تزداد، خصوصاً أن أعداد الضحايا في تزايد مستمر في ظلّ وجود عشرات الآلاف من المعتقلين في السجون الليبية".

وأكدت الناشطة الحقوقية أنّ الاعتداءات طالت قرابة ثمانية آلاف ليبية في السجون بعضهن تعرّضن للاغتصاب وأخريات إلى التنكيل وإلى حرق أجسادهن وإلى الضرب حدّ الموت بحسب صور وفيديوهات جزء منها موجود على موقع "ليبيا هولوكوست".

وأشارت إلى أنه توجد جرائم بشعة عدة تُمارس ضدّ السجينات في سجن "الرويمية" بليبيا، وأن شخصاً يدعى هيثم الورفلي، ويلّقب بأبو البراء، هو سجين سابق بالسجن كلّف بإدارة السجن والتنكيل بالمعتقلات وقد وصل الأمر إلى حدّ خنقهن حتى الموت، وتساءلت: أين هو العالم مما يجري اليوم في ليبيا؟

وأكّدت رئيسة التجمع العالمي من أجل ليبيا موحدة وديمقراطية أنّ نداءات عدة تصلهم من أهالي المسجونين، مبينة أن عدداً من السجون الليبية أصبحت بمثابة المعتقلات، ولا ينطبق عليها مصطلح السجون لأنها تفتقر إلى أبسط مقومات الإنسانية.

وقالت إنّ العديد من السجناء حرموا من العلاج والأدوية، وإن انتهاكات عدة  طاولتهم كفقء الأعين وكسر الأنوف وتخريب الأجساد وهي ممارسات تتم بواسطة آلات حادة وميكانيكية في خرق واضح لأبسط المواثيق الدولية.

وبيّنت أنّ ليبية، من مدينة تاورغاء، تعرّضت إلى شتى أنواع التعذيب وحرق جسدها لأنها سمراء البشرة، وتعاني اليوم من تشوهات عدّة. وكشفت أنّ الإعلامية هالة المصراتي تعرّضت إلى التعذيب وفرّت بأعجوبة من معذبيها وهي الآن في مكان آمن.

في السياق، قال الشيخ عمران التورغي، من العلاقات الخارجية لمؤتمر الشباب والقبائل الليبية ومندوب أحد شيوخ مدينة تاورغاء، لـ"العربي الجديد"، إن الانتهاكات في ليبيا جسيمة، وأنّ الوضع الإنساني في كثير من القرى والمدن صعب جداً.

وذكر أن مدينة تاورغاء كانت تضم 62 ألف نسمة، غالبيتهم من ذوي البشرة السمراء، ولكنّهم يعيشون الآن وضعاً إنسانياً مأساوياً؛ فهم مشرّدون في مخيمات في بنغازي وأجدابيا وسرت وطرابلس، بعدما هُجّروا من بيوتهم، وحرموا من أرزاقهم مباشرة بعد سقوط نظام معمر القذافي.

وأشار إلى إحراق الملفات الدراسية لتسعة آلاف طالب، ما حرمهم من متابعة تحصيلهم العلمي، كما أن العديد من أقربائهم في تاورغاء أعدموا فقط لأن بشرتهم سمراء أو لأنهم كانوا موالين للنظام السابق. وقال "لقد اغتصبت نساؤنا وتعرّض شيوخنا إلى التعذيب وحرم مرضانا من العلاج، كما توقفت مرتباتنا وجرايتنا".

وأضاف أنّ ابن عمه ويدعى علي العاتي (32 عاماً)، وهو أب لعدّة أطفال، تم طبخه في قدر كبير وهو حيّ. وبين أنّ أبناءه يعانون من مرض سرطان الدم، ولم يجدوا من يعالجهم أو يتكفل بمصاريفهم.

من جهته، قال العضو في المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، يونس أبو النيران، لـ"العربي الجديد" إنّه في ظلّ غياب الدولة، فإن حقوق الإنسان تنتهك وتستباح في ليبيا، مبيناً أنه يوجد مليونا مواطن ليبي مهجر في الخارج و700 ألف مهجر في الداخل ولا يمثلهم أحد في التجاذبات الحاصلة.

وذكر أن المجتمع الليبي ذو تركيبة قبلية صرفة، وأن القبائل بإمكانها أن تؤدي دوراً فاعلاً في حقن الدماء وإيقاف نزيف الانتهاكات الحاصلة، معوّلاً على القاعدة الشعبية العريضة التي تمتلكها القبائل. وقال أبو النيران "تراعي القبائل في ليبيا الحرمات الإنسانية وهي لا ولن تسمح بانتهاك الحرمات مهما كانت الدوافع والتبريرات". وشدّد على أنّ الحوار يجب أن يكون "ليبي ليبي"، وإلا فإنه لا يمكن الخروج من الأزمة التي بدأت تتفاقم.


اقرأ أيضاً: بروتوكول "عالمي" لتوثيق جرائم العنف الجنسي خلال الحروب

المساهمون