هل كسبت تونس معركة الجبل ضد الإرهابيين؟

هل كسبت تونس معركة الجبل ضد الإرهابيين؟

27 أكتوبر 2017
خسر الجيش التونسي كثيرين في صفوفه (Getty)
+ الخط -
تستمر معركة القوات التونسية مع الإرهابيين في الجبال الغربية منذ سنوات، دفعت خلالها ثمناً باهظاً من عسكرييها وشرطييها، ودفعتها إلى إعادة النظر في موازنة الجيش والشرطة والدرك والجمارك، ورفعها إلى مستويات قياسية لم تشهدها من قبل.

ونتيجة لتطوير تسلّحها وقدراتها البشرية، سجّلت تونس في السنتين الأخيرتين تراجعاً ملفتاً للعمليات الإرهابية المنطلقة من الجبال، بعد إحكام السيطرة عليها وتطويقها وقطع طريق الإمدادات والقبض على الخلايا الداعمة لها لوجيستياً.

لكن السؤال حول نهاية هذه الحرب يبقى مطروحاً بقوة لدى التونسيين، خصوصاً أن القوات لا تزال عند الحدود الغربية مع الجزائر.

وأكد وزير الدفاع الوطني، عبد الكريم الزبيدي، أنّ الحدود الشمالية الغربية المتميّزة بتضاريسها ومرتفعاتها الوعرة وكثافتها الغابيّة، والتي يجعل منها الإرهابيون مخابئ ومجالات للتنقل والتواصل فيما بينهم، أصبحت تحت السيطرة بفضل التنسيق المحكم مع الجزائر في مجال مقاومة الجريمة المنظمة والإرهاب والتصدي للهجرة غير الشرعية، وذلك بتبادل المعلومات والتّشاور المتواصل.

وأعلن خلال زيارة تفقد للوحدات العسكرية بولاية الكاف شمال غرب تونس، أنّ القدرات العملياتية لجيش البرّ ما فتئت تتعزّز بتجهيزات متلائمة مع التهديدات غير التقليدية لحماية العسكريين، بالإضافة إلى الطائرات من دون طيّار المختصة في مجال الاستطلاع والاستعلام والمراقبة الجوية.

وأضاف وزير الدفاع الوطني أن مجهودات العسكريين المنتشرين في جبال "ورغة" و"مرتفعات كسّار القلال" و"لِلّة عيشه"، مكّنت من القضاء على المجموعات الإرهابية، ولكي لا يكون أي  شبر واحد من أرض تونس خارجاً عن سيطرة الدولة وسيادتها، مؤكّداً حرص الدولة على تحسين الظروف المادية والمعنوية لكافة العسكريين على مختلف رتبهم.

وقال العميد السابق في الجيش الوطني ورئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، مختار بن نصر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن سنة 2017 ستكون سنة الحسم للقضاء على الإرهابيين المتمركزين في الجبال، خاصة على الحدود الشمالية الغربية، وذلك بفضل التجهيزات المتطورة التي أصبحت تمتلكها حالياً وزارة الدفاع، ومنها الطائرات من دون طيار ومعدات الرقابة، وهي معدات ستمكّن الوحدات العسكرية من رصد المكالمات وتحركات الإرهابيين، ما يسهل القضاء عليهم.

وأكد بن نصر أنّ المناطق الجبلية كالمغيلة وسمامة والشعانبي ظلت، وعلى امتداد 7 سنوات، أوكاراً للإرهابيين، نظراً لتضاريسها الصعبة، ولكن بتكثيف الرقابة عليها وتدعيم الجانب الاستعلاماتي خاصة في العامين الأخيرين، فإن تونس استطاعت كشف كثير من المخابئ والقضاء على عشرات الإرهابيين.

واعتبر بن نصر أنّ التجهيزات الموجودة ستُعطي قدرات جديدة للعسكريين للقضاء على الإرهابيين بصفة نهائية، ومع ذلك فإنه يجب دائماً الحذر لأن هذه العناصر ما فتئت تنتدب عناصر جديدة في صفوفها، معتبراً أن الاحتياطات تبقى دائماً مطلوبة.

من جهته، رأى العقيد أركان حرب متقاعد محمد صالح الحدري، أن الطائرات من دون طيار وطائرات الاستطلاع التي حصلت عليها تونس من الولايات المتحدة الأميركية مهمة جداً في اكتشاف نشاط الإرهابيين في الجبال، إضافة إلى اقتناء الهليكوبتر الليلية، والتي ساعدت في استعمال الأشعة تحت الحمراء، وبالتالي سهلت تتبع الإرهابيين ومحاصرتهم في الجبال والمخابئ.

وأوضح في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الاستراتيجية الأمنية تقوم على رصد تحرّكات الإرهابيين ومحاصرتهم قبل تنفيذ أي عمليات وهجمات ممكنة، مبيناً أن هذه المرحلة مهمة جداً وساعدت في القضاء على الإرهابيين وتمشيط الجبال، مرجّحاً ألا تتعدّى أعدادهم حالياً الـ40 إرهابياً في الجبال، مبيناً أن التسلل من الحدود سيبقى موجوداً، ولكن ما دامت توجد إمكانات وتجهيزات متطورة فإن القضاء على الإرهابيين أصبح ممكناً.