خروج بريطانيا من الاتحاد يهدد السلام الأوروبي

09 مايو 2016
خروج كاميرون ومليباند من المتحف البريطاني (Getty)
+ الخط -

 بعد ستّة أسابيع فقط، وتحديداً في 23 يونيو/حزيران، يصوّت الشعب البريطاني على بقاء بلاده في الاتحاد الأوروبي، أو خروجها، وقد انطلقت الحملات المكثّفة، في الصباح الباكر، حول الاستفتاء، وذلك بعد فترة قصيرة من الهدوء خلال فترة الانتخابات المحليّة. 

رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، حذّر في كلمته، صباح اليوم، في المتحف البريطاني، من تهديد السلام في أوروبا في حال التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، واصفاً خطوة ترك سوق الاتحاد الأوروبي بـ"المتهوّرة واللامسؤولة".

كما أشار إلى أنّ بريطانيا ندمت على إدارة ظهرها لأوروبا في الماضي، وأنّ الاتحاد الأوروبي ساهم في المصالحة بين الدول والحفاظ على السلام.

واعتبر أيضاً أنّ أوروبا قد تخسر، السلام والاستقرار اللذين استمتعت بهما في السنوات الأخيرة، لتعود عقارب الساعة إلى الوراء إلى زمن تنافس القوميّات في أوروبا، التي عاشت بسلام منذ عام 1945 بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

ولفت كاميرون إلى مرور نحو عقدين من الزمن على حرب البوسنة، في وقت كانت لا تزال فيه روسيا في حالة حرب مع جورجيا وأوكرانيا. وتساءل إن كان الخروج من الاتحاد الأوروبي مسألة خطيرة تستحق اتّخاذها، مؤكداً أنّ الانعزال لم يخدم هذا البلد بشكل جيد.

وللتشديد على مخاطر الخروج من الاتحاد الأوروبي، ذكّر كاميرون، بالأحداث الكبرى التي واجهتها أوروبا على مرّ الزمن، ومنها حرب أرمادا الإسبانية في عام 1588 حين أبحر أسطول إسباني من 130 سفينة لغزو إنجلترا، ومعارك بلينهايم وواترلو في عام 1704 و1815 والحربان العالميتان، فضلاً عن سقوط جدار برلين.  

إلى ذلك، حذّر من أنّ ما يحدث في دول الجوار يؤثّر في بريطانيا، وقدّم براهين لتأكيد ذلك، منها ما حدث في عام 1924 وعام 1989 والحروب التي سبقتها، لافتاً إلى أنّ الأمور تسوء في بريطانيا إن ساءت الأوضاع في أوروبا، داعياً إلى التوقّف عن الادّعاء أنّ بريطانيا في مأمن من عواقب ما قد يحدث في القارّة.  

وأشار إلى المسائل الرّاهنة التي تتطلّب التعاون بين الدول، مثل القتال ضدّ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وأزمة الهجرة التي تتطلّب وحدة الهدف.

بدوره، دعم وزير الخارجية السابق من حزب العمّال البريطاني، ديفيد ميليباند، في كلمته، بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، منبهاً من أنّ خروجها سيكون بمثابة انتحار سياسي وإنّ الشعب البريطاني لن يصوّت لبريطانيا أضعف.

في المقابل، ردّ مؤيدو حملات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بالقول، إنّ حلف شمال الأطلسي وليس الاتحاد الأوروبي، الذي حافظ على السلام في بريطانيا.

أمّا بوريس جونسون، عمدة لندن السابق، الذي يعتبر أحد أهمّ المؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فقال إنّه لا يعتقد أنّ رئيس الوزراء يؤمن بجدّية اشتعال فتيل الحرب في القارّة الأوروبية في حال مغادرة الاتحاد الأوروبي، كونه حثّ الناس قبل بضعة أشهر على التصويت على مغادرته في حال العجز عن إنجاز إصلاحات كبيرة فيه، ولم يحدث ذلك لغاية اليوم. كما استغرب جونسون تحذير كاميرون من حرب عالمية ثالثة في حال التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي واعتبرها حجّة واهية.

ولم يتوان جونسون في دعوة كاميرون إلى التفكير بجدّية قبل قول هذا النوع من التحذيرات. وأضاف أنّ الاتحاد الأوروبي قوّض السلام في البوسنة وأوكرانيا ولم يعزّزه، ولفت إلى أنّ حلف شمال الأطلسي، ضمن السلام في أوروبا وليس الاتحاد الأوروبي.

كذلك، ألقى اللوم على الاتحاد الأوروبي واتّهمه باستفزاز روسيا للتدّخل في أوكرانيا، معتبراً أنّ مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي هو مشروع عظيم لليبرالية الأوروبية.

ويبقى الصراع محتدماً بين مؤيدي ورافضي بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، إذ استعان مؤيدو الخروج من الاتحاد، بتحليلات مؤرخين بريطانيين، وصفت مزاعم منع الحروب في بريطانيا بسبب وجودها في الاتحاد الأوروبي بالباطلة، ولا أساس لها من الصحّة، وذلك بعد أن حذّر جون سويرز، مدرّب "MI6" (وحدة مسؤولة عن حماية الأمن الداخلي في المملكة المتحدة)، من أنّ مغادرة الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يجعل بريطانيا "أقل أمناً" وأن بريطانيا ستحرم من المشاركة في القرارات الرئيسية والحاسمة ومن تبادل البيانات.

 

المساهمون