هيومان رايتس ووتش: الهجوم الإماراتي على مصنع للبسكويت قتل ثمانية مدنيين بليبيا

29 ابريل 2020
لم تجِد "هيومن رايتس" أي أهداف عسكرية حول المصنع(الأناضول)
+ الخط -

قالت "هيومن رايتس ووتش"، اليوم بعد تحقيق، إن الهجوم الذي شنّته الإمارات بطائرة بدون طيار (طائرة مُسيّرة) على مصنع "السنبلة" للبسكويت في وادي الربيع، جنوب طرابلس، بليبيا في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، أسفر عن مقتل ثمانية مدنيين وإصابة 27 بجروح.
وأشارت المنظمة إلى أن الإمارات لم تتخذ إجراءات تُذكر لتقليل الأذى اللاحق بالمدنيين في هجومها، مطالبة بإجراء تحقيق شفاف في هذا الحادث، ونشر النتائج علناً، وتعويض الضحايا أو أسرهم.
ومنذ اندلاع النزاع المسلح الحالي في طرابلس في إبريل/ نيسان 2019، شنّت الإمارات غارات جوية وغارات بطائرات مسيّرة لدعم "القوات المسلحة العربية الليبية"، المعروفة سابقاً بـ "الجيش الوطني الليبي"، أحد طرفي النزاع الرئيسيين في ليبيا، وتسبب بعضها بوقوع إصابات بين المدنيين. وكان جميع ضحايا هجوم نوفمبر/ تشرين الثاني عمالاً مدنيين في المصنع، من ضمنهم سبعة ليبيين و28 مواطناً أجنبياً، كلهم رجال.


وقال مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة في هيومن رايتس ووتش، إريك غولدستين: "هاجمت الإمارات مصنعاً للمنتجات الغذائية، دون دليل على وجود أهداف عسكرية فيه. عدم التحقق من أن العمال هناك كانوا مدنيين ومن عدم وجود هدف عسكري مشروع يُظهر التهور والمعلومات الاستخبارية الخاطئة".

وزارت باحثة من هيومن رايتس ووتش مكان الهجوم في ديسمبر/ كانون الأول 2019، ووثّقت الأضرار المادية التي ألحقتها الصواريخ الموجهة التي أطلقتها طائرات مُسيّرة بالمصنع وعثرت على بقايا من الأسلحة. ولم تجِد هيومن رايتس ووتش أي أهداف عسكرية في المنطقة. وألحقت الغارات أضراراً بالمبنى ودمّرت شاحنة وسيارة. وتوقّف المصنع عن العمل بعد الهجوم.
وعثرت هيومن رايتس ووتش في موقع الغارة على بقايا أربعة صواريخ على الأقل من طراز "بلو آرو - 7" (Blue Arrow-7) الموجهة بالليزر التي أطلقتها طائرة مُسيّرة من طراز "وينغ لونغ - 2" (Wing Loong-II). وحدها الإمارات تستخدم هذا الطراز من الطائرات المُسيّرة والصواريخ في ليبيا.
وقابلت هيومن رايتس ووتش خمسة أشخاص كانوا في الموقع قالوا إن خمسة صواريخ أُطلقت جميعها في غضون بضع دقائق. والتقت الباحثة بموظفَيْن من شركة السنبلة كانا موجودَيْن يوم الغارة، وثلاثة موظفين آخرين أصيبوا أثناء الهجوم وكانوا يتعالجون في منشأة قريبة تابعة للشركة.
ويضم موقع الهجوم مجمّعاً صناعياً يضم عنابر صناعية عدة تُستخدم في الغالب مستودعات لتخزين المواد الخام والمعدات. وتُنتج الشركة أكثر من 20 نوعاً من المواد الغذائية. وتضم المنطقة المحيطة بمعظمها أراضي زراعية، رغم أن هيومن رايتس ووتش شاهدت بعض المنازل الفردية ومصانع أخرى، بما فيها مصنع مناديل ورقية ومصنع طحين، وهي ليست قريبة من بعضها البعض.
وعندما زارت هيومن رايتس ووتش الموقع في ديسمبر/ كانون الأول 2019 لم يُشاهد الباحثون أي علامة على وجود جماعات مسلحة في المنشأة. وقال الموظفون الذين قابلتهم هيومان رايتس ووتش إن أقرب وجود عسكري في وقت الهجوم كان مستشفى ميدانياً في مسجد آخر يبعد 1.5 كيلومتر على الأقل. وفي وقت الزيارة، سمعت الباحثة قصفاً مدفعياً من بعيد وقال الموظفون إن خط الجبهة يبعد 5 إلى 6 كيلومترات.


وقال أربعة من الموظفين إن سبعة من العاملين معهم قُتلوا على الفور وإن الثامن، من بنغلادش، توفي متأثراً بجراحه بعد عشرة أيام في مستشفى في طرابلس. ولم تُعلّق الإمارات علناً على دورها في الهجوم ولم تعرض تعويضات عن الخسائر المدنية.

ووفقاً لوسائل الإعلام و"الأمم المتحدة" وتقارير أخرى، شنّت الإمارات خمس غارات أخرى على الأقل أودت بحياة مدنيين منذ إبريل/ نيسان 2019، من ضمنها هجوم في يوليو/ تموز ضد مركز لاحتجاز المهاجرين في تاجوراء، قرب طرابلس، الذي أودى بحياة 50 مهاجراً وطالب لجوء على الأقل من جنسيات مختلفة.
وبحسب تقارير "فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بليبيا"، وبالإضافة إلى الطائرات المُسيّرة، زوّدت الإمارات القوات المسلحة العربية الليبية بالأسلحة والذخائر ومواد قتالية أخرى مثل المركبات المدرعة، منتهكة حظر الأسلحة الذي فرضه "مجلس الأمن الدولي" التابع للأمم المتحدة في 2011 والذي يحظر عمليات النقل هذه.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن دعم الإمارات العسكري المتواصل للقوات المسلحة العربية الليبية، جماعة مسلحة في شرق البلاد لها سجل مُثبت من انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب وحقوق الإنسان، يهدد بجعل الإمارات متواطئة في هذه الانتهاكات وقد يُعرّضها للتدقيق في التحقيقات الدولية. 

المساهمون