عملية تحرير سنجار العراقية: العين على الموصل والرقة

عملية تحرير سنجار العراقية: العين على الموصل والرقة

13 نوفمبر 2015
انطلقت العملية العسكرية صباح أمس (يونس كيليس/الأناضول)
+ الخط -
باشرت قوات البشمركة الكردية، التابعة لإقليم كردستان العراق، والولايات المتحدة، عملية عسكرية واسعة النطاق لاستعادة مدينة سنجار، ثاني أهم مدن محافظة نينوى بعد الموصل، والتي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، منذ نحو عام ونصف العام.

بدا القرار بعيداً عن استشارة الحكومة المركزية في بغداد حتى. وبحسب بيان لمجلس الأمن الوطني لكردستان العراق، وهو أعلى دائرة قرار عسكرية وأمنية في الإقليم، يشرف عليها رئيس الإقليم، مسعود البارزاني، فإن "سبعة آلاف وخمسمائة عنصر من القوات النظامية للبشمركة يشاركون في معركة تحرير سنجار من ثلاث جهات، والتي تهدف إلى محاصرة مسلحي (داعش) في المدينة وقطع طرق خروجهم منها، إضافة إلى حماية سكان المناطق القريبة من القصف المدفعي للمسلحين".

وأشار البيان الى أن طيران التحالف الدولي يقوم بشنّ غارات لقطع طرق التواصل والإمداد بين المسلّحين في العراق وسورية، عبر سنجار، مبيناً أن رئيس الإقليم يشرف على المعارك التي انطلقت فجر الخميس (أمس)، وتهدف إلى تطهير المدينة المختلطة سكانياً دينياً، بين مسلمين ومسيحيين ويزيديين وزرادشتيين، وقومياً بين العرب والأكراد والتركمان.

وفي السياق نفسه، قال مصدر، لـ "العربي الجديد"، إن "الهجوم بدأ الساعة السابعة من صباح الخميس (أمس)، ويستمر لحين السيطرة على البلدة وطرد المسلحين منها". وبيّن أنّ "المعارك يتم الإشراف عليها وتوجيهها بصورة مباشرة وبشكل ميداني من قبل رئيس إقليم كردستان". وأشار إلى أن "الهجوم يحظى بدعم جوي توفره طائرات التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة".

اقرأ أيضاً: العراق: البارزاني يقود معركة استعادة سنجار من "داعش"

وتعتبر سنجار الطريق الحيوي الذي يربط مناطق سيطرة (داعش) في سورية، مع مناطق سيطرته في العراق. وفي حال نجاح القوات الكردية في تحرير المدينة، فإن نحو 120 كيلومتراً حدودية بين العراق وسورية، ستكون خارج نطاق سيطرة تنظيم "داعش".

ووفقاً لمعلومات متطابقة، حصلت عليها "العربي الجديد"، فإنّ القوات الكردية بدعم جوّي أميركي تمكّنت من تحرير ست قرى، وعدد من أحياء سنجار، وسلسلة جبال كورن الحدودية للمدينة. 

وتقول قوات البشمركة إن السيطرة على سنجار ليست صعبة بالنسبة لها، لكن بقاء البلدة تحت سيطرة القوات يعدّ أمراً غير سهل، كون المنطقة منبسطة، مما يسهل على المسلحين قصفها ومهاجمتها من أكثر من جهة.

وأكد مسؤول في قوات البشمركة أن تحرير المدينة سيكون سريعاً، وفقاً لخطة محكمة أعدت مسبقاً، إلا أن خبيراً عسكرياً أميركياً توقع عمراً أطول للمعركة. وقال المسؤول الميداني لقوات البشمركة في محور سنجار، قاسم شه شو، لـ"العربي الجديد"، إن القوات "تزحف باتجاه مركز سنجار، وسيتم الإعلان عن تحرير المدينة سريعاً". وأشار شه شو إلى أن "تقدم قوات البشمركة يتم ببطء وحذر في بعض المواقع وعلى الطرق، لتفادي العبوات الناسفة والألغام التي زرعها مسلّحو (داعش)، في الوقت الذي تقوم فيه وحدة من هندسة الألغام بالتقدم لإبطال مفعول العبوات تمهيداً لدخول القوات".

قال بيان للتحالف الدولي إن "قوات البشمركة الكردية بدأت تمشيط أجزاء من بلدة سنجار وأقامت مواقع على طول طريق امداد لتنظيم داعش بين مدينة الرقة السورية ومدينة الموصل العراقية". وتختلف معركة استعادة سنجار، وفقاً للمحللين العسكريين، عن معارك سابقة خاضتها قوات البشمركة، من حيث طبيعة وتضاريس منطقة القتال، إذ تقع بلدة سنجار، مركز القضاء، على أرض سهلية منبسطة، وتحاذيها منطقة جبلية. وتخوض القوات، وفي وقت واحد، معارك في الموقع الجبلي، إضافة إلى المنطقة السهلية، وتنتظرها بعد ذلك معارك في الشوارع وأحياء المدينة مع المسلحين.

وقطعت قوات البشمركة الطرق التي تخرج من سنجار باتجاه الأراضي السورية، فيما تتولى وحدات مدفعية وطيران التحالف الدولي قصف مخارج البلدة الأخرى، وأهمها الطريق المؤدي الى بلدة تلعفر التي تبعد نحو خمسين كيلومتراً إلى الشرق منها، وتعد من المعاقل المهمة لـ"داعش".

وسبق لمسؤولين أكراد، ومن التحالف الدولي، أن اعتبروا تحرير بلدة سنجار والمناطق التابعة لها مقدمة لتحرير مدينة الموصل، إذ سيؤدي سقوط سنجار إلى قطع التواصل بين عناصر تنظيم "داعش" في الموصل مع الأراضي السورية، خصوصاً الرقة. كما يزيد من الضغط عليهم، بعدما يحكم البشمركة، بعد تحرير سنجار، السيطرة على مناطق محيطة بالموصل في الشرق والشمال والغرب.

وفي سياق معركة سنجار، قال الجنرال الأميركي المتقاعد والخبير في شؤون الشرق الأوسط، مارك هارتلنغ، إن القوات الكردية التي تشارك في معركة سنجار ستواجه مصاعب ومقاومة شرسة من قبل المئات من عناصر (داعش). ولكنه شدد على أن المقاتلين الأكراد الذين يستندون إلى حكومة قوية ويرغبون في تحرير أرضهم سيقدمون أداء عسكرياً جيداً، ويمهدون الطريق لعمليات أوسع.

وتوقع هارتلنغ في تصريحات لوسائل إعلام كردية، أن تقوم القوات الدولية المساندة للأكراد باستخدام طائرات من النوع القادر على تنفيذ ضربات دقيقة والتحليق على ارتفاع منخفض في الوقت نفسه، وذلك بسبب الطبيعة الجغرافية للمنطقة، ولكنه حذّر من أن المعركة ستكون طويلة.

ونبّه هارتلنغ إلى ضرورة عدم التسرع في توقع الانتصار، وخصوصاً أن القوات العراقية النظامية سبق لها أن أعلنت أكثر من مرة السيطرة على مناطق في الرمادي وبيجي، قبل أن تعود لتنسحب منها. ورأى أن "الانتصار لن يكون سريعاً أبداً، وسيكون انتصاراً معنوياً. ولكنه سيمهد لانتصارات استراتيجية أكبر".

وكان طيران التحالف الدولي قد نفذ 29 غارة على مواقع وتجمعات مسلحي تنظيم "داعش" في سنجار منذ وقت متأخر من ليلة الأربعاء وفجر الخميس، تمكّنت من إيقاع خسائر بالمسلّحين، وتدمير معظم مواقعه هناك، وفقاً لبيان لوزارة البشمركة.

وكانت خطة مهاجمة سنجار قد تم وضعها قبل فترة، إلا أن خلافات ميدانية بين البشمركة ومجموعة من مسلحي حزب "العمال الكردستاني" قد أجلت الهجوم. وقالت وزارة البشمركة إن مسلحي "الكردستاني"،  وقوة من وحدات "حماية الشعب" السورية الموالية للفصيل الأول، تتواجد في مناطق قريبة من سنجار وتريد استغلال هجوم البشمركة على سنجار والسيطرة عليها لتنسب لنفسها مكسبَ تحرير البلدة.

وردت قيادة البشمركة ونفت تلك الأنباء، مشيرةً في بيان إلى أنه "لا وجود لأي دور لحزب (العمال الكردستاني) في سنجار، وإنهم يريدون فقط أن يخلقوا الانشقاقات بين الإخوة الأيزيدين، سكان سنجار، فيما يخص مستقبل مناطقهم، حيث ينتظر(الكردستاني) تقدم قوات البشمركة للهجوم على (داعش)، كي يأتوا هم ويقوموا بسرقة انتصارات قوات البشمركة ويعلنوا أنهم من قام بتحرير سنجار".

وكانت سنجار قد سقطت بيد "داعش" في الثالث من أغسطس/ آب 2014، وارتكب المسلحون عمليات قتل جماعية طاولت نحو خمسة آلاف من سكانها، ومعظمهم من الأكراد الأيزيديين. كما اعتقل المسلحّون الآلاف من النساء والفتيات واتخذوهن سبايا، وتسببت سيطرة (داعش) على سنجار بنزوح سكان القضاء البالغ عددهم نحو 400 ألف إلى إقليم كردستان وسورية.

اقرأ أيضاً: مقتل العشرات من داعش بالموصل وواشنطن تعد بتحرير سنجار