معارك الانتخابات العراقية تحتدم: ملفات فساد وتسقيط سياسي

19 مارس 2018
تشتد حدة التنافس مع قرب الانتخابات (عصام السوداني/فرانس برس)
+ الخط -
مع بدء العد العكسي للانتخابات البرلمانية في العراق التي ستجرى في الثاني عشر من مايو/أيار المقبل، تتصاعد حمى التنافس الانتخابي الذي بدأ مبكرا قبل أكثر من شهرين على موعد الانتخابات من خلال إصدار مذكرات قبض، وفتح ملفات فساد.

مصدر في البرلمان العراقي أكد أن نوابا يستعدون لإثارة ملفات فساد بحق بعض المسؤولين بالتزامن مع انطلاق موعد الحملة الدعائية التي ستبدأ في العاشر من إبريل/ نيسان المقبل، مبينا في حديث لـ"العربي الجديد" أن هذه الملفات التي ستحمل اتهامات مباشرة لوزراء ومسؤولين قد لا تجد طريقها للمناقشة أو الاستجواب داخل البرلمان.

وأضاف "لكن هذه الملفات تندرج ضمن حملات التسقيط السياسي التي يشهدها العراق قبل كل انتخابات"، مبيناً أن البرلمان لا يمتلك الوقت الكافي لاستجواب أي وزير أو مسؤول يرد اسمه في ملفات فساد، لكن إثارة الملفات في هذا الوقت الحرج قد تثير زوبعة إعلامية قد تؤذي بعض المسؤولين.

وعلى الرغم من اقتراب عمر البرلمان من نهايته، إلا أن عضو البرلمان العراقي، عالية نصيف، ما تزال تصر على ضرورة محاسبة مسؤولين في وزارة التجارة العراقية.

إذ اتهمت نصيف مدير شركة تجارة المواد الغذائية، قاسم حمود، باستيراد إطارات صينية تالفة بقيمة 480 مليون دينار عراقي (ما يعادل 390 ألف دولار أميركي)، حين كان يشغل منصب معاون مدير التسويق والشراء بوزارة التجارة، مبينة أن هذه القضية أحيلت إلى هيئة النزاهة منذ عدة سنوات، لكننا لم نعرف مصيرها إلى غاية الآن.

وشددت البرلمانية العراقية على ضرورة إعادة التحقيق بهذه القضية، لا سيما وأن الشخص المتهم ما يزال يشغل منصبا مهما في وزارة التجارة، مطالبة في بيان بإعلان نتائج التحقيق للشعب العراقي ليعلم أين تذهب ثرواته، وكيف تهدر أمواله، على حد قولها.

يشار إلى أن وزارة التجارة التي يديرها بالوكالة، وزير التخطيط سلمان الجميلي تتعرض لسلسلة من الاتهامات بالفساد من قبل النائبة وصلت إلى حد المطالبة باستجواب الوزير، ما دفع الجميلي الذي نجا من الاستجواب العام الماضي إلى القول إن دوافع الاستجواب والتهم التي رافقته سياسية.

ويعود الخلاف بين نصيف والجميلي إلى العام 2013، حين كانا نائبين في مجلس النواب السابق، ودخلا في خلاف حينها تحت قبة البرلمان.

ويعتقد عضو تحالف القوى السابق محمد عبد الله أن إثارة ملفات الفساد أو ما شابه ذلك في هذه الأيام يحمل صبغة انتخابية واضحة، متسائلا عن سبب الصمت عن ملفات الفساد طيلة المرحلة الماضية من عمر الحكومة والبرلمان.

ولفت إلى أن الأيام المقبلة ستكون أشد ضراوة فيما يتعلق بمسألة التسقيط السياسي الذي قد يأخذ منحنيات خطيرة، وقد يتسبب بحرمان مرشحين من خوض الانتخابات، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن فتح ملفات الفساد وإصدار مذكرات القبض بحق مسؤولين سابقين أمور تشير إلى أن كل ما كان يرفع من شعارات بهذا الشأن لم يكن حقيقيا.



في هذه الأثناء، أصدرت محكمة تحقيق نينوى المختصة بقضايا النزاهة مذكرة باعتقال محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي بتهم فساد، ولم توضح في قرارها تفاصيل التهم الموجهة للنجيفي.
إلا أن مصدرا قضائيا مطلعا في نينوى أكد لـ "العربي الجديد" أن النجيفي متهم بالتوقيع على قروض بمبالغ مالية كبيرة إبان سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي على الموصل عام 2014، مبينا أن هذه التهم وجهت مع الأدلة وتبقى الكلمة الفصل بشأن صحة الأدلة من عدمها للتحقيقات.

وكان النجيفي قد تعرض مطلع العام الحالي إلى قرار قضائي بالحكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات، والمنع من السفر، وحجز الأموال غير المنقولة على خلفية تهم بالفساد.
ويعزو النجيفي الاتهامات الموجهة له إلى أسباب سياسية متعلقة بالمناصب، مؤكدا انه لن يخضع لمن يريد أن يساومه.

وأضاف "بشروني بصدور أمر إلقاء قبض جديد بحقي وأنا لا أعرف أية قضية، وأبشرهم بأن الوقت ليس مهما عندي ولا أنا معني بمناصبكم ولا تمتلكون ما تساومونني به"، وتابع في بيان مقتضب نشره على صفحته الشخصية على "فيسبوك" "فلينتظر قرب إخوانه من أوامر القبض السابقة حتى تتم معالجتها قانونيا على مهل".

وأشار النجيفي في حديث منفصل إلى وجود 13 تحديا رئيسيا تواجه الدولة العراقية من بينها غياب العدالة، والطائفية، والفساد، مبينا خلال كلمة في مؤتمر بإسطنبول أن أخطر هذه التحديات هو الغلو والتطرف.

ولفت إلى غياب الطبقة السياسية الواعية التي تدرك أن العراقيين جميعا يسيرون في مركب واحد.



ويرى المحلل السياسي العراقي علي البدري أن أساليب التنافس الانتخابي ستتخذ أشكالا عدة خلال المرحلة المقبلة، متوقعا في تصريح لـ"العربي الجديد" حدوث مفاجئات غير متوقعة.

وتابع "الأمر ليس جديدا، فقبل كل انتخابات تنطلق حملات لتسقيط الخصوم، وتتضمن هذه الحملات صورا مختلفة من الادعاءات الحقيقية وغير الحقيقية"، موضحا أن "ضعف الوعي الديمقراطي هو الذي تسبب بتفشي هذه الظاهرة، والتي تعد سببا رئيسيا في وصول طبقة غير مؤهلة لقيادة الدولة العراقية كما حدث في الحكومات السابقة".

المساهمون