ويستمر المرشحون وتحالفاتهم بتكثيف حملاتهم الدعائية في الشوارع والأزقة والطرق، وهناك استغلال لأسطح المحال التجارية والبنايات العالية والحدائق، ويجري كل ذلك بالتزامن مع الغزو الإلكتروني الذي نفّذته غالبية الأحزاب السياسية على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن انتشار فرق من الشباب للترويج الميداني لبعض المرشحين أصحاب الأموال الوفيرة، لا سيما من الشخصيات البارزة ضمن الأحزاب المهيمنة على السلطة في البلاد.
على أثر ذلك كله، ظهرت ردّة فعل في الشارع العراقي، فقد ثارت جماعات دفعها غضبها من الانتخابات إلى تمزيق المئات من صور المرشحين في أحياء متفرقة من بغداد، حيث مزق أفرادها الكثير من صور المرشحين واقتلعوا منصات الشعارات للتحالفات من أماكنها، ومنها شعارات لتحالف "الفتح" الذي يتزعمه هادي العامري، وتحالف "النصر" الذي يقوده رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي، وغيرها من التحالفات.
واتخذت الأجهزة الأمنية إجراءات للحد من هذه الظاهرة، وقال ضابط في وزارة الداخلية العراقية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "كاميرات المراقبة في شوارع منطقتي الكرادة وشارع السعدون، وسط بغداد، رصدت مافيا مكونة من شبان يعلمون ليلاً على إزالة وتخريب صور المرشحين للانتخابات، ويستخدمون سكاكين وأدوات حديدية"، مبينا أنّ "هؤلاء يتنقلون من حي لآخر بسيارة أجرة".
وأوضح أنّ "أجهزة الداخلية باشرت بتكثيف تواجد عناصرها الأمنية في هذه المناطق، لمنع تكرار هذه الحالات وإلقاء القبض عليهم، لأنّ ما يقومون به هو خارج عن إطار القانون"، مبينا أنّ "بعض الضباط يتعاطفون مع هذه الحركات، فالغضب الشعبي نحو الانتخابات لا يمكن إسكاته، وحتى لو تم اعتقال هؤلاء الشبان، فحتماً سيظهر آخرون".
وحمّل الضابط المرشحين جزءا من المسؤولية عن ذلك، إذ إنهم "بالغوا كثيراً بأعداد صورهم مما استفز مشاعر البسطاء من الناس، لا سيما الفقراء منهم والمحرومين".
ويشكو المرشحون من تلك الحملات التي طاولت صورهم، مؤكدين أنّ من ينفذها هم "عصابات ناقمة، ومجموعة من الفاشلين".
وقال المرشح عن تيار "الحكمة"، محمد الربيعي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المجهولين الذين يقومون بتخريب صور المرشحين ليسوا مأجورين من جهة سياسية معينة، إذ إنهم يخربون كل صور المرشحين ومن الجهات كافة، فلا يستهدفون بعملهم حزبا أو تحالفا معينا، إنما هم عصابات ناقمة تريد إفشال العملية الانتخابية"، مؤكدا "لقد أنفقت أموالاً كثيرة على حملتي الانتخابية، وقد وصلت يوم أمس الدفعة الرابعة من صوري، لأنّ الدفعات الثلاث الماضية تعرضت للاستهداف والتمزيق".
ودعا مفوضية الانتخابات إلى "تطبيق القانون بحق هذه العصابات، ومحاسبتهم بحسب العقوبات المحددة".
بدوره، رأى المواطن مصطفى عماد (30 عاماً)، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أنّ "الحركات التي تصدر من جماعات مجهولة، هي عمليات تخريبية، لأنّ الانتخابات ظاهرة حضارية، فمن كان معترضاً على ترشّح بعض الأسماء، فيمكنه عدم انتخابهم، وليس تخريب حملاتهم الانتخابية".
وأوضح أنّ "القلة القليلة يجابهون العملية الانتخابية في العراق بهذه الطريقة السلبية والعنف"، مشيرا إلى أنّ "المشكلة تكمن بأنّ السياسيين العراقيين ومنذ 15 عاماً لم يقدموا شيئاً جيداً للعراق، ومن الصعب الدفاع عنهم وعن برامجهم الانتخابية، فمع رفضنا للأعمال التخريبية، لكنّ السياسيين الفاسدين يستحقونها، كونهم أدخلوا البلاد في نفق الفساد والديون والحروب والدمار".
ويتوجه الناخبون العراقيون، وعددهم 24 مليون شخص، في 18 محافظة عراقية، بما فيها إقليم كردستان العراق، إلى الانتخابات في 12 مايو/أيار الحالي، لاختيار ممثلين في البرلمان الذي سيختار حكومة جديدة للبلاد لأربع سنوات مقبلة.
ويتنافس في هذه الدورة الانتخابية أكثر من سبعة آلاف مرشح، للفوز بـ329 مقعداً في البرلمان، 71 منها مخصّصة للعاصمة بغداد، ونحو 250 حزبا وكيانا سياسيا، و70 ائتلافاً انتخابياً كبيراً، بينهم 2014 مرشحة تسعى لاستيفاء كوتا النساء، نسبتها 25 بالمائة من مقاعد البرلمان.