المكان قبل العنف وبعده

المكان قبل العنف وبعده

24 يناير 2018
(مجموعة "سلسلة" للفنانة العراقية سما الشيبي)
+ الخط -

تظاهرة دولية للتصوير الفوتوغرافي تعرفها إسطنبول هذه الأيام، وتتواصل حتى 11 شباط/ فبراير المقبل، يجتمع فيها فوتوغرافيون من مختلف بلدان العالم، يشاركون بأعمال تحت ثيمة "أوكسجين"، حيث الخط العريض للمشاركات هو الانهيار البيئي والتحوّلات الإيكولوجية وقضاياها من ناحية النفايات الصناعية، والعجز الإنساني في مواجهة الحرب، والتدمير الذي يحدث نتيجة الهجرة والعمران العشوائي.

يتضمّن "مهرجان زيتينبورنو الدولي للصورة" (يحمل اسم الحيّ العمالي في إسطنبول الذي يقام فيه) الذي تنظمه "مؤسسة التصوير التركية"، خمسين معرضاً إلى جانب عروض "سلايد شو"، وأفلام وثائقية وطاولات مستديرة وورش عمل ومحاضرات يلقيها بعض المشاركين. من البلاد العربية يحضر كلٌّ من الفنان السوري تمّام عزّام، والفنانتين الفلسطينية رولا حلواني والعراقية سما الشيبي.

تقول الشيبي (1973) في حديث لـ"العربي الجديد"، إنها تشارك من خلال مجموعة صور تضمّنها مشروعها الذي استمر سبعة أعوام تحت عنوان "سلسلة"، والذي وفقاً للفنانة "يعيد تتبّع التاريخ من خلال اليوميات والوثائقيات والواقعية، بين العامين 2009 و2016".

تضيف "استكشفت ووثّقت عدة بلدان إسلامية في المنطقة العربية وشمال أفريقيا وجزر المالديف وجنوب شرق آسيا. واستلهمت المشروع من تجربة الرحّالة المغربي ابن بطوطة في القرن الرابع عشر، والذي سافر مسافة 75 ألف ميل، وكتب ملاحظات على مدار أكثر من ثلاثين عاماً في الترحال، وقد وضعت يومياته منهجاً في تسجيل الملاحظات ووجهات النظر والدروس التي وضعت لاحقاً في كتاب يعتبر مؤسّساً في أدب الرحلات".

من خلال العمل في سياق ما بعد كولونيالي، يقترب مشروع "سلسلة" من التحديات البيئية والإيكولوجية التي يواجهها العالم، حيث تشتغل الفنانة على المنطقة العربية التي لطالما كانت مغوية جمالياً وتاريخياً واقتصادياً وجغرافياً للعالم، لكنها في رحلتها الفوتوغرافية والأدائية تلفت الانتباه إلى مناطق أصبحت تعيش التصحّر وشحّ المياه، حين تزور أماكن "الرحلة" بعد ابن بطوطة بسبعة قرون.

أما مشاركة الفنان تمّام عزام (1980)، فتأتي من خلال مجموعة من أعماله الرقميّة التي تعيد تركيب الحالة السورية، من خلال الجمع بين الفوتوغرافيا الرقمية وفن الشارع والغرافيتي والأعمال الفنية العالمية. وهي أعمال تنسجم مع ثيمة المعرض من عدة جوانب، حيث يلتقط الفنان أثر الحرب واللجوء والتدمير على المكان السوري، والمدن العريقة التي سوّيت بالأرض.

أما فنانة الفوتوغرافيا رولا حلواني (1964)، فتشارك بسلسلة صور تحت عنوان "القدس"، تلتقط فيها روح المدينة في الليل، والحياة الليلية في الشوارع والأحياء المقدسية اليوم، ثم تضيف إليها حلواني صوراً بالأبيض والأسود للحياة في القدس بين عامي 1936 و1948.

يشترك عزام والشييبي وحلواني في طبيعة علاقتهم بالمكان، من حيث أنها قائمة على البعد والإقصاء عن الوطن الأم، ويعيد ثلاثتهم تصوّر مدن ومساحات مختلفة من عدة زوايا، كما لو أنهم يتتبعون عبور المكان في الزمن، وتفقّده قبل وبعد أن جرى تدميره وطمس ملامحه القديمة من خلال ممارسات مختلفة كالعنف والاحتلال والحرب والاستهلاك الجائر لمصادر الطبيعة.

يذكر أن "مهرجان زيتينبورنو الدولي للصورة" يضم معارض لكل من الفرنسي يان آرتوس برتران (1946)، صاحب سلسلة "هيومان" الوثائقية، والكوبي أبيلاردو موريل (1948) الذي يعيد روح التصوير في القرن التاسع عشر في معظم أعماله، والسويسري مارتين شولر (1968) وهو أحد أبرز مصوّري البورتريه، إضافة إلى معرض للمعماري الصيني ليو يويانغ، وجدير بالذكر أن التظاهرة ستنتقل لتقام في الصين في وقت آخر من هذه السنة.

دلالات

المساهمون