جدل العلاج الجيني للسرطان.. مستمر

جدل العلاج الجيني للسرطان.. مستمر

03 يونيو 2015
رغم نجاحات العلاج الجيني للسرطان مازالت هناك إخفاقات (Getty)
+ الخط -
تمر الرؤية الطبية للسرطان بمرحلة انتقالية، مع تركيز الأطباء على علاج الجينات المعيبة التي تسببت في المرض، لا علاج العضو الذي أمسك المرض القاتل بتلابيبه.

ويأمل خبراء علم الأورام في أن يمكّنهم فهم الأساس الجيني للسرطان، لا التركيز على العضو الذي نشأ فيه المرض، سواء أكان الثدي أم الكلى، من توفير علاجات أفضل وأكثر فاعلية تناسب ظروف كل حالة.

لكن خبراء بارزين في المرض يقولون إن الأطباء في اختبارهم لهذه النظرية عن كثب، يواجهون نجاحات في أحيان وإخفاقات في أخرى، مما يشير إلى أن التوصل إلى العلاج الأمثل للسرطان قد يكون معقداً أكثر مما يأمل بعضهم.

ويقول كبير خبراء علم الأورام في الإدارة الأميركية للأغذية والأدوية، الدكتور ريتشارد بازدور، إنه حتى وقتنا هذا لا يوجد فهم كامل للتحور الجيني الذي يؤدي إلى نمو السرطان.

وقال بازدور في مقابلة خلال اجتماع للجمعية الأميركية لطب الورم الإكلينيكي في شيكاغو "ما يريده الناس والواقع العلمي شيئان مختلفان تماماً".

ويقول إنه في الوقت الراهن هناك "فقط حفنة من العلاجات"، تستهدف جينات بعينها مسببة للسرطان. وبدأ بعض أطباء الأورام يستخدمون هذه العقاقير لعلاج السرطان لدى أناس لديهم تحورات جينية مشابهة، رغم أن هذه العقاقير لم تحصل على موافقة الجهات المعنية لعلاج هذا النوع من السرطان الذي يعاني منه المريض.

وحين يفلح العقار تكون النتائج مذهلة. وكأن السرطان قد تبخر والتقدم الذي أحرز في فرص البقاء على قيد الحياة يحسب بالأشهر والسنوات لا بالأسابيع.

وهذا التحول دفع عدداً كبيراً من الأطباء في التساؤل عما إذا كان الأسلوب المتبع في الموافقة على العقاقير استناداً إلى نوع الورم الذي تستهدفه بحاجة إلى تغيير.

اقرأ أيضاً: آمال للقضاء على السرطان بعلاجات واعدة

النجاح ليس دائماً
لكن في المقابل حدثت إحباطات.. فالأدوية التي تنتجها شركتا روش وغلاكسو سميثكلاين التي تستهدف أوراماً تشهد تحورات تعرف باسم (براف)، يمكن أن يكون لها تأثير فعال وإن كان غير دائم في علاج سرطان الجلد أو الورم القتاميني.

لكن هذه الأدوية لم تفلح مع مرضى سرطان القولون الذي وراءه نفس التحور (براف)، وذلك وفقاً لدراسة نشرت عام 2012 وبدأت تبث الشك بين الخبراء.

وتقول الدكتورة باربرا كونلي من المعهد الوطني للسرطان "الإغراء في الممارسة هو أن تجد التسلسل الجيني للورم وإذا ظهر شيء له دواء حاصل على الموافقة يقبل طبيبك على تجربته بغض النظر عن نوع الورم. لكن الأمر قد لا يكون بهذه البساطة".

وطبقاً لبيانات جديدة قدمت في الجمعية الأميركية لطب الورم الإكلينيكي، اتضح أن سرطان القولون الذي به تحوّر (براف) وراءه تحور آخر اسمه (إجفر).

وفي مثل هذه الأورام قد يضطر الطبيب إلى استخدام تركيبة بها عناصر عدة حتى تضرب الهدفين معاً.

ويقول خبير الجينات السرطانية بجامعة جون هوبكينز في بالتيمور، الدكتور بيرت فوغلستاين، إنه لا توجد أدلة كافية على أن اختيار الدواء وفقاً للتحور الجيني لدى المريض يحسن من الرعاية التي يلقاها.

ويضيف "هذا بالقطع افتراض لم يتم إثباته بعد ويجب أن نختبره".

اقرأ أيضاً: اختراق كبير في مكافحة السرطان: 5 سنوات لـ"علاج المناعة"



القفز إلى الملمح الجيني

وقالت وكالة رويترز إن خبراء الأورام الذين أجرت معهم حوارات، أوضحوا أن رسم خريطة للتحور الجيني للأورام أصبح عملية روتينية، خاصة مع مرضى المراحل المتقدمة الذين لم ينفع معهم الأسلوب التقليدي.

وتقول (فاونديشن مديسن) التي تجري هذه الاختبارات، إن الإقبال زاد عليها بنسبة 67 في المائة في الربع الأول من العام، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

ويقدر كبير المسؤولين الطبيين في الجمعية الأميركية لطب الورم الإكلينيكي والأستاذ بجامعة شيكاغو، الدكتور ريتشارد شيلسكي، إنه في 70 في المائة من هذه الاختبارات يجد الأطباء تحوراً جينياً يمكن أن يختاروا له عقاراً ما.

لكن شركات التأمين الصحي لا تبادر بتغطية علاج من دون حصوله على موافقة الجهات المختصة لاستخدامه في هذه الحالة تحديداً، إلا إذا كانت هناك أدلة على نجاحه.

اقرأ أيضاً مصر: قريباً.. علاج السرطان بجزيئات الذهب

وقالت جنيفر مالين المديرة الطبية لأدوية السرطان بشركة تأمين صحي "إنهم يجربون. ومن قال إن هذه العلاجات ليس لها آثار جانبية؟ لها آثار جانبية".

وستخضع المسألة لدراسة موسعة خلال تجربة إكلينيكية كبيرة للسرطان، تحت إشراف المعهد الوطني للسرطان. والقصد هو اختيار العلاج المناسب للخلل الجيني وراء إصابة شخص ما بالسرطان من بين واحد أو أكثر من العلاجات التجريبية التي تمت الموافقة عليها لاستهداف هذا الجين.

ويقول فوغلستاين إن الأمر يتطلب تجارب إكلينيكية واسعة لإثبات النظرية الافتراضية التي تقول إن اختيار علاج المريض استناداً إلى ما يحدث من تحور جيني في الورم الذي أصابه ينجح. ويضيف "مثل كل الشيء.. الشيطان يكمن في التفاصيل".

اقرأ أيضاً: باحثون يطورون لقاحات "شخصية" لمرضى السرطان

المساهمون