المخدّرات تغزو كردستان العراق

18 نوفمبر 2014
+ الخط -
إقليم كردستان العراق، ليس بمنأى عن زيادة نسبة انتشار تعاطي المخدرات بين شبابه، بعدما باتت هذه المواد تدخل إليه بكثرة. فإقبال الشباب عليها دفع بالتجار إلى تلبية احتياجاتهم.
يقول نريمان كريم (29 عاماً): "عندما كنت أعمل في إيران، جرّبت المخدرات بتشجيع من الأصدقاء. لكنني توقفت بمجرّد عودتي إلى الإقليم". يضيف: "تنتشر المخدرات في كردستان. يسهل الحصول عليها عن طريق الأصدقاء، كذلك فإنها تُباع في بعض المقاهي والفنادق الرخيصة".
يتابع: "عادة ما يعمد التاجر إلى إعطائك الحشيشة كهديّة. وحين تدمن عليها، يبيعها بسعر رخيص (نحو ثلاثة دولارات أميركيّة)، ثم يبدأ بزيادة سعرها تدريجياً".
ويلجأ بعض الشباب إلى الأدوية المسكّنة أو المهدّئة كبديل عن المخدرات، علماً أن الحصول عليها ليس بالأمر السهل في معظم الأحيان. يقول مازن محمد (25 عاماً)، الذي يعمل نادلاً في أحد المطاعم: "بعدما خضعت لعمليّة جراحيّة، وصف لي الطبيب دواءً مسكّناً كان يشعرني بالراحة والسعادة أيضاً. ولم أتوقف عن تناوله حتى بعد شفائي تماماً، على الرغم من صعوبة حصولي عليه، لأن الصيدليات لا تبيعه للزبون أو المريض من دون وصفة طبيّة. إلا أنني تمكنت من الحصول على وصفات طبيّة من رجل مسنّ، يصف له طبيبه هذا الدواء باستمرار".
ويعزو محمد أسباب "لجوء الشباب إلى هذه المسكنات، إلى صعوبة الحصول على المخدرات أو خوف البعض من إدمانها، وخصوصاً أن القانون يعاقب مدمنيها"، ويطالب الحكومة بـ"تخصيص مراكز صحيّة لعلاجه وتخليصه من هذه الحالة التي يعاني منها عدد كبير من شباب الإقليم".
في السياق، يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة السليمانيّة والمتخصّص في المواد المخدّرة، لقمان سويلي، إن "ثمّة أسباباً عدّة لانتشار المخدرات، من بينها الأفلام والمسلسلات، بالإضافة إلى المقاهي التي يتجمّع فيها الشباب فيشجّعون بعضهم بعضاً على تعاطيها". يتابع: "اليوم، تدخل المواد المخدّرة بكثرة إلى البلد"، موضحاً أنه "كان يتم توقيف التاجر وفي حوزته بعض المواد المخدّرة. أما اليوم، فتضبط القوات الأمنيّة كميات كبيرة".

من جهته، يوضح مدير وحدة مكافحة المواد المخدّرة في مديريّة أمن السليمانيّة، حلال أمين بك، أنه "لا يمكن الجزم بأن تعاطي المخدرات تحوّل إلى ظاهرة في إقليم كردستان، وخصوصاً أن مديريات المكافحة تساهم في الحدّ من دخول هذه المواد إلى مدن الإقليم". يضيف: "بحسب إحصائيّة لمديريّة مكافحة المخدرات في السليمانيّة في عام 2013، تمّ اعتقال 195 تاجراً ومدمناً". ويشير إلى أنه صدرت بحق أربعين منهم أحكام قضائيّة، بينما تم الإفراج عن 40 آخرين لعدم كفاية الأدلة. وما زال البقيّة قيد التحقيق"، ويلفت إلى أنه "تم ضبط أنواع مختلفة من المواد المخدّرة، لا تعلم المديريّة مصدرها"، مضيفاً في الوقت نفسه أنها "تدخل الإقليم من محافظات الوسط والجنوب ومن الخارج أيضاً".
على صعيد آخر، يحمّل الباحث الاجتماعي، إسماعيل أحمد، المؤسسات الحكوميّة ومنظمات المجتمع المدني مسؤوليّة إقبال الشباب على تعاطي المخدرات، في ظل غياب حملات التثقيف والتوعية حول مخاطر الإدمان وكيفيّة مكافحته. ويطالب بالتعامل "بإنسانيّة مع المدمنين. فهم مرضى يحتاجون للعلاج بدلاً من عقوبة السجن". ويلفت إلى أن "عدم وجود مراكز لعلاج الإدمان في محافظات الإقليم في ظل تنامي الإدمان بين الشباب، يهدّد المدمن بالموت بسبب توقفه المفاجئ عن تعاطي المخدرات"، داعياً الى "توفير مراكز لعلاج الإدمان في إقليم كردستان لتشجيع المدمنين على الإقلاع عن المخدرات، بخاصة في المراحل الأولى".
في السياق، يقول الناشط رزكار أحمد، إن "إدمان المخدرات ارتفع خلال السنوات القليلة الماضية"، لافتاً إلى أنه "على الحكومة التعامل بجديّة مع الأمر والحدّ منه من خلال التوعية عبر وسائل الإعلام، وتجهيز مصحات خاصة لمعالجة المدمنين، تكون تابعة لها وليس للقطاع الخاص". يضيف أن "قلّة هذه المراكز تعود إلى عدم اقتناع الحكومة بزيادة أعداد المدمنين في الإقليم. حتى أن بعض الشباب باتوا يلجأون إلى تناول الأدوية المهدئة والمسكنة المتوفّرة في الصيدليات".
يتابع أحمد: "يجب على الحكومة والجهات المعنيّة الحدّ من انتشار المخدرات في الإقليم ومنع وصوله إلى الشباب".