عكا إلى اليونسكو

10 مايو 2015
الاحتلال الإسرائيلي حاول تصفية معالم تاريخية في عكا(جاك غويز/أ.ف.ب)
+ الخط -

لم تنته محاولات التطهير العرقي في فلسطين التاريخية، وتطال هذه المحاولات بشكل خاص، عكا القديمة وخان العمدان. ولجأت الحكومة الإسرائيلية في هذا السياق إلى خطة مزدوجة، تتضمن إكمال عملية التطهير من جهة، وتسويق البلدة القديمة في عكا "خالية من الفلسطينيين قدر الإمكان"، كمدينة للتراث العالمي منذ العام 2001.
وانتقلت معركة عكا إلى الهيئات الدولية. إذ وجه النائب باسل غطاس رسالة مفصلة إلى إدارة اليونسكو العالمية مشتكيا من إهمال السلطات للبلدة القديمة ومرافقها. وجاء في نص الرسالة: "عكا هي مدينة خاصة جداً على ضفاف المتوسط، ويجب حماية قيمها التاريخية والحضارية وفق مبادئ الإعلان عن مواقع التراث العالمي لليونسكو. المدينة اليوم ما زالت مفعمة بالحياة، باسواقها، مساجدها، كنائسها والميناء القديم، وذلك بسبب التواجد السكاني العربي فيها. لذلك على اليونسكو الاهتمام بالمحافظة على النسيج الاجتماعي والثقافي للسكان، وليس العمارة المبنية فقط".
وتقضي الأعراف الدولية بضرورة إشراك السكان المحليين في خطط إدارة مواقع التراث العالمي. وكانت إسرائيل تعهدت بإشراك مواطني عكا القديمة، ومنع التطوير العمراني الذي قد يغير معالم المدينة التاريخية. لكن التعهدات الرسمية شيء والواقع شيء آخر.
ويقول الناشط العكاوي سامي هواري، مدير جمعية الياطر التي ترعى تاريخ عكا وتقاوم محاولات طمس تاريخ المدينة، إن "البلدة القديمة في عكا تعاني من قضيتين أساسيتين: التهجير وخصخصة الآثار والصروح التاريخية بها. فغالبية السكان هم مستأجرون للبيوت وفق قانون حماية المستأجر وهم ليسوا أصحاب البيوت. وهناك عدة بيوت لا يسمح ببيعها للعرب لأنها جزء من مشروع تجاري سياحي، والسكان العكيون لا يستطيعون منافسة المستثمر اليهودي من تل أبيب من ناحية اقتصادية".
ويشير هواري إلى أن السلطة الإسرائيلية حاولت تصفية معالم ومواقع تاريخية في عكا، وبيعها ضمن عمليات إعادة التجديد والبناء، فخان العمدان وخان الشوني والحمام الصغير حاولت السلطات بيعها كصفقة واحدة، لكن المحكمة العليا ألغت الصفقة. ويؤكد أنه في حال خرج مشروع خان العمدان إلى حيز التنفيذ، سيتم هدم 36 بيتاً لعائلات عربية. ويضيف "نحن نرفض تطوير عكا من خلال تهجير السكان العرب، فنطالب بأن نكون شركاء في التخطيط والتنفيذ وبقطف الثمار".
وقال النائب باسل غطاس لـ"العربي الجديد": "نحن نعتبر مشروع التصدي للسياسة الاستعمارية الإسرائيلية في تهجير عرب عكا، مشروعاً كبيراً ومتعدد المستويات، أفشلنا في الماضي مشروع محاولة بيع خان العمدان وخان الشونة والحمام الشعبي، والذي كان بمقتضاه سيتم تهجير 36 عائلة من بيوتها. منعنا المناقصة بوسائل نضالية وكفاحية. الآن نحن نتجه إلى مستوى دولي، نستغل أن عكا أعلنت من قبل اليونسكو كمدينة تراث عالمية، وإسرائيل تعهدت بالحفاظ على عكا وبحسب بنود هذا الإعلان يجب أن نحافظ على السكان، لكن السلطات الإسرائيلية قامت بعكس ذلك تماماً".
أما النائبة عايدة توما، وهي من سكان عكا، فقالت: "نتحدث هنا عن ممارسة شركة تطوير عكا، التي يسميها أهالي المدينة شركة "تطيير" عكا، وهي تولت المسؤولية عن إدارة معظم الأملاك في عكا القديمة، والتي هي أملاك اللاجئين الفلسطينيين وتحولت الى أملاك الوقف الإسلامي. الهدف والمخطط الأساسي والذي يسعون له هو تهجير أهالي عكا الأصليين، وتحويل هذه المباني من كل ما تحمله من موروث ثقافي وتاريخي الى أماكن سياحية، يستثمر بها رجال أعمال يهود من البلاد وخارج البلاد ويجنون الأرباح منها. أكثر ما يؤلم في هذه الخطط، ولو أننا نقلق على تاريخنا وجذورنا وعلى مستقبل هذه المدينة، هو معاناة السكان أنفسهم من منعهم من ترميم بيوتهم وتحميلهم ديوناً ضخمة جداً، في محاولة لكسر إرادتهم وإخراجهم من المنزل، والكثير من العائلات التي ألقيت بدون سقف خارج منازلها واليوم تعاني الأمرين في إيجاد مكان يأويها".
وفي المقابل قال رامز عيد، المحاضر في العلوم الإنسانية وهو من الطاقم المعد رسالة اليونسكو، "أهم الخروقات تتعلق في طريقة تسويق عكا اليوم على أنها موقع ذو إمكانيات اقتصادية بحته فقط، ويستغلون الإعلام العالمي من سنة 2001 على أن عكا منطقة موقع تراث عالمي، ويستغل ذلك في طريقة مناهضة ومخالفة في ما تعهدت به إسرائيل أمام الأمم المتحدة. بالمحافظة على عكا وسكانها وتاريخها".
المساهمون