إفطار على ضوء الشموع

05 يوليو 2015
بقي لهم البحر (صابر مظهر/الأناضول)
+ الخط -

"لم تفِ الحكومة بوعودها بعدم قطع التيار الكهربائي خلال أوقات الإفطار والسحور. لذلك، كانَ أمامنا خيار وحيد هو الخروج إلى الشارع". هذا ما يقوله أحد المشاركين في التظاهرات التي عمّت مدينة بشاور، عاصمة إقليم خيبربختونخوا، بسبب أزمة الكهرباء التي زادت منذ بداية شهر رمضان.
ووصلت الاحتجاجات إلى معظم المدن الرئيسية التي تُعاني أيضاً بسبب انقطاع الكهرباء لأكثر من 12 ساعة يومياً، في حين تصل ساعات التقنين في القرى والأرياف إلى 18 ساعة. وعلى الرغم من وعود الحكومة المتكررة بإيجاد حل لهذه المشكلة خلال رمضان، إلا أن الأمر يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. فلم يكن من المواطنين إلا الخروج إلى الشارع. وتحولت التظاهرات الغاضبة في عدد من المدن إلى صدامات دامية بين المتظاهرين ورجال الأمن، ما أدى إلى إصابة العشرات وحرق ونهب المحال التجارية، بالإضافة إلى إضرام النار في المكاتب التابعة لوزارة الكهرباء والمياه.

سلسلة الاحتجاجات هذه انطلقت من مدينة شارسده المجاورة لبيشاور. في السياق، يقول أحد سكان المدينة محمد رمضان لـ "العربي الجديد" إن "الظلام يعمّ جميع أرجاء المدينة خلال السحور، بعدما صار التيار الكهربائي ينقطع لساعات طويلة، ما يضطر الأهالي لتناول السحور والإفطار على ضوء الشموع والمصابيح".
وما زاد الطين بلة هو مقتل المئات بسبب موجة الحر الشديدة التي ضربت مناطق مختلفة في إقليم السند (جنوب البلاد). وتقول المنظمات الحقوقية إن انقطاع التيار الكهربائي ساهم في زيادة أعداد القتلى. وفيما تدعي الحكومة أن المواطنين قتلوا بسبب موجة الحر الشديدة، يحمّل الناشطون الحكومة المسؤولية. ويوضح الناشط محمد ناصر بتي إن "المواطن يُعاني بسبب انقطاع الكهرباء (الذي أدى إلى انقطاع المياه) لساعات طويلة ومتواصلة، سواء كان في المنزل أو العمل". ويلفت إلى أن "انقطاع الكهرباء هو السبب الرئيسي لمقتل أعداد كبيرة من المواطنين وليس الحر فقط".

في السياق، تقول رئيسة مستشفى جناح المركزي في مدينة كراتشي سيمى جمالي: "لا شك أن السبب الرئيسي لمقتل المئات هو موجة الحر الشديدة. لكن هناك عوامل رئيسية أخرى، منها انقطاع الكهرباء". تضيف: "كان الناس محرومين من الكهرباء والمياه، وبالتالي لقي المئات حتفهم"، موضحة أن المستشفى يستقبل يومياً أكثر من ألف مصاب نتيجة ضربات الشمس.
وبسبب تفاقم أزمة الكهرباء في شهر رمضان، وحّدت المعارضة الباكستانية صفوفها، وأعلنت حملة ضد الحكومة التي فشلت تماماً في مواجهة الأزمة. من جهته، أمر رئيس الوزراء وزير الدفاع خواجه أصف، الذي يشغل منصب وزير المياه والكهرباء، بإتخاذ خطوات فورية لحل الأزمة. لكن الأخير أوضح أن الأزمة تفاقمت بسبب زيادة الطلب على الكهرباء منذ بداية شهر رمضان. مع ذلك، وعد بالسعي إلى حل الأزمة مجدداً من خلال استخدام جميع الوسائل المتاحة. في المقابل، يتهم وزير الدولة للطاقة والمياه عابد شير علي بعض شركات الكهرباء بخلق الأزمة، مهدداً بمقاضاتها.

أكثر من ذلك، تقول الحكومة الباكستانية إن السبب الرئيسي لتفاقم الأزمة هو سلوك المواطن الاستهلاكي خلال رمضان، مطالبة إياه بتغيير هذا السلوك حتى تتمكّن من القضاء على الأزمة.
أزمة الكهرباء تزامنت مع أزمات أخرى، منها انقطاع الغاز أيضاً، ما أدى إلى تظاهر مئات المواطنين في شوارع مدينة ملتان في إقليم البنجاب. وتعاني ربات المنازل بسبب انقطاع الكهرباء والغاز، وخصوصاً عند إعداد الإفطار والسحور. وتقول نسرين أحمد من سكان مدينة راولبندي المجاورة للعاصمة إسلام آباد، إنها تعاني منذ سنوات خلال شهر رمضان، لكن المحنة أكبر هذا العام لأن ساعات التقنين أطول، ونواجه صعوبات في الطهو والحفاظ على الطعام من التلف".


مراكز إغاثية
مع تفاقم مشكلة الكهرباء، تزامناً مع أزمتي الغاز والمياه، دعت الأحزاب السياسية والدينية في باكستان الجيش إلى التدخل الفوري لحل الأزمة، بعد فشل الحكومة في ذلك، على حد وصفها. من جهته، قرر الجيش إقامة مراكز إغاثية في مختلف مناطق مدينة كراتشي، لتقديم الإسعافات والمساعدات الأولية للمتضررين جراء الحر، لكنه رفض التدخل في المهام المنوطة بالحكومة، ليبقى الحل مؤجلاً.

اقرأ أيضاً: ضربة شمس قاتلة