رحلة فتى أفغاني.. من حلم الملاكمة إلى انتحاري محتمل

18 ابريل 2016
منعته الشرطة في اللحظات الأخيرة من تفجير نفسه(Getty)
+ الخط -


أنهى مهيب الله عامه الخامس عشر، وهو يحلم بأن يصبح ملاكماً، لكن تحقيق هذا الحلم يبدو اليوم مؤجلاً، كون الفتى مسجوناً بعد محاولته القيام بعملية انتحارية، بناء على أوامر من حركة "طالبان" الأفغانية.

ويروي مهيب الله من زنزانته في قندهار، كبرى مدن الجنوب الأفغاني، كيف منعته الشرطة في اللحظة الأخيرة من تفجير نفسه أمام مقر حاكم منطقة في ضواحي قندهار في 2014.

ويقول الفتى، الذي هرب من منزل والديه، إنه تلقى أولاً دروساً عقائدية في مدرسة قرآنية تكرم "الشهداء" الذين تضاهي تضحياتهم بطاقة تخولهم دخول الجنة، مضيفاً أن مدربيه أكدوا له "أنك لن تتألم عندما ستفجر سترتك المفخخة، لأنك ستذهب مباشرة إلى الجنة".

ويروي مهيب الله الذي يرتدي سترة خضراء ويعتمر قبعة مطرزة، بتوتر مغامراته الفاشلة التي تكشف بعض الحقائق حول استخدام الأطفال في النزاع الافغاني. فعندما طلب منه مدربوه اختيار هدف عمليته الانتحارية من لائحة تضم خمسة أهداف، قرر أن يختار الهدف الأسهل، أي حاكم منطقة أرغنداب، مشيراً إلى أنه توجه بعدها إلى أرغنداب، متنقلاً من وسيط إلى آخر، ومحملاً بوعود استحقاق الحياة الخالدة بعد "الاستشهاد".


لكن اندفاع الانتحاري المتدرب سرعان ما تقهقر. فقد اعتقلته الشرطة قبل أن يصل إلى هدفه. وحكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات في سجن للقاصرين.

ويؤكد مهيب الله أن عملية تحضيره العقائدي تمت في واحدة من آلاف المدارس القرآنية التي افتتحت في باكستان بمعزل عن أي رقابة وإشراف حكوميين. وتقول السلطات الأفغانية إن هذه المدارس توفر لطالبان إمكانية تجنيد نخبة العناصر.

وتعيش عائلة مهيب الله في منزل ترابي متواضع في سبين بولداك على مقربة من الحدود الباكستانية. وتنهمر دموع والدة مهيب الله خلف حجابها وتؤكد براءة ابنها. وتقول المرأة الفقيرة التي لا تجد ما يسد رمق أبنائها الستة، "إنه يخاف من القطط، فكيف يمكن أن يصبح انتحاريا؟"، مضيفة "عندما رأيته في السجن، سألته لماذا هرب؟ بكى وضمني وقال لي: أعديني إلى المنزل".

وفي سبين بولداك، تسلل العديد من الفتيان عبر الحدود للالتحاق بمدرسة قرآنية باكستانية.

ويؤكد المتمردون أن الفتيان حليقي الذقن لا يستخدمون في العمليات العسكرية. لكن السلطات الأفغانية تتحدث بانتظام عن اعتقال فتيان تسعى حركة طالبان إلى استخدامهم كانتحاريين.

وتصف الشرطة والجيش وأجهزة الاستخبارات هؤلاء الفتيان الانتحاريين بأنهم "صواريخ بشرية" تتيح لهم قاماتهم الصغيرة التسلل عبر الحواجز الأمنية على مداخل المباني الرسمية. أما عقولهم الفتية، فيمكن التلاعب بها، وصولاً إلى إقناعهم بأن الموت أفضل من الحياة.

وكانت منظمة "هيومن رايتس واتش" أكدت في تقريرها الأخير أن "استخدام طالبان المتزايد للأطفال لا يؤدي إلا إلى زيادة أهوال النزاع الأفغاني الطويل". وأضافت "على الأطفال أن يذهبوا إلى المدرسة، ويعيشوا مع ذويهم. يجب ألا يضحى بهم لتأجيج التمرد".

المساهمون