خلاف تونسي لن يطول

خلاف تونسي لن يطول

13 أكتوبر 2015
احتجاجات عمالية في تونس (أرشيف/Getty)
+ الخط -


يترقب أكثر من 2.5 مليون عامل في القطاع الخاص التونسي انتهاء الخلاف بين اتحادي الشغل الذي يمثل العمال، واتحاد الأعراف الذي يمثّل أصحاب العمل والقطاع الخاص، والتوصل لاتفاق حول الزيادة في الأجور لسنتي 2015 و2016.

ورغم أن الاتفاق بات وشيكا، خاصة بعد الاجتماع الخماسي يوم 7 سبتمبر/أيلول 2015 الذي حضره الرؤساء الثلاثة ورئيسا اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف، فإنّ التعقيدات التي ظهرت في طريق الحوار، أنهته منذ الاجتماع الأول بين الطرفين، لتبقى آمال العمال في الزيادات معلقة في انتظار اتفاق.

ويبدو من خلال الكثير من المؤشرات أن هذا الخلاف لن يطول كثيرا وأن الاتفاق آت، رغم كل الضجيج والمزيج الواضح من حدة خطاب الأعراف وتصعيد لهجة العمال.

ومن أبرز مؤشرات الحل الآتي على مهل، نبرة الهدوء التي بدأت تعلو خطاب المنظمتين، حيث دعا حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل إلى المسؤولية، معتبرا أن إنجاح الحوار من أجل الزيادات ضرورة، وفي المقابل تدحرج خطاب رئيسة اتحاد الأعراف وداد بوشماوي من رفض المفاوضات إلى قبولها، ولكن دون ضغوط.

ويمثل الاتفاق الحاصل في ما يتعلق بقطاع نقل البضائع وإلغاء الإضراب، مؤشرا آخر على التوجه التدريجي نحو حل الإشكال بين العمال والأعراف، خاصة أن هذا الإضراب بالذات كان نقطة توتر كبيرة وأحد مؤشرات الأزمة.

على صعيد آخر فإن الزيادة في الأجور في القطاع الخاص لسنتي 2015 و2016 تكتسي طابعا خاصا هذه المرة.

فإذا كانت زيادة الأجور قد مثلت في السنوات الأربع السابقة، عدا 2013، التقاءً حرا بين إرادة الأعراف وإرادة العمال عبر التوافق على الزيادة، فإن هذه المفاوضات الاجتماعية تمثل ضرورة وطنية ملحة من أجل الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي تنشده الحكومة.

وقد يكون تدخل الرؤساء الثلاثة مباشرة في ملف المفاوضات الاجتماعية، عبر عقد لقاءين مع الأمين العام لاتحاد الشغل ورئيسة اتحاد الأعراف في يوليو 2015 وسبتمبر 2015، مؤشرا على إصرار الدولة التونسية على خلق مناخ من السلم الاجتماعي تعتبره الشرط الأساسي لأي عملية إصلاح اقتصادية واجتماعية.

تونس ستشهد في المرحلة المقبلة نقاشا وطنيا واسعا حول عدة قضايا اقتصادية واجتماعية جوهرية، أبرزها إصلاح التشريعات الشغلية ومجلة الاستثمار واختيار منوال التنمية الاقتصادي، فضلا عن ملف الإصلاح الجبائي، وهي كلها قضايا حساسة ترى الحكومة ضرورة نقاشها في هدوء ودون ضغط التحركات الاجتماعية.

وعلى هذا الأساس فإن حياد الحكومة ليس مرجحا في ما يتعلق بحل الخلاف بين الأعراف والطبقة الشغيلة.

وإذا كان الاقتصاد التونسي قد طبع بطابع ليبرالي منذ فترة طويلة تعود إلى أواخر الثمانينات من القرن الماضي، فإنّ الدولة التونسية مازالت إلى حدود هذه اللحظة ممسكة بأغلب أوراق اللعبة الاقتصادية رغم انسحابها من السوق.

فإذا كانت المؤسسات التونسية مجتمعة تدين بحوالي 9 مليارات دينار تونسي (6 مليارات دولار، وفق مصدر حكومي) لفائدة الدولة في شكل ضرائب متخلدة أو ديون تجاه الصناديق الاجتماعية أو خطايا غير خالصة، وإذا كانت الدولة تتنازل سنويا عن حقها في الضرائب لفائدة المؤسسات الناشئة أو تلك التي غيرت هيكليتها وتسميتها في شكل إعفاء ضريبي، فإن من الواضح والأكيد أن جزءاً مهمّاً من مفاتيح الاقتصاد التونسي مازال بيد الحكومة وهو ما يؤهلها للعب دور كبير في تقريب وجهات النظر بين الطرفين الاجتماعيين واستعمال ما لديها من نفوذ، خاصة على أصحاب المؤسسات، لحثهم على الزيادة علما أنهم الجهة الرافضة للزيادة.

وعلى هذا الأساس فإن التوصل إلى اتفاق تحت رعاية الحكومة في المدى القريب وارد بقوة، خصوصاً أن النصف الأصعب، وهو اتفاق الزيادة على الأجور في القطاع العام والوظيفة العمومية، قد أنجز.


اقرأ أيضاً: عمال القطاع الخاص في تونس يصعّدون بالإضراب

دلالات

المساهمون