السطو على الأراضي يهدر 90 مليار دولار في مصر

السطو على الأراضي يهدر 90 مليار دولار في مصر

09 سبتمبر 2015
تحويل الأراضي الزراعية إلى مبان يكبد مصر خسائر(فرانس برس)
+ الخط -
تكبّد الاقتصاد المصري خسائر فادحة، بسبب تفاقم الفساد في مختلف القطاعات المصرية. وجاء اعتقال وزير الزراعة المصري، صلاح هلال، ليفتح ملف إمبراطورية السطو على الأراضي المصرية بالمخالفة للقانون، والتي قدرها خبراء بنحو 90 مليار دولار.
وحسب مصادر مسؤولة، لـ"العربي الجديد"، ستقوم العديد من الجهات بفتح ملفات فساد متعلقة بالاستيلاء على الأراضي ورشى، والتي تزايدت خلال العامين الماضيين، وتشمل وزراء ورجال أعمال وسياسيين آخرين.
وأكدت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، أن قضية "رشوة وزارة الزراعة" متورط فيها 9 وزراء آخرين حاليين وسابقين.
وأضافت أن عدد المتورطين في هذه القضية حتى الآن بلغ 72 شخصية، منهم نواب سابقون ومرشحون حاليون لانتخابات مجلس النواب، ولواءات شرطة سابقون ودبلوماسيون وإعلاميون.
وأشارت المصادر إلى أن التحقيقات التي تتم حالياً في كل من جهاز الرقابة الإدارية وإدارة الأموال العامة، تشهد مواجهات بين المتهمين الذين تم القبض عليهم حتى الآن، لافتاً إلى توقعات بالقبض على متهمين جدد في الفترة المقبلة، وأن المستشارين المعنيين بالقضية هم أصحاب إصدار قرارات الضبط والإحضار للمسؤولين، بحسب رؤيتهم لمصلحة سير القضية. إلا أن النيابة اكتفت بالأسماء المعلنة حتى الآن.
وكانت النيابة المصرية قررت، أمس الأول، حبس كل من وزير الزراعة المقال صلاح هلال، ومدير مكتبه محيي الدين قدح، ورجل الأعمال أيمن الجميل، "الراشي"، ومحمد فودة مدير مكتب وزير الثقافة الأسبق وطليق الفنانة غادة عبدالرازق "الوسيط"، على ذمة التحقيقات.

تورّط جهات سيادية

وكشفت المصادر عن أن هناك جدلاً داخل مجلس الوزراء حول طريقة اختيار الوزراء، والتي تمر عبر جهات سيادية، ومنها الرئاسة، حيث حمّلوا هذه الجهات مسؤولية اختيار وزراء عليهم شبهات فساد.

وقالت المصادر، إن تحرك الدولة ضد الفساد جاء متأخراً، حيث تجاهلت تقارير رقابية سابقة لعدة أجهزة، ومنها الجهاز المركزي للمحاسبات، وتحديداً حول عمليات فساد في الاستيلاء على أراض مملوكة للدولة.
وكشف أحدث تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات (حكومي)، حول ظاهرة التعدي على أراضى الدولة الخاضعة لولاية الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، عن أن جملة مساحات الأراضي التي تم الاستيلاء عليها بلغت 3.5 ملايين فدان، منها 702 ألف فدان تم تقنينها بالمخالفة للقوانين.
وأكدت مصادر في هيئة التعمير والتنمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة، لـ"العربي الجديد"، أن تقريراً حول الشركات العمرانية المخالفة، قدّر إجمالي قيمة المبالغ المهدرة على الدولة من نشاط واحد، وهو تحويل المخالفات على الأراضي الزراعية التي تم تحويلها إلى مبان عمرانية بنحو 150 مليار جنيه (19 مليار دولار)، وكشف التقرير عن التعدي على أراض زراعية لصالح 650 شركة و350 رجل أعمال في 30 منطقة صحراوية.

المبالغ المهدرة

وحول المبالغ المهدرة من عمليات الفساد، قال أستاذ الاقتصاد الزراعي في جامعة القاهرة، جمال علي، لـ"العربي الجديد"، إن قيمة علميات الفساد والمخالفات التي تمت على الأراضي الزراعية والسكنية والسياحية خلال الأعوام الماضية منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك وحتى عهد الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، تقدّر بنحو 700 مليار جنيه (نحو 90 مليار دولار)، وأضاف أن أبرز هذه المخالفات تمت على أراضي الطريق الصحراوي مصر/إسكندرية الصحراوي (شمال) ومنها قرى الريف الأوروبي والسلمانية وأرض وادي النطرون ومدينة السادات. وأوضح أن مستثمرين حصلوا على الأراضي بأبخس الأثمان، وتم تحويل هذه الأراضي إلى منتجعات سياحية وفلل ومبان سكنية فاخرة.

اقرأ أيضا: اعتقال وزير الزراعة المصري بتهمة الفساد

وأضاف علي أن شركة السلمانية مطالبة بسداد 3 مليارات جنيه فارق سعر الأراضي لم تدفعها حتى الآن، وأن شركة الريف الأوروبي حصلت على 10 آلاف فدان بسعر 50 جنيها للفدان، وهي التي باعت 2500 فدان لرجل الأعمال "أيمن رفعت الجميل" المتهم بالرشوة الآن.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الزراعة، لـ"العربي الجديد"، إن كلمة السر في فساد وزارة الزراعة هي الهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية، وإدارة الملكية والتصرف. وأوضح المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن الثغرة القانونية التي ينفذ من خلالها رجال الأعمال هي تقديم طلب لإثبات وضع اليد، وبعد أن يحصل المستثمر على الطلب والتأشيرات اللازمة يبدأ في بيع الأرض بأضعاف ثمنها.
ورغم أن القانون ينص على عدم حصول الفرد على أكثر من 100 فدان كحد أقصى، وحصول الشركات على 20 ألف فدان بحد أقصى، إلا أنه كان يتم التحايل عليها بأسماء مختلفة. ولفت النظر إلى أن قضية الرشوة الأخيرة كانت ستتم كغيرها من الصفقات الفاسدة، لولا شك موظف صغير في إحدى الإدارات، حيث عطل الإجراءات وأبلغ النيابة.
وأوضح أن وزير الزراعة المستقيل والمحبوس حاليا كان ينفذ تعليمات شبكة كبيرة جدا من المصالح، مشيراً إلى أنه كان أمين الشباب بالحزب الوطني المنحل في القليوبية. وأشار إلى أن بعض الشخصيات التي تتحكم في الوزارة وهيئة التعمير المشاركة في المخالفات تم استبعادها من التحقيقات.
وذكر تقرير لهيئة التعمير أن شركة واحدة استولت على 280 ألف فدان في أربع مناطق متفرقة، بينما استولت 3 شركات كبرى على 300 ألف فدان في العلمين والوادي الجديد وطريقي مصر الإسماعيلية والإسكندرية الصحراويين، ومن بينها شركات تابعة للقطاع الحكومي، وأخرى تعمل في الاستثمار العقاري وتشييد المنتجعات السياحية والسكنية، على الرغم من أن هذه الأراضي كانت مخصصة لأغراض الزراعة، طبقا لخطة الدولة في مجال التوسّع الزراعي.
وأوضح التقرير أن جمعية ضباط الشرطة وضعت يدها على مساحة 5953 فدانا، كما وضع نادى قضاة محافظة البحيرة (شمال) يده على 6 آلاف فدان لا تزال بورًا بالكامل، كما شملت التعديات أيضا مزرعة الجبالي بإجمالي مساحة 12 ألفا و516 فدانا، لم يزرع منها سوى 1232 فدانا.
وكانت وزارة الزراعة بدأت، خلال الفترة الماضية، في تسوية مخالفات بعض الشركات المخالفة، بعد إعادة تسعير الأراضي الزراعية التي تم تحويلها إلى منتجعات سياحية، عبر لجنة حكومية مختصة بتسعير الأراضي، وبالفعل تم منح عقود نهائية لعدد من الشركات، إلا أن هناك عشرات الشركات ما زال موقفها غير قانوني.

اقرأ أيضا: البورصة المصرية تتصدع بعد ملاحقات فساد الأراضي

المساهمون